الأسيرات الحوامل بسجون الاحتلال.. ألم مضاعف وولادة بالظلام

الأسيرات الحوامل بسجون الاحتلال.. ألم مضاعف وولادة بالظلام

الأسيرات الحوامل بسجون الاحتلال.. ألم مضاعف وولادة بالظلام

في ظروف غير آدمية، ومكان يفتقر إلى أدنى المقومات الإنسانية والصحية، تنتظر أسيرة فلسطينية وضع مولودها الثاني، الذي ترعرع في ظلمات السجون الإسرائيلية. 

ولادة في الظلام

وعلى مر تاريخ القضية الفلسطينية، فإن 12 أسيرة تقريبا أنجبن خلال فترة اعتقالهن داخل سجون الاحتلال، في ظروف قاهرة وغير إنسانية ولاصحية.

واعتقلت قوات الاحتلال الأسيرة أنهار سامي (الحجة) الديك (26 عاما) من سكان رام الله بتاريخ 8 آذار/ مارس 2021، وهي أم لطفلة، وكانت حاملا، ورغم ذلك فإنها “لم تتم مراعاة وضعها بل زجها الاحتلال في ظروف قاسية وصعبة”، وقبل أيام قليلة، بعثت برسالة مؤثرة تشكو فيها آلام الاعتقال، وتبين مخاوفها من الولادة في ظروف غير طبيعية وغير إنسانية. 

وللوقوف على تفاصيل المعاناة المركبة التي تعيشها الأسيرة الحامل داخل سجون الاحتلال، تواصلت “عربي21” مع ثائر الحجة من سكان رام الله، وهو زوج الأسيرة “أنهار”، الذي بدت عليه علامات القلق الشديد على زوجته الحامل، وطفله الذي لم ير نور الحياة بعد.

وأوضح أن قوات الاحتلال اعتقلت زوجته وهي حامل في بداية شهرها الرابع من بلدة “كفر نعمة” غربي رام الله، ولم يسمح له بزيارتها إلا مرة واحدة وبعدها تم منعه، كما أن طفلتهما جواليا البالغة من العمر 22 شهرا، لم تر أمها منذ اعتقالها، لافتا إلى أن الاحتلال وجه لزوجته تهمة “محاولة الاعتداء” ولم تتم محاكمتها بعد.

وأعرب في حديثه لـ”عربي21″، عن سعادته الغامرة حينما تأكد من حمل زوجته بطفله الثاني وقال: “كنا سعدا جدا أنا وزوجتي، لكن للأسف فإن فرحتنا لم تكتمل”، ومن هنا بدأ الزوج بمشاركة زوجته الأسيرة في رسم أحلامه وآماله مع زوجته في التحضير لمولوده القادم، الذي كشف لـ”عربي21” أنه ذكر، وتم اختيار اسم “علاء” له، وتحديد مكان الولادة لضمان رعاية صحية جيدة للأم وجنينها في ظل تفشي وباء كورونا، إضافة للتحضير من أجل “السبوع” المولد ولمة العائلة للمباركة.

هذه الأحلام البريئة، تبخرت بفعل انتهاكات سلطات الاحتلال، ولفت إلى أن لديه “شعورا سيئا وصعبا.. أمر به كل ليلة ولا أعرف النوم منه، خوفا على زوجتي التي ستلد طفلها في السجن، في ظروف سيئة وغير صحية”، موضحا أن زوجته أنهار، أنجبت طفلتها الأولى جوليا عبر الولادة القيصرية في مستشفى العربي برام الله، وهذا يضع الأم الحامل أمام احتمالين لوالدتها؛ إما أن تكون طبيعة أو قيصرية. 

خوف وقلق وترقب

ونبه إلى أن خوفه على زوجته وجنينها “كبير جدا، في ظل غياب الجو العائلي، والرعاية الصحية المطلوبة”، مضيفا أن “ولادة المرأة في الأجواء الطبيعة وهي بين أسرتها صعب للغاية، فما بالك عندما تكون وحدها دخل السجن الإسرائيلي، الذي يفتقد أدنى المقومات الإنسانية والرعاية الصحية”.

ولم يتمكن الأب الفلسطيني من إخفاء مخاوفه الكبيرة على زوجته الأسيرة التي يتوقع أن تلد خلال الأيام القليلة القادمة، مطالبا الجميع بالضغط على الاحتلال من أجل إطلاق سراح زوجته، كي تتمكن من الولادة خارج المعتقل الإسرائيلي. 

الأسيرة المحررة سمر صبيح (38 عاما)، من سكان غزة، والتي وضعت مولودها الأول “براء” في الـ2006 خلال فترة اعتقالها، حيث اعتقلت وهي حامل في بداية شهرها الثاني، قالت: “وضعت في أقبية التحقيق تحت الأرض، لا هواء ولا شمس، وما يقدم لنا من طعام – الكم والنوع – لا يصلح للمرأة الحامل”. 

وأكدت في حديثها لـ”عربي21″، أن “المرأة الحامل داخل السجن، تعامل كباقي الأسرى؛ تشبح من أيديها ورجليها إلى الخلف، تضرب، تسمع كلمات بذيئة، تحرم من النوم لساعات طويلة، ولا يقدم لها أي نوع من الأدوية والمقويات الضرورية لجسمها”.


وأضافت صبيح التي كانت تقبع في سجن “هشارون”: “بعد انتهاء التحقيق، تنقل الأسيرة الحامل إلى غرفة ضيقة، بها قوارض وصراصير”، منوهة إلى أنه “لا يسمح للمرأة الحامل، بساعات زيادة خلال الفورة، كي تتمكن من الولادة الطبيعة، وهذا ما تسبب لي في ولادة قيصرية”. 

شبح وتعذيب الحوامل 

وعند اقتراب موعد الولادة، ذكرت المحررة أنه تم اقتيادها وهي مكبلة اليدين والقدمين، إلى مستشفى “مئير” في منطقة “كفار سابا”، وفي داخل غرفة العمليات، “تم تقييد رجلي ويدي في السرير، وأنا في المخاض”، منوهة إلى أن “سلطات سجون الاحتلال، بعد مضي عامين على الطفل، تقوم بنزعه من أمه وإخراجه لأهله خارج السجن، بحيث تكمل الأسيرة فترة حكمها وحدها دون طفلها، ما يدخلها في وضع نفسي صعب للغاية”. 

بدوره، أوضح الأسير المحرر، رئيس وحدة التوثيق في هيئة شؤون الأسرى، عبد الناصر فروانة، أن “الأسيرة الحامل عندما تعتقل في البداية، لا يتم مراعاة ظروفها الصحية والنفسية ويتم تعذيبها، وتتنقل مكبلة الأيدي ومحاطة بمجندات مدججات بالسلاح، وتبقى مكبلة حتى على سرير المستشفى، ولا يرفع قيدها إلا قبل دقائق من الولادة، ومن ثم يعاد تكبيلها، دون مراعاة لحالتها الصحية الصعبة، حيث تكون في أضعف حالاتها”.

ونبه في حديثه لـ”عربي21″، إلى أن “الحمل، لا يشفع للفلسطينية المعتقلة في التنكيل والتعذيب، ما تسبب لبعض الأسيرات الحوامل بالإجهاض”، مؤكدا أن سلطات الاحتلال لا تقدم الرعاية الطبية اللازمة للأسيرات وخاصة الحوامل، اللواتي هن بحاجة إلى متابعة دائمة ومقويات وتغذية خاصة”.

وأفاد فروانة، بأن “الأطباء في المستشفيات المدنية، أثناء عملية الولادة، يخضعون للأوامر الأمنية، وهذا يؤثر على الرعاية الصحية التي يمكن أن تقدم للأسيرة الحامل وطفلها حديث الولادة، موضحا أن قرابة الـ12 أسيرة أنجبن داخل سجون الاحتلال؛ منهن: فاطمة الزق، عائشة الكرد، زكية شموط، انتصار القاق، ميرفت طه، سمر صبيح، أميمة الآغا، سميحة تايه، منال غانم.

وعن وضع المواليد داخل سجون الاحتلال، ذكر فروانة، أن “حديثي الولادة بحسب القانون الإسرائيلي، يحتجزون مع أمهاتهم داخل السجون في ظروف سيئة للغاية وغير إنسانية مدة عامين، بعدها تتم عملية الفصل القصري”. 

أمهات أسيرات

وفي ذات السياق، أكد نادي الأسير الفلسطيني، استمرار اعتقال الاحتلال 11 أما فلسطينية في سجونه، من بين 40 أسيرة تقبع غالبيتهن في سجن “الدامون”، و”يحرمن من أطفالهن، إضافة إلى ظروف الاحتجاز القاسية التي تواجهها الأسيرات بما في السجن من تفاصيل كثيفة تتمثل كلها في إجراءات تنكيلية ممنهجة”.

وأوضح في تقرير له وصل “عربي21” نسخة عنه، أن “إدارة سجون الاحتلال، تحرم أطفال وأبناء الأسيرات الأمهات من الزيارات المفتوحة، ومن تمكينهن من احتضان أطفالهن وأبنائهن، وتضاعف الحرمان، جراء عدم انتظام الزيارات”. 

وتقضي مجموعة من الأمهات الأسيرات، أحكاما بالسجن لسنوات، وهن: الأسيرة إسراء جعابيص المحكومة بالسجن 11 عاما، وفدوى حمادة وأماني الحشيم اللتين تقضيان حكما بالسّجن لمدة عشر سنوات، ونسرين حسن لمدة ست سنوات، والأسيرة إيناس عصافرة لـ30 شهرا، وخالدة جرار لسنتين، وإيمان الأعور لـ22 شهرا. 

ونبه النادي، إلى أنه “رغم المحاولات القانونية التي تجرى حتى اليوم، فإن سلطات الاحتلال تواصل اعتقال الديك رغم اقتراب موعد ولادتها، دون أدنى اعتبار لخصوصية حالتها”. 


وعن ظروف الأسيرات، أكد أنهن “يتعرض لكافة أنواع التنكيل والتعذيب التي تنتهجها سلطات الاحتلال بحق المعتقلين الفلسطينيين، بدءا من عمليات الاعتقال من المنازل فجرا وحتى النقل إلى مراكز التوقيف والتحقيق، ولاحقا احتجازهن في السجون وإبعادهن عن أبنائهن وبناتهن لمدة طويلة”. 

ولفت نادي الأسير، إلى أن اعتقال النساء “تصاعد بشكل ملحوظ منذ 2015، وبلغ عدد الأسيرات اللواتي تم اعتقالهن منذ عام 2015 أكثر من ألف أسيرة، كان من بينهن أمهات أسرى وشهداء، وفتيات قاصرات، خاصة من مدينة القدس المحتلة”. 

يذكر، أن الأسيرة الراحلة زكية شموط، من سكان مدينة حيفا، التي اعتقلت عام 1971، كانت أول أسيرة فلسطينية تلد داخل السجون الإسرائيلية، وكانت حاملا في شهرها السادس وتعرضت لتعذيب قاسٍ وصعقات كهربائية، وحكم عليها بالسجن مدة 1188 عاما. 

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: