وليد عبد الحي
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

الشرق الأوسط وما بعد أمريكا

وليد عبد الحي
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

قبل 25 سنة بالضبط ، وتحديدا في أكتوبر من عام 1996، في العدد 126، من مجلة السياسة الدولية التي ينشرها مركز الدراسات الاستراتيجية في الاهرام ، نشرت بحثا عنوانه “المكانة المستقبلية للولايات المتحدة على سلم القوى الدولي” ، وجاء في خلاصته بعد مناقشة عشرات المؤشرات المركزية والفرعية السياسية والاقتصادية والتقنية والعسكرية والاجتماعية وبعد توظيف لتقنيات الدراسات المستقبلية ولدورات نيكولاي كوندراتيف ، توصلت الى النتيجة التالية حرفيا( صفحة 25) :
” وقد أدت هذه التحولات الجذرية الى حركية داخل النظام الراسمالي تتمثل ابرز جوانبها في البدء في التحول في مركز العلاقات الدولية من مركزها الاطلسي الى مركزها الباسيفيكي،وهو ما سيترتب عليه آثار سلبية على مركز الولايات المتحدة في سلم القوى الدولي”.
ومن الضروري إدراك ان الظاهرة السياسية بخاصة والاجتماعية بعامة لا تتطور بإيقاع متسق ، كما قد تشمل التطور الخطي وغير الخطي، لكن الاصل في مراقبة هذه الظواهر هو التركيز على “الاتجاهات الأعظم”(Mega trends) والتي يتم فهمها من خلال الربط بين الاحداث(Events) والاتجاهات الفرعية(Sub (trends والاتجاهات (Trends) عبر تقنيات لا مجال للخوض فيها في هذا المقام.
ان توقعنا الذي اشرنا له قبل ربع قرن يتأكد من خال التنامي الواضح للثقل الصيني (والذي قد يسير بشكل غير خطي أحيانا) ومن خلال القوة الاقتصادية والمالية لليابان ،والميل الروسي لاعادة اعتبار روسيا كما عرفها لينين ” دولة آسيوية” مدعومة حاليا برؤية نظرية ذات وزن كبير في دوائر القرار الروسي يتأبطها ويروجها الكسندر دوغين، وعليه، فان منطقة الباسيفيكي ونزاعاته حول بحر الصين الجنوبي ومضيق ملقا وجزر تلك المنطقة لا تنفصل جيواستراتيجا عن امتداد هذه الجغرافيا الآسيوية لتلامس شفاه شواطئ بحري قزوين والاسود ، ومن هنا تتضح صورة مركز الثقل الجديد، ويصبح فهم استراتيجية ” مبادرة الحزام والطريق الصينية” والصعود (او التنمية) السلمي وأمن الجوار القريب الروسية واضحتين تماما.
كيف سينعكس هذا على منطقتنا؟
لا شك ان الاعلان الامريكي ولو بطريقة ملتبسة بعض الشيء عن انسحاب من أفغانستان وتفاوض مع العراق على وجود قواتها او تخفيفها واعادة انتشار قواتها هنا وهناك تحت ضغط العبء الدفاعي الذي حذر بول كينيدي من تبعاته عام 1986، كل ذلك يؤكد ان ظلال ذلك سيتفيأ تحتها سكان الشرق الاوسط او يصطلون بجحيمه ،وهو ما يتبدى في مظاهر التغير التالية التي تكشف استشعارا لما يجري :
أ‌- المفاوضات الايرانية السعودية سواء السرية او شبه السرية تشير الى قلق حلفاء امريكا من تداعيات انتقال التركيز الامريكي الى الباسيفيكي.
ب‌- استمرار المفاوضات الامريكية الايرانية بخصوص الملف الايراني يخلق قلقا عميقا في اسرائيل من أن عدم تصفية البرنامج النووي الايراني والتفات امريكيا الى مناطق اخرى يعني أن مبدا الاحتكار الاسرائيلي للتسلح النووي في المنطقة قد يتحول الى خبرة تاريخية لا اكثر، مما يفتح المجال لتداعيات قد تربك الاستراتيجية الاسرائيلية.
ت‌- القلق الخليجي من التخفيف التدريجي للوجود الامريكي يدفعها للبحث عن مظلة حماية أخرى، وهو ما سيفتح الباب لمزيد من التطبيع مع اسرائيل او التقارب التدريجي مع كل من روسيا والصين علما ان التقارب مع الصين أكثر وضوحا.
ث‌- قلق اسرائيلي من الجانب الامريكي يمكن تحديده في:
1- تزايد واضح في عدد المفكرين الأمريكيين الاستراتيجيين البارزين الذين يطالبون بمراجعة امريكا لسياستها مع اسرائيل.
2- التراجع في نسبة تأييد الرأي العام الامريكي لإسرائيل لا سيما في الوسط الديمقراطي وبين الشباب طبقا لاستطلاعات الراي العام الامريكي، واتضح ذلك جليا بعد معركة سيف القدس .
3- تنامي الخلافات داخل جماعات الضغط اليهودية في الولايات المتحدة حول العلاقة الامريكية مع اسرائيل.
4- عودة السياسة الامريكية للحديث عن حل الدولتين رغم الصعوبة الهائلة في تطبيقه.
5- تراجع اهمية النفط العربي للسياسة والاقتصاد الامريكي.
6- التفوق الكبير للتجارة الصينية على التجارة الامريكية في المنطقة.
لكن الضرورة تقتضي التنويه ببعد مقابل لما سبق وهو أن الولايات المتحدة ستعمل على تحميل اعباء رعاية مصالحها في المنطقة للقوى المحلية من خلال مساندة امريكية أقل عبئا وأكثر جدوى، وهو ما يشي به ما يلي:
1- نقل اسرائيل من منطقة عمليات القيادة الاوروبية الى القيادة المركزية للناتو(التي يشمل عملها منطقتنا)، وهدف ذلك تقاسم الاعباء مع الناتو من خلال الدور الاسرائيلي ثم لمواجهة آثار الشراكة الصينية الايرانية التي جرى الاعلان عنها مؤخرا ، ويكفي هنا الاشارة الى ان القيادة المركزية للناتو التي تم نقل اسرائيل لها في يناير الماضي كانت قد أنشئت عام 1983 بعد الثورة الايرانية والتدخل السوفييتي لافغانستان، وهو ما يعزز استنتاجنا بخصوص نقل اسرائيل اليى هذه القيادة.
2- اتفاقيات ابراهام مع دول خليجية ساندتها دول عربية هي تحميل جزء اكبر من الاعباء للبقرة العربية الحلوب،وجر النزاعات بعيدا عن الصراع العربي الصيهوني، مع تواجد اسرائيلي على الحدود مع ايران ، ناهيك عن أن هذه الاتفاقيات ستجعل حدود الفصل بين النشاط العسكري والامريكي والعربي والاسرائيلي باهت بشكل يجعله أقل قابلية للنقد، فالتدريبات المشتركة والتنسيق الامني بين هذه الاطراف سيزداد بشكل كبير وستكون مدرسة التنسيق الامني الفلسطيني الاسرائيلي نموذجا للسوابق التي ستحتذى..
3- من الواضح ان المعركة على العراق تدور بقسوة، فهناك اقليم كردستان الذي يتصرف بقدر كبير من الاستقلالية داخليا وخارجيا،وهناك الصراع بين بعض اجنحة المؤسسة العسكرية وبين فرق الحشد الشعبي، وهناك الارث البعثي وفلول داعش، ويبدو ان هناك محاولة لدمج العراق في تكتل اقليمي فرعي ترتبط اطرافه باسرائيل مباشرة لجر العراق للارتباط غير المباشر كمرحلة اولى مع اسرائيل ثم الارتباط المباشر في مرحلة لاحقة .
4- يبدو ان الامريكيين سيتركون القضية الفلسطينية لاطرافها ليصنعوا حلا اقليميا سيكون ميزان القوى الاقليمي هو محدده الرئيسي.
لكن كل ما سبق سيدفع الى تكييف انظمة سياسية لتتناسب مع التحولات السابقة، ونعتقد ان ذلك التكيف سيكون خشنا، وقد تكون السعودية هي مركز هذا التكيف الخشن نظرا للتحولات الدولية(وابرزها استدارة السند الدولي شرقا) والصراعات العميقة داخل الاسرة الحاكمة، وضرب الثقافة الوهابية وتداعيات ذلك، وذيول حرب اليمن والفشل الذريع في تحقيق نتائج ذات معنى، الى جانب تضاؤل القدرة المالية نتيجة اضطرابات السوق النفطي مما جعل الوظيفة الريعية تتآكل تدريجيا، ونعتقد ان هذا الاضطراب سيطل برأسه طبقا لإيقاع المؤشرات المختلفة واستنادا لاسقاط(Projection ) هذه المؤشرات على المستقبل فان الانفجار سيكون خلال الفترة من منتصف عام 2022 الى نهاية عام 2024…ربما.

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts