اتفاق وشيك مع الاحتلال.. كيف يسير ملف التطبيع في السودان؟

اتفاق وشيك مع الاحتلال.. كيف يسير ملف التطبيع في السودان؟

علم السودان

يوشك قطار التطبيع بين السودان والاحتلال الإسرائيلي على بلوغ محطته الأخيرة بعد ترحيب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالتصريحات المنسوبة للخارجية السودانية التي تؤكد وجود اتصالات متبادلة وتتطلع للسلام مع إسرائيل.

وقال نتنياهو إن التصريحات تعكس القرار الشجاع الذي اتخذه رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان والذي دعا للعمل على تعزيز العلاقات بين البلدين، مضيفا أن إسرائيل والسودان والمنطقة بأسرها ستربح من اتفاقية السلام ومن شأنها أن تبني مستقبلا أفضل لجميع شعوب المنطقة، وأكد أن إسرائيل ستقوم بكل ما يلزم من أجل تطبيق هذه الرؤية على أرض الواقع.

وكان المتحدث باسم الخارجية السودانية حيدر بدوي صادق أعلن أن الاتصالاتِ قائمة بين بلاده وإسرائيل من أجل تطبيع العلاقات حتى قبل الإعلان عن اتفاق التطبيع بين الإمارات وإسرائيل.

وأضاف في مؤتمر صحفي أنه في حال توقيع ِاتفاق سلام فإن السودان سيكون أهم بلد تطبع معه إسرائيل، وقال إن بلاده تطمح إلى تطبيع قائم على مكاسب للجميع بما في ذلك السعودية.

حوار في الخفاء
وتؤكد التصريحات السودانية والإسرائيلية على وجود حوار بين البلدين يجري في الخفاء تمسك بأطرافه شخصيات غير معروفة في الحكومة السودانية بعد وفاة عرابة التطبيع نجوى قدح الدم في مايو/أيار الماضي، بحسب مراقبين سودانيين.

واللافت أن ملف التطبيع بين الخرطوم وتل أبيب ما زالت خيوطه تدار خارج وزارة الخارجية السودانية على الرغم من توصية بإحالة الملف للخارجية إثر أزمة داخلية تسبب فيها لقاء رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعنتيبي الأوغندية في فبراير/شباط الماضي، بسبب ما اعتبرته الحكومة السودانية عدم إطلاعها المسبق باللقاء.

ويحاط ملف التطبيع بحرج بالغ مع وجود أصوات تسانده جهرا، وطبقا لدبلوماسي في الخارجية السودانية فإن الوزارة خالية حتى الآن من أي إدارة مختصة بإسرائيل.

ويقول الدبلوماسي للجزيرة نت إن هناك إدارات في وزارة الخارجية مثل الإدارة العربية والأفريقية والأوروبية والآسيوية والأميركتين، دون استحداث أي دائرة تعنى بالتطبيع مع إسرائيل.

سياسة الصمت
وظلت الراحلة نجوى قدح الدم تدير في صمت ملف التطبيع إبان حقبتي البشير والبرهان كسفيرة في القصر الرئاسي قبل أن تلقى حتفها متأثرة بجائحة كورونا.

ويعتبر الصحفي عمار عوض سماح السلطات السودانية بوصول طائرة إسرائيلية على متنها طاقم طبي لإسعاف قدح الدم مؤشرا على اتصال وحوار ما بين البلدين.

ويشير إلى أن ما نقلته هيئة البث الإسرائيلي عن وزير الاستخبارات الإسرائيلي إيلى كوهين بشأن توقيع اتفاقية سلام بين الخرطوم وتل أبيب قبل نهاية العام الجاري يدل على أن الحوار لم ينقطع بوفاة قدح الدم وثمة شخصية سودانية أخرى تمسك بالملف.

وكانت الهيئة قد أفادت بأن الاتصالات بين البلدين مستمرة، كما أن بعثات من الطرفين تواصل الاستعدادات على قدم وساق للتوصل إلى هذا الاتفاق.

واعتبر عوض أن عبور أول طائرة إسرائيلية قادمة من الأرجنتين دليل آخر على عملية حوار متصلة ربما تسفر عن اتفاق يقنن لعبور الطيران التجاري الإسرائيلي أجواء السودان.

مقابل التطبيع
ويتفق عمار عوض والصحفي شوقي عبد العظيم -وهما على صلة وثيقة بصناع القرار في الحكومة الانتقالية- أن ثمة تطورا  مهما سيحدث في ملف علاقات السودان وإسرائيل قبل نهاية العام الجاري مصحوبا برفع اسم السودان من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب.

ويقول شوقي عبد العظيم إن رفع العقوبات الأميركية عن السودان ربما يكون في غضون أسابيع بعدها سيكون الطريق ممهدا لتطبيع العلاقات مع إسرائيل.

ويؤكد أن مجلس السيادة كان قد بادر بإعادة ملف التطبيع لوزارة الخارجية بعد لقاء البرهان ونتنياهو، لكن جمودا طرأ على الملف لعدم إقدام تل أبيب على خطوة تقابل قرار البرهان بلقاء نتنياهو.

ويعزو جمود الملف لعامل التوقيت الخاص بالانتخابات الإسرائيلية فضلا عن قلة المعلومات التي تحتاجها وزارة الخارجية السودانية للإمساك بالملف الذي بدأ خارج أروقتها.

جبهة الرفض
وتتسع جبهة الرفض للتطبيع مع إسرائيل بين القوى السياسية السودانية، يسارا ويمينا، على الرغم من وجود أصوات عرفت بمساندتها للتطبيع من باب المصالح الوطنية.

وبحسب محمد وداعة القيادي في حزب البعث السوداني وتحالف قوى الحرية والتغيير، فإن “التطبيع بين الخرطوم وتل أبيب أصبح واردا ويتم في الظلام”.

ويحذر وداعة في حديث مع الجزيرة نت الأطراف السودانية من الانجرار لما يسميها “فخاخا” خاصة أن الإمارات ستمارس ضغوطا على الدول التي لم تطبّع.

ويقول إن الواضح تماما أن صفقة القرن متدحرجة ككرة ثلج يزداد حجمها، ودول عربية تتهافت مقابل وعد إسرائيل بالاستثمارات بينما دول عربية فقيرة من بينها السودان في أمسّ الحاجة لهذه الاستثمارات.

ويتابع “السودان انتظر الدعم السعودي والإماراتي وأدار ظهره لمحاور إقليمية كانت تدعمه، والآن يدفع في فواتير بلا مقابل”.

ويتساءل “ما مصلحة السودان في إقامة علاقة مع إسرائيل؟ الإدارة الأميركية هي من تقرر رفع العقوبات وليس اللوبي اليهودي.. العراق الآن خاضع لأميركا ويحتل قصوره عملاؤها، وما زال العراق خاضعا للعقوبات الأميركية”.

لا تفويض
ويرى محمد وداعة أن موضوعا خطيرا كالتطبيع مع إسرائيل يفترض أن يتم بإرادة شعبية، لأن السودانيين لن يقبلوا بأن تتخذ حكومة غير مفوضة مثل هذه الخطوة التي ستضعنا في محك خطير.

في السياق ذاته، يقول محمد بدر الدين مسؤول العلاقات الخارجية بحزب المؤتمر الشعبي إن الحكومة الانتقالية ليس لديها تفويض للتطبيع مع إسرائيل لكن يبدو أن الأمر يمضي في الخفاء وما بدا للعلن أظهرته إسرائيل لمكاسب سياسية.

ويؤكد بدر الدين للجزيرة نت أن الشق المدني في الحكومة السودانية يتعرض لضغوط في اتجاه التطبيع مع إسرائيل ويعي أن الخطوة لن تجد القبول في الشارع، لكن ربما بعض الحركات المسلحة تؤيد التطبيع.

وبشأن ما إذا كانت الحكومة السودانية ستصل لمرحلة التطبيع يقول القيادي في المؤتمر الشعبي “سواء سارت الحكومة في هذا الاتجاه أو تخلت عنه هناك أشياء كثيرة في الخفاء. أرجح أنها ستنضم لقطيع المطبعين”.

بيد أن الصحفي شوقي عبد العظيم يشير إلى أن لدى الحكومة الانتقالية تفويضا للتطبيع مع إسرائيل من واقع مسؤوليتها تجاه إعادة تأسيس الأوضاع الشائهة بعودة السودان للمجتمع الدولي ورفع العقوبات وتحسين الاقتصاد.

ولا يرى عبد العظيم أي حرج لدى الحكومة في التطبيع، لأنه لا يعني بيع القضية الفلسطينية القائمة أصلا على الحوار منذ اتفاقية كامب ديفيد. (الجزيرة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: