“أم عاصف”… جبل فلسطيني لم تهزه رياح الاحتلال (قصة صمود)

“أم عاصف”… جبل فلسطيني لم تهزه رياح الاحتلال (قصة صمود)

توفي زوجها بعد سنوات طويلة قاسية من الاعتقال في السجون الإسرائيلية، واستشهد نجلها، وشقيقه محكوم عليه بالسجن المؤبد 4 مرات، وهدم الاحتلال منزلها بعد أن اقتحمته قواته عشرات المرات، إلا أنها ما زالت قوية تزرع في أحفادها حب الأرض وعدم التنازل عن ذرة من تراب فلسطين.

هذا جزء بسيط من حكاية المرأة الفلسطينية سهير البرغوثي (57 عاما) المعروفة بـ “أم عاصف” في بلدتها “كوبر”، إلى الشمال من مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، التي عاشت حياتها تقارع الاحتلال الإسرائيلي.

** الحكاية من البداية

أصل الحكاية التي ترويها “أم عاصف” لمراسل الأناضول، يعود عندما ارتبطت بزوجها الراحل عمر البرغوثي، الذي يعد أحد أبرز قيادات حركة “حماس” في الضفة الغربية المحتلة.

وتقول أم عاصف: “عندما تزوجت عمر تعاهدنا أن نشد أزر بعضنا طوال الحياة، حيث أخبرني أنه يسير في طريق مقاومة الاحتلال، وحياته مليئة بالمفاجآت، من اعتقال وحتى شهادة”.

وتضيف: “عشت مع زوجي عمر 12 عاما متفرقة فيما أمضى بقية حياته معتقلا في السجون الإسرائيلية”.

واعتقلت إسرائيل، عمر البرغوثي أول مرة عام 1978، وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة، بتهمة مشاركته في قتل مستوطن.

لكنه خرج من السجن، في صفقة تبادل للأسرى، بين “الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة”، وإسرائيل في 1985.

وتعرض البرغوثي، للاعتقال عدة مرات لاحقا، وقضى ما مجموعه 30 عاما في السجون الإسرائيلية، وكانت آخر اعتقال في مارس/ آذار 2020، وأفرج عنه في يناير/كانون الثاني الماضي.

وتوفي البرغوثي في مارس الماضي، جراء إصابته بفيروس كورونا.

وتقول عنه زوجته: “كان أبو عاصف ملهما مؤثرا يساعد الصغير والكبير ويحل مشاكل الناس، ورفض المناصب، وتمسك بمقاومة الاحتلال”.

وتضيف: “عاش مجاهدا حتى في مرضه”.

** حياة قاسية

أم عاصف سهرت على تربية 4 ذكور و3 بنات، وزرعت فيهم رغم الصعاب “حب المقاومة والأرض وعزة النفس”.

“مرت سنوات عصيبة دون وجود عمر معنا، ومرت مناسبات عديدة دونه، لكن عشنا هذه السنوات على الأمل، وكان الله يلهمنا الصبر”، تكمل المرأة الفلسطينية.

واعتقال زوجها لم يكن الهم الوحيد في حياة أم عاصف، فهي لم تعد تعرف عدد مرات اقتحام قوات الاحتلال لمنزلها، كما أنها تعرضت للاعتقال عام 2018، عقب تنفيذ نجليها عاصم وصالح، عملية إطلاق نار على مستوطنين قرب مدينة رام الله.

وقتل الجيش الإسرائيلي نجلها صالح في ديسمبر/ كانون الأول 2018، فيما اعتقل عاصم مطلع يناير 2019، وحكم عليه بالسجن المؤبد أربع مرات.

وتشير أم عاصف إلى حفيدها عمر (17 عاما) الذي يحمل اسم زوجها، قائلة “كلهم تربوا على حب الوطن لله الحمد قدمنا الشهيد والأسير”.

وعقب استشهاد نجلها واعتقال شقيقه، هدمت السلطات الإسرائيلية منزليهما، وتقول أم عاصف “والله لم نتأثر بذلك، المال يعوض، وفداء لهم”.

وتضيف: “يهدمون الحجارة لكنهم لن يهدموا عزيمتنا”.

** فصول من التحقيق

وتحكي أم عاصف فصولا من التحقيق الميداني الإسرائيلي التي عاشتها أكثر من مرة خلال سنوات حياتها.

وتقول: “عقب اغتيال صالح اقتحمت القوات الإسرائيلية منزلي، وحقق معي أحد الضباط قائلا: قتلنا صالح، فأجبته: أنتم سبب في وفاته، عمره انتهى وارتقى شهيدا بأمر الله، ولو خيرتموني بين اعتقاله واستشهاده لاخترت شهادته”.

وتضيف “جن الضابط، وقال لي: تتمنين قتل ابنك؟ قلت له: أتمناه شهيدا، هو من أراد ذلك وقد نالها”.

وتتابع: “كثيرا ما كان كلامي يغضب الضباط، لم أشعر بأية مخاوف، لله الحمد نزع من صدري الخوف والرهبة، حتى في كثير من المرات كنت أشعر بالخوف في عيون الجيش الإسرائيلي خلال عمليات اقتحام المنزل”.

وتعيش أم عاصف اليوم، مع زوجة نجلها صالح، في منزلها الواقع ببلدة “كوبر”، تقول إنها لم تأسف على ما قدمته عائلتها، وتتمنى لو أنجبت عشرة كعاصم وصالح.

وعن الدافع تقول: “لو كل سيدة وكل رجل جلس في بيته لما بقي هناك شيء اسمه فلسطين، المقاومة والدفاع عن الأرض والعرض والمقدسات واجب وطني وديني”.

أمضت أم عاصف حياتها متنقلة بين السجون الإسرائيلية، لزيارة زوجها عمر، ونجلها عاصم، وشقيقها فخري البرغوثي، الذي اعتقل 30 عاما.

وتخاطب البرغوثي السيدات الفلسطينيات قائلة “كل سيدة تقدم شهيدا أو معتقلا، مصطفاة من الله دون غيرها، لا تحزن ولا تهن”.​​​​​​​

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: