في الحروب تُعلق الآمال على القادة والجنود وقوة صبرهم وتحملهم، وأشد ما يخيف هو أن تفَت قوة العدو من عزيمتهم وتدفعهم نحو الوهن والاستسلام، وهذه اخطر اللحظات التي قد تواجه أي شعب أو أمة، والحرب لم تعد تقتصر على الشكل التقليدي بل أصبحت اقتصادية أو إلكترونية أو طبية، وما أقصده الأن هو الحرب في مواجهة فيروس خطير أعني كورونا.
والآن نحن نواجه مع العالم حرب ضروس في مواجهته، لم تقتصر تأثيراته علينا بل طالت العالم بأسره وتركت سيلاً من الضحايا، وللأمانة لم ألحظ حالة هروب أو جبن في مواجهة هذا الفيروس على مستوى العالم، وبذلت الكوادر الطبية أطباء، ممرضين أرواحهم في سبيل المرضى، ولم تسجل حالات هروب أو رفض للانخراط في العمل برغم حجم التضحيات الهائل الذي بذلوه.
لكن ما دعا للدهشة في بلدنا هو بداية الدعوة من قبل بعض الأطباء بإغلاق عياداتهم والتوقف عن استقبال المرضى خوفاً من الإصابة بهذا المرض، كما ان البعض الآخر طلب معايير معينة لا يمكن تنفيذها قبل مشاهدة المرضى، وآخرين خرجوا مولولين على مواقع التواصل الاجتماعي، السؤال أيعقل ان ننتصر في حرب وفينا كهؤلاء؟ أيحق للقادة والجنود الانسحاب من أرض المعركة خوفاً من الموت؟ ألا يحاسب أي قائد أو جندي ميدانياً لو فعل ذلك؟ اذاً لماذا هنا تنتشر دعواتهم بدون أي رادع أو حسيب.
فبعد ان اكتشفنا كم أدى التقصير الحكومي وغياب الرؤية والاستراتيجية الواضحة في المواجهة لنتائج كارثية، بل كشفنا كم هي هشة مؤسساتنا لدرجة أننا صحونا على واقع يشير إلى تهشم فعلي في البنية المؤسساتية لقطاعاتنا كافة والصحة واحد منها، فهل يفقدنا هؤلاء الأمل في التعويل على العنصر البشري الذي طالما تغنينا به ومجدناه على انه هو الثروة الحقيقية التي نمتلكها في مواجهة فقر الموارد وشحها، أيفقدنا هؤلاء المعركة بجبنهم وهروبهم؟
بدون شك هم قلة قليلة لا يمثلون إلا أنفسهم فالقطاع الطبي في بلدنا صامد ومقاتل حتى الانتصار، لكن هؤلاء القلة يجب بترهم بمحاسبتهم.
(البوصلة)