مهنا الحبيل
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

استراتيجية حماية النصر الفلسطيني المرحلي

مهنا الحبيل
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

أهم ما يجب أن ينصبّ التفكير عليه اليوم هو إعادة قراءة مسرح العمليات في مواجهة العدوان على فلسطين بالعموم، وغزة بالخصوص، منذ انتفاضه القدس والجهاد المدني الذي خاضه المقدسيون، وذلك الاندماج غير المسبوق مع فلسطين الداخل، وامتداده في الضفة الغربية وفلسطينيي المهجر، ومن خلفهم الدعم العربي والإسلامي والإنساني العالمي. والمركز هنا قدرة الوحدة الوطنية الفلسطينية في إحداث الفرق، على الأرض والتفافها حول المقاومة، بغض النظر عن الخلافات الفكرية، أو تقديرات مساحة المواجهة الميدانية، فكلتا القوتين ضرورةٌ طبيعيةٌ مهمةٌ للغاية للبقاء لصالح فلسطين وحلم التحرير الممكن، كما أنها قوةٌ مدافعةٌ فعّالة لردع المشروع الصهيوني في تهويد القدس وابتلاع فلسطين، وهو الهدف الذي تعرّض لهزيمة ثقيلة للغاية، في مركزه في تل أبيب وفي جذوره الغربية الداعمة، وفي حلف الصهاينة العرب الحديث.

إذن، هنا إعادة تقييم إنجازات النصر ومواضع الضعف، والعمل على تقليص كل مساحةٍ ممكنةٍ من دماء الضحايا، يقابله أيضاً الإدراك الضروري بأن العدو وحلفاءه لن تهدأ حربهم، وسيعملون على إعادة تدويرها، سواء بالخنق الممنهج من جديد، مع تحديث وسائط الحصار العربي الإسرائيلي، أو من خلال جرّ غزّة إلى مواجهة عسكرية جديدة، تسعى إلى تعويض الانتكاسة الكبرى لآلة الحرب الصهيونية، وهذا لا يُقلّل أبداً من قدرات التقدّم النوعي للمقاومة، وشخصية القائد الأسطوري لها، محمد الضيف، ولكن لفهم أن تلك الترسانة أُعدّ لها في وقت أخذ مساحته، وفاجأ العدو بقدراته. ولذلك تبرز هنا أهمية توزيع مراحل المواجهة مع مشروع الكيان الصهيوني من جديد، لتحافظ فلسطين الأرض، ومركزية القدس فيها، على موقع المدافعة المتقدّمة، والبناء عليه، وعدم إعطاء فرصةٍ لاختراقه، وإعادته إلى نقطة الضغط خلال عُهدة ترامب التي سعت خائبةً إلى تصفية القضية الفلسطينية. وهنا نعود إلى جرد القدرات الأخرى التي ساعدت في تحقيق هذا النصر المرحلي، من دون أن يُقلل ذلك من عظم التضحيات وآلامها لأهالي الشهداء.

لقد أتيح للمقاومة خط دبلوماسي إيجابي ناجح، مثّل فيه التعاون المصري القطري بوابةً مختلفة، وهو ما يطرح سؤال استغرابٍ كبير، فالدوحة، بوصفها حليفا مقرّبا من غزة وصديقا للمقاومة، كان لها جهدها منذ عدوان 2008 – 2009 . ولكن ماذا عن القاهرة الجديدة، كيف اتفق الطرفان على دعم موقف المقاومة، حتى ولو كان وقف العدوان اضطراريا لتل أبيب من دون ضمان لحماية القدس. ولكن لحظة وقف العدوان كانت بالفعل رسالة هزيمة لتل أبيب، فما الذي اختلف في موقف القاهرة الأكثر عداءً كما يفترض، من مصر حسني مبارك وأحمد أبو الغيط؟ يحتاج فهم هذا التطوّر، قبل أي شيء، عودة إلى العقيدة الإستراتيجية للجيش المصري، وهو ما يُشكّكُ فيه بسبب قوة ارتهان المؤسسة العسكرية بالفكرة القمعية ضد شعب مصر، وبتنظيم علاقتها بالمركز الدولي والحلف الإسرائيلي بعد “كامب ديفيد”، فلماذا لم تتطور فكرة عداء غزّة، في ذروة مصلحة القاهرة مع إمارة أبوظبي التي استمرّت في إعلان عدائها الشعب الفلسطيني حتى وقت الحرب أخيرا، وكانت البيانات الرسمية الملتوية متماهيةً مع تغريدات المقرّبين من قرار الحكم؟

يجب أن يتم التذكير أولاً بأنهُ لا يُمكن أن تقارَن مصر بأي دولة خليجية أخرى. وأقصى براغماتية للمؤسسة العسكرية التي تستفيد في فسادها، أو في دعم إرهابها ضد الشعب المصري، ستظل تنظر من زاوية تصغير مستحقّة، لهذه المراكز الخليجية التي تحاول الهيمنة على قرارها الإستراتيجي، حتى ولو كان تنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسي نفسه، تم عبر أموال نفطها ودعهما السياسي الضخم.

يدرك قادة الجيش المصري تماماً أن إخراجهم من لعبة النفوذ التاريخية على غزّة، والتأثير على معادلة الصراع، هو تهميش يضرّ بهم في فترتهم، فضلاً عن خسارة مصر الإستراتيجية. وعليه، تم تقدير الأمر بعد أن أعادت “حماس” تنظيم موقفها مع مصر، منذ الانقلاب على الرئيس المنتخب المخلص لفلسطين، الشهيد محمد مرسي، فقواعد اللعبة هنا اضطرارية، لا بد لحركة حماس من التعامل معها، فهنا حسابات الجيش المصري تحولت إلى سؤال مهم: لماذا لا تستفيد القاهرة من المعركة بترك مساحة التقدّم لغزّة مفتوحة، وبعث رسالة قوية إلى التنسيق الإسرائيلي الظبياني، والسعودي المتردّد، بأن مصر هي القوة المؤثرة في معادلة الصراع، وليس أي طرفٍ آخر، ثم اُتبع ذلك السماح بحفنة تبرّعات باسم السيسي، وصلت إلى غزة مصحوبةً بحفلة تصفيق.

نتعامل هنا مع صورة واقعية، نرى فيها، على الرغم من كل هذا التزييف في المشاعر مدخلاً إيجابياً مهماً لإسناد مرحلة النصر الحالي، ونرى سياسة “حماس” ناجحة في ذلك، كما أن قرار الدوحة تدشين نموذج التعاطي الجديد مع المصريين، في ملف غزّة، هو من صالحها، أي قطر، باعتبارها دولة تسعى إلى تنظيم توازنها الجديد في بحر الجيوسياسة المتلاطم حولها، وهو أيضا من صالح فلسطين التي تعتمد الدوحة، دوماً، على تقديمها قضية التزام لسياساتها الخارجية، الموجهة إلى العرب وللمسلمين. وعليه، كان هذا التوازن الذي اضطرّت أن تتعامل معه تل أبيب كارهةً، بسبب ما تمثله مصر من معادلة توازن، لكن قبل ذلك ما حققه الفلسطينيون على الأرض، ورأت القاهرة أن تستفيد منه، في ظل التقاطر الغربي والأميركي عليها، لتكون قنطرة التواصل وحسم اتفاق وقف العدوان، وخصوصا بعد اهتمام الرئيس بايدن الذي سعى إلى التخلص من آثار الحرب الإسرائيلية لتزايد تكاليفها عليه.

هذه الحسابات محتملة التغيير، كما أن محاولة تقويض قوة الوحدة الفلسطينية من الداخل، والولوج إلى صراع داخلي، بدلاً من الحرب، يَتبنّى فيه طرف عربي دعم قوة تمرّد، هو مخرجٌ تفكّر فيه المركزية الصهيونية مع حلفائها الجدد في بعض الخليج. ولذلك من المهم أن تَضبط المقاومة علاقتها وحركتها الميدانية، وسياستها مع سلطة رام الله المهترئة، لتبقى دحرجة النصر قائمة، بعد لوحة الوحدة العربية الفلسطينية الملهمة.

(العربي الجديد)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts