د. رامي عياصره
د. رامي عياصره
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

الانقلاب في تونس.. الاستئثار بالسلطة ومبررات تصحيح المسار

د. رامي عياصره
د. رامي عياصره
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

كما هي العادة في عالمنا العربي تقوم الثورات المضادة بلبس لَبوس المشفق على أحوال الشعوب فتقوم بسلب ارادتها ومصادرة صوتها الحر في مقايضة دنيئة بين الحرية والتنمية، او بين متطلبات الديمقراطية الحقيقية وبين متطلبات المعيشة والحياة الكريمة، ولكن بكل الأحوال لا يحصل المواطن العربي على هذه ولا تلك.

خيبة أمل عريضة و واسعة يشعر بها كل من علق الآمال على نجاح التجربة الديمقراطية في تونس ونجاحها في إحداث اختراق في جدار السلطوية العربية المنيع عندما بقيت تحاور وتناور ضمن أدبيات التنافس الديمقراطي المعروفة في العالم كله فنحن لا نحتاج الى اختراع العجلة من جديد ، كل ما هنالك اننا نسعى الى ترسيخ مفاهيم التبادل السلمي للسلطة واحترام صوت الناخب بانتخابات حرة ونزيهة ليست ديكورية وتخلوا من التزوير والعبث فقط ، يتقدم فيها حزب الاغلبية فيشكل حكومة برلمانية مع مجموعة احزاب تكون محاسبة امام البرلمان ، البرلمان والحكومة معا تحت مجهر الشعب يحكم عليهم في صناديق الاقتراع بالتجديد او التغيير.

ما جرى في تونس هو استثمار من قبل الرئيس في ازمة البلاد الصحية والمعيشية للانقضاض على التجربة الديمقراطية والإطاحة بالخصوم واعادة تترتيب النظام السياسي في تونس بما يتلاءم مع اهوائه وتطلعاته نحو نظام رئاسي بالكامل من خلال التأويل الخاطئ للدستور الذي اقره الشعب باستفتاء عام ، فالنظام الرئاسي الكامل في تونس يفتح الباب للرئيس ذو الخلفية الاكاديمية والخبير الدستوري بالبقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة بخلاف بقاء السلطات متوزعة بين الرئاسة وبين البرلمان الذي له صلاحية تشكيل حكومة برلمانية وإقالتها .

مرة أخرى شهوة السلطة وشبقها الجامح يغري استاذ القانون الدستوري بالانقلاب على الدستور والتمهيد لنفسه بالتلاعب في النظام السياسي في تونس واعادة صياغته وانتاجه وفق اهوائه وتطلعاته بارادته المنفردة وبمعزل عن الاحزاب والتيارات واتحاد الشغل ( النقابات ) ومؤسسات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية وكل ابناء الشعب التونسي صاحب ثورة الياسمين.
هل يحق للرئيس ان يتجاوز على الدستور ويقصي الجميع ويستأثر بكل السلطات تحت ذريعة تصحيح المسار؟!!
اذا لم يكن المسار وتصحيحة وفق الدستور والقانون فان هذا نقض صريح للعقد الاجتماعي المتمثل بدستور 2014م الذي اجمع عليه التونسيون وبالنتيجة جر البلاد الى المجهول والعودة بها الى الفوضى لا قدر الله.
هل سيقبل الشعب التونسي بعد ان ذاق طعم الحرية ان يعود مرة أخرى الى عهود الاستبداد واحتكار السلطة ومصاردة الحريات والعيش في ظل الزعيم الاوحد ؟؟
هذا سؤال مهم.

المشكلة في شخصية الرئيس سعيّد انه يشعر بعقدة تجاه الاحزاب السياسية والحالة الحزبية برمتها، وقد صرح أكثر من مرة انه يرى في الاحزاب انها تشكل احدى مشكلات الحياة السياسية في تونس، وكان يذكر في معرض مدحه لنفسه واستعراضه لمناقبه بانه ليس حزبياً ولم يأتِ من خلفية حزبية، وهذه واحدة من عجائب الديمقراطيات العربية – إن وجدت – كيف لنا أن نؤمن بحياة ديمقراطية سليمة دونما وجود حياة حزبية صحيحة..؟!!
وكيف ندّعي قبولنا بقواعد العمل السياسي الديمقراطي واحد ابرز ابجدياته تشكيل الاحزاب وطرح أفكارها وبرامجها على الناس لمحاولة نيل ثقتهم وتمثيلهم بناء على ذلك قبل الولوج الى تشكيل الحكومات والإمساك بزمان السلطة التنفيذية؟!!
لازالت الحزبية سُبّة في العالم العربي بخلاف كل خلق الله في الكون الفسيح الذي شبع ديمقراطية ونحن لازلنا نستجدي الفتات.
الغريب في الموضوع انه وعندما يُراد اتهام اي تشكيل حزبي في العالم العربي فان اول تهمة تلقى عليه انه يريد او “ينتوي” الوصول إلى السلطة.. !!!!
لو قيلت هذه في الغرب وفي الدول التي تحترم نفسها لشبعوا علينا من الضحك !!!! اذا كان من يأتي بصندوق الاقتراع – وليس على ظهر دبابة – وبارادة شعبية حرة يحرّم عليه الوصول الى السلطة او الاقتراب منها او ان يحدث نفسه بذلك ، فمن له الاحقية بممارسة السلطة بالفعل في عالمنا العربي؟؟!!!
بكل الأحوال جراحنا يبدو انها عميقة وغائرة وليس من السهل مداواتها ، او يبدو أنّ معركة الحرية وتحقيق العدالة طويلة وطويلة جدا وتحتاج أكثر من ربيع عربي لتحقيقها.
اذا كان النموذج التونسي قد وقع في فخ الثورات المضادة بعد أن قطع شوطا لا بأس به ، فماذا نقول في التجارب الأخرى ؟!!
لكن هذا لا يعني ان يصيبنا اليأس او ان يتراجع اصحاب الفكر والرسالة او ان تنكسر ارادتهم ، بل هي مدعاة لمزيد من العمل والنضال الوطني الصادق لتحقيق كرامة الإنسان ورفعة الأوطان.
هذا دور كبير ومهم لا يقوى عليه إلا أصحاب الهمم العالية والنفوس الكبيرة.

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts