ياسر أبو هلالة
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

الصحافي ليس ضحية دائماً

ياسر أبو هلالة
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

قدّم صحافيون كثيرون تضحياتٍ كبرى، رسمت صورة نمطية للصحافي البطل أو الضحية، فهو يضحّي بحريته أو بحياته ومكاسبه للوصول إلى المعلومة وإيصالها إلى الجمهور. كرّست السينما الأميركية هذه النظرة، مثل أفلامها عن فضيحة ووتر غيت وأوراق البنتاغون، ولا تقتصر فيهما البطولة على الصحافي المغامر الجريء، بل تمتد أيضا إلى الناشر الذي يقدّم قيم الصحافة في النزاهة والاستقلالية والجرأة على هدف الشركة في تحقيق الأرباح.

فيلم “ريتشارد جويل”، المستند إلى قصةٍ واقعيةٍ، وثقها كتاب “المشتبه به”، يقدّم صورة أخرى للصحافي، وهي واقعية قبيحة، لا تنفي وجود الصورة النمطية الجميلة. الصحافية تدمّر حياة بطل، وهو الحارس ريتشارد جويل، الذي تمكّن من إنقاذ حياة أميركيين عندما اكتشف قنبلة قبل انفجارها. وفي مقابل شجاعة الحارس البدين وطيبته ومهنيته، يقدّم الفيلم صورة قبيحة للصحافية الانتهازية التي تستغل جمالها وجسدها للتسلق المهني، بعيدا عن القيم والأخلاق والإنسانية.

تتمكّن الصحافية الحسناء من إغواء ضابط مكتب الاتحاد الفيدرالي (إف بي آي)، الذي لم يصمد أمام سطوة جمالها، وتتمكّن من الحصول على “شبهة” قيد التحقيق، تتعلق بالحارس الذي ربما يكون قد افتعل قصة القنبلة ليظهر بطلا. يسرّب الضابط المعلومة مقابل المتعة، وهي تسرّب المعلومة بقصد النجومية. وكلاهما تسببا في تدمير حياة الحارس، من بطل إلى مجرم. وفي النهاية، ينتصر البطل الحقيقي، وهو الحارس الطيب الذي لا يحظى بجمال الصحافية ولا علمها ولا دخلها ولا مكانتها.

عندما شاهدت الفيلم، تذكّرت نماذج مثل البطل الطيب، تماما كما تذكّرت نماذج للصحافة القبيحة التي تشعرك بالخجل من العمل في هذه المهنة. لا تخلو مهنة من الدخلاء، وكم من مريضٍ فقد حياته نتيجة إهمال طبيبٍ أو جهله، ذلك لا يسيء إلى مهنة الطب، بقدر ما يستدعي مزيدا من التدقيق في عمل الأطباء، ومحاسبة المهملين والمخطئين، وهذا واجب الصحافة أيضا.

في العالم العربي، تصعب محاسبة الصحافة، فهي جزء من ماكينة السلطة، تقوم بصناعة الأصنام لا هدمها، في غياب صناعة صحافية تعتمد الصحافة على تمويل الحكومة المباشر، أو غير المباشر من خلال الشركات المملوكة سرّا لأجهزة المخابرات. ولا تسمح السلطة أبدا للقطاع الخاص ببناء نماذج صحافية مستقلة. في الغرب، توجد أجهزة رقابية مستقلة تدقق في مهنية الصحافة، سواء كانت عامة مموّلة من دافع الضرائب أو خاصة ربحية. ولا يستثني مبدأ المحاسبة أحدا، على خلاف واقعنا العربي.

يعتبر العالم العربي أسوأ مكان للصحافة عالميا من حيث عدد القتلى والمعتقلين والمطاردين في المحاكم والمنافي. مقابل هؤلاء الأبطال والضحايا يوجد من شاركوا السلطة في فسادها وتسلّطها. لنتذكّر مواقف الصحافيين من الربيع العربي، كيف حالفوا السلطة في تخوين الشباب الثائرين، ثم نافقوهم حينا من الدهر، ثم انقلبوا عليهم في ثورة مضادّة.

تمكّنت الثورة المضادّة من اختراق الصحافة في مصر التي شوّهت تجربة التحوّل الديمقراطي، ونشرت الأكاذيب والإشاعات واغتالت الشخصيات الثورية، وفي مقدمتها أول رئيس منتخب في تاريخ مصر. لم يتم ذلك في أقبية الأمن. شاهدناه على الهواء مباشرة في الصحافة، رقمية ومطبوعة. ومقابل تلك التصفيات والاغتيالات المعنوية، حصد “الصحافييون” ملايين الدولارات في رحلات علنية إلى الإمارات.

لم تقتصر الثورة المضادّة على مصر، مارس “الصحافيون” المموّلون من إيران اغتيالاتٍ لا تقل سوءا عما حصل في مصر، وقدّم تلفزيون الميادين نموذجا عالميا في اختراع كذبة “جهاد النكاح” ليشوّه ثورة الشعب السوري والصحافيات اللواتي وقفن معها. يجني الصحافي الجلاد ثروته ويده ملطخة بدماء من اغتالهم معنويا، تماما كعنصر المافيا، من دون أي وخزة من ضمير.

في النهاية، كما يعلمنا الفيلم، ينتصر البطل الطيّب، ومهما زهت “الصحافية” بسبقها، تنتهي مذمومة مدحورة، باعت شرفها مقابل مكاسب زائلة.

(العربي الجديد)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts