الاعتداءات على الكوادر التعليمية تتفاقم خلال 2019.. ما الحل؟

الاعتداءات على الكوادر التعليمية تتفاقم خلال 2019.. ما الحل؟

عمان – رائد الحساسنة

أكد المركز الوطني لحقوق الإنسان في تقريره الصادر مؤخراً عن حالة حقوق الإنسان في الأردن للعام 2018 أنه رصد أكثر من مائة حالة اعتداء موثقة على الكوادر التعليمية خلال العام 2018 وقدم عددًا من التوصيات للحكومة وللمعلمين للحد من هذه المشكلة، فيما تؤكد نقابة المعلمين الأردنيين أن عدد الاعتداءات على الكوادر التعليمية تفاقم خلال العام 2019 في ظل عجز التشريعات والتعليمات عن حماية المعلمين وغيرهم من الموظفين العموميين.

وقال الناطق الرسمي باسم نقابة المعلمين نور الدين نديم، في تصريحات لـ”البوصلة” لتسليط الضوء على هذه المشكلة، إن حالات الاعتداء التي وثقها تقرير المركز الوطني لحقوق الإنسان هي فقط الحالات التي سجلتها المراكز الأمنية وتم التنسيب فيها بشكل رسمي، لكن فعليًا حالات الاعتداء تجاوزت خمسة أضعاف الرقم المذكور في التقرير، وهي تتعلق فقط بالنسبة لموضوع الاعتداءات الصارخة، وليس الاعتداء اللفظي أو المعنوي أو ما تتعرض له الكوادر التعليمية من ضغوط نفسية بسبب الانتهاكات التي تمارس بحقهم.

غياب التشريعات الفاعلية يكرس المشكلة

ونوه نديم إلى أن ما قدمه المركز الوطني من توصيات يتعلق بالجانب الفني وما يتعلق بتطوير العملية التعليمية ودوره في تخفيف حدة الاعتداءات، لكن فعليًا الواقع يخضع لثقافة المجتمع والتشريعات الناظمة العاجزة عن تقديم الأمن والحماية للموظف العام والعاجزة عن تكريس الثقة بين الجمهور وأن كل فرد يمكنه أخذ حقه بالوسائل القانونية في دولة القانون والمؤسسات ولذلك هو يلجأ إلى استخدام الوسائل الأخرى لأنه يأتي له بحقه من وجهة نظره.

وتابع حديثه، بالإضافة إلى تكريس غياب تفعيل دور القانون مقابل “فنجان القهوة” الذي ينهي أي مشكلة عبر هذه الوصفة، التي يمكن أن يكون لها إيجابية في جانب منع امتداد أي مشكلة إلى خارج نطاقها الطبيعي، ولكنه في الوقت ذاته لا يكون على حساب الحقوق.

وقال إن المعلم المعتدى عليه يتعرض في الغالب إلى الضغط العشائري والقبلي والمجتمعي ولا يستطيع المعلم عندما تأتيه وجوه العشائر وتضع له فنجان القهوة لا يستطيع إلا أن يتنازل؛ لكن هنا يأتي دور التشريعات وأنه بغض النظر تنازل المعلم أو لم يتنازل يفترض أن تكون التشريعات تحفظ الحق العام للمؤسسة التعليمية التي يتم الاعتداء عليها حتى لو تنازل المعلم عن حقه الشخصي.

واستدرك، لكن يجب معاقبة كل من يقتحم مؤسسة تعليمية ويقوم بإيذائها لفظيًا، وما له من انعكاسات على السلوك التربوي لم سمعه الطلاب يجب أن تعاقب عليه وتحاسب وفق القانون.

وقال نديم: نحن نترك الكرة في ملعب المعلم “إنت إشكي”، وعندما يشتكي المعلم تصبح شكوى شخصية وفي القانون تصبح شكوى مقابل شكوى من الطرف الآخر، وحدث بالأمس مشكلة في مدرسة صخرة بعجلون الثانوية وهاجموا المدرسة وكسروا وشتموا ثم ذهب المعتدون وقدموا شكوى بحق المدرسة، فالمركز الأمني يعتبر أن الشكوى وقعت بين مواطنين بغض النظر إن كان معلمًا أو غير ذلك، وبالتالي يكون الإجراء القانوني توقيف الطرفين وتحويلهم للمدعي العام، وإن كان من تعاون يتم تكفيل الطرفين.

وتابع، أن المعتدي والمعتدى عليه يضطرون للقبول بالتكفيل حتى يستطيعوا الخروج، أو وضع الطرفين بالنظارة ذاتها، متسائلاً: من يكرس هذه الثقافة، ومن يصنعها، ألا يجب أن يكون هناك تشريعات حقيقية ناظمة لتكريس ثقافة القانون وسيادة القانون وأمن وحماية المؤسسات العامة والموظف العام أثناء تأديته وظيفته.

الربع الأول من 2019: ارتفاع ملحوظ للاعتداءات

وأكد نور الدين نديم لـ “البوصلة” أن الاعتداءات على الكوادر التعليمية في الربع الأخير من 2018 والربع الأول من عام 2019 ارتفعت بشكل حاد وواضح، وهذه الحالات إن لم تسجل قانونا عبر المراكز الأمنية؛ لكنها أوجدت سياقات أخرى بعدم اللجوء للمركز الأمني وأخذ الناس لحقها بيدها، وهذا أمر خطير جدًا في المؤسسات التعليمية.

وعبر عن أسفه لأن عمليات التجييش والشيطنة التي تمّت ضد المعلمين وضد المؤسسة التعليمية خلال الإضراب الماضي ضاعف حالات الاعتداء أضعافًا كثيرة تعدت الرقم الذي سجلناه في الربع الأخير من 2018.

ونوه نديم إلى أن موضوع الإضراب والشيطنة والتجييش جعل أكثر من 60% من المعلمات يتعرضن لإيذاء لفظي أو معنوي نفسي، أو إساءة بشكل مباشر من قبل أبناء المجتمع المحلي، أو متنفذين، أو حكام إداريين أو أجهزة أمنية.

وأوضح أن المعلمين الذكور تعرضوا لضغوط وتحرشات بهم بشكل كبير جدًا، لكن المعلمون لا يشتكون ولا يتحدثون، لكن المعلمات يشتكين ويتحدثن.

وشدد على أن هذا الأمر كله حدث بعد خلاف مهني، وكان له انعكاساته التي حذرنا منها سابقًا من أنه سينتهي الإضراب ويبقى  الانعكاس السلوكي والأثر النفسي السلبي على المجتمع وعلى الطالب وعلى المعلم وسيمتد إلى سنوات حتى نستطيع معالجته.

ووصف نديم حالة العلاقة بين الأهل والطلاب والمعلمين بعد التجييش الذي حصل خلال الإضراب بالقول: ولي الأمر لم يعط يطيق كلمة من المعلم والطالب نفسه في أقل كلمة يرد على المعلم: “إنت ما بتدرس وإلك شهر قاعد ببيتنك”، ويحدث الاشتباك في هذه اللحظة بين الطالب والمعلم وأحيانا بين المعلم وزميله المعلم، ويحدث العنف والعنف المضاد.

واستدرك الناطق باسم نقابة المعلمين بالقول: لو كان هناك تشريعات مدرسية عبر مجلس ضبط مدرسي للطلاب، ولو كان هناك أنظمة وتعليمات واضحة ومجدية، هذه من شأنها أن تخفف من حدة العنف ضد الطالب، لأنه لن يلجأ المعلم لممارسة العنف البدني ضد الطالب لأن هناك قانون يخدم حل مشاكل الطلاب المشاكسين والمشاغبين الذين يعيقون العملية التعلمية داخل الغرفة الصفية، ويستطيع المعلم من خلال كتابة ورقة للمرشد أن تسير بإجراءات عقابية محددة قد تصل للحرمان ومن خلالها يتم ضبط الطلاب الذين يؤثرون على زملائهم سلبًا.

وتابع حديثه، لكن عندما يشعر المعلم أن هذا الطالب المشاكس متعته وفرجه أن يتم تحويله للإدارة، ويعود الطالب أقوى من الأول ويظهر بمظهر المنتصر أمام الطلاب، فيصير الطلاب يقتدوا بسلوكه السلبي ويتأثروا به؛ لأنه من وجهة نظرهم استطاع أن يفرض هيمنته وهيبته.

وأضاف أن المعلم يشعر بأثر انعكاس سلبي على هيبته وعلى وجوده داخل الغرفة الصفية وتأثيره على طلابه لأنه ليس هناك قوانين أو تشريعات تساعده وتهتز صورته ويلجأ بعدها لمعالجة التنمّر بالتنمّر والعنف بالعنف والصوت العالي بصوت الأعلى منه، وفرض الإرادات داخل الغرفة الصفية فتحدث المشاكل والإزعاجات.

توجهات النقابة للحد من الاعتداءات على كوادرها

وفي تقديمه لرسالة النقابة وتوجهاتها في المرحلة المقبلة للحد من ظاهرة الاعتداء على الكوادر التعليمية، شدد نور الدين نديم في حديثه لـ “البوصلة” على أن الإجراءات والتوجيهات تقوم على تكثيف لجان التدريب واللجان الاجتماعية في فروع النقابة بالعمل مع المجتمع المحلي ومؤسسات المجتمع المدني لعقد ندوات وحوارات وتشبيك العلاقات مع الأهالي والاهتمام بالطلاب، حتى يصبح الطالب على جدول أولوياتنا في نقابة المعلمين على الرغم من أن النقابة تعنى بخدمة المعلم.

واستدرك بالقول: لكن طالما الطالب وعلاقته بمعلمه هي جزء من اهتمامنا بالمعلم نفسه، فكلنا مع مؤسسات المجتمع المدني والمجتمع المحلي وأولياء الأمور وعلاقتهم بالمعلم كذلك هي جزء من اهتمامنا، ونقوم على تكثيف لهذه الندوات والورشات وإعداد لدراسات لبناء دراسات رقمية لحالات الاعتداء والانعكاس السلبي للإضراب سواء على سلوك الطالب أو أثره النفسي على المعلم والمعلمة داخل الغرفة الصفية والمجتمع ونظرته للمعلم.

وأكد نديم: نحن نعمل على ذلك كله، ولكن هذا يحتاج لخطوات وتشريعات تدعمه، وتوجه الدولة الأردنية لإلغاء (المادة 5/د) إيجابي للغاية، لأنه سيعطي للنقابة الفرصة تخصصيا وقانونيا لاستحداث أقسام للدراسات وأقسام للتطوير التعليمي، وتعنى بالشراكة مع المجتمع المحلي، والعمل على الارتقاء بصورة المعلم الأردني داخل الأردن وخارجه.

“الوطني لحقوق الإنسان” يطالب بحماية الكوادر التعليمية

بدوره أكد المركز الوطني لحقوق الإنسان في تقريره لحالة حقوق الإنسان في الأردن للعام 2018 الذي أصدره قبل أيام، أنه رصد 133 حالة اعتداء على المعلمين خلال العام الماضي.

وأوصى المركز الوطني في تقريره بعدة توصيات للحد من ظاهرة الاعتداء على الكوادر التعليمية، وذلك عبر تحسين الأوضاع الاقتصادية للمعلمين والمعلمات من خلال الرواتب والحوافز، وجعل وظيفة المعلمين أكثر جذبًا.

وطالب المركز في تقريره بتخفيض أنصبة المعلمين من الحصص الأسبوعية، وطالب بضرورة تغليظ العقوبات على أي معتدٍ على الكوادر التعليمية، والتأكيد على ضرورة عدم تنازل المعلمين عن حقوقهم الشخصية حفاظا على هيبة المعلم.

كما طالب التقرير المعلمين بالابتعاد عن التعليم التلقيني، وضرورة إيجاد حالة من التعليم التفاعلي ليصبح الطالب منهمكًا في العملية التعليمية.

توقيف سيدة معتدية على معلمات خلال الإضراب

يذكر أن مدعي عام شمال عمان أوقف نهاية الشهر الماضي، سيدة اعتدت على معلمات في مدرسة ابن طفيل الأساسية في شفا بدران في العاصمة عمان.

وجاء التوقيف بحسب محامي النقابة محمد عسكر على خلفية شكوى تقدمت بها مجموعة من المعلمات بحق المعتدية، بعد دخولها إلى حرم المدرسة والاعتداء عليهن في فترة الإضراب.

وكان قد تم تداول فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام لدخول السيدة إلى حرم المدرسة.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: