بشرى سليمان عربيات
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

الفاقد التعليمي

بشرى سليمان عربيات
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

بقلم المستشارة التربوية: بشرى سليمان عربيات

   تتراجع منظومة التعليم وبشكلٍ ملحوظ منذ سنوات، وقد جاء التعليم عن بعد ليجهزَ على ما تبقى من هذه المنظومة، ويقضي عليها قضاءً مبرماً، ذلك لأن مقدار ما فقده الطلبة من مفاهيم ومعلومات يفوق كل ما فقده خلال سنوات، ليس لأنه لا توجد معلومات يتم تقديمها للطلبة عن بعد، ولكن لأن أسلوب العرض يفتقر إلى أدنى درجات التواصل مع الأجيال ولذلك أرى أن مقدار الفاقد التعليمي كبير جداً، بحيث أنه أحدثَ فجوةً في التعليم لا يمكنُ ردمها.

   في بداية الأزمة، كان أولياء الأمور مع أطفالهم وأبنائهم في البيت، يبذلون ما بوسعهم كي يتفاعل أبناؤهم مع منصاتٍ عقيمة، وربما كان بعض الأطفال والطلبة متحمسين لفكرة التعلُّم عن بعد، لأن كل شيء جديد يكون عادةً لافتاً للانتباه، ولكن المدة طالت والوضع النفسي للطلبة يزدادُ سوءاً، ولم يعد للأهل سيطرة على الموقف، بالرغم من المحاولات العديدة، ولكن كما يقال أن للصبرِ حدودًا.

   ماذا يفعلُ خبراء المياه لو كان الفاقد من مياه الأمطارِ كبيراً؟ وماذا ستكون نتيجة ذلك على المجتمع، بل وعلى العالم بأكمله؟ لا بد أن هذا يتسبب في كارثة مجتمعية تؤدي إلى الجوع والعطش الشديد. وإذا قمنا بعقد مقارنة بين الأمرين، لوجدنا أن الفاقد التعليمي للطلبة سيؤدي حتماً إلى كوارث مجتمعية، تنعكس بالضرورة على الصحة النفسية لديهم، الأمرُ الذي سوف ينعكس على العلاقات الأسرية، وربما يتعرضُ عددٌ كبير من أبنائنا الطلبة إلى جهاتٍ منحرفة، متطرفة، تعمل على ملء الفراغ النفسي لديهم، ذلك لأن الأوقات التي يمضيها الطلبة لتلقي المعلومات عبر المنصات، لا يكفي لتفريغ الطاقة التي يمتلكها الطفل والمراهق على حدٍّ سواء. وكما يقالُ في علم الفيزياء أنه لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار، ومعاكس له في الإتجاه. وقد حصل الفعل وهو فقد الطلبة للتعليم، حتى لو كان هناك تقييم لهذه العملية من وزارة التربية والتعليم، فإني أرى أنه تقييماً زائفاً لا يؤدي الغرض المطلوب. إذاً جاء الفعل بالفعل وأصبح الفاقد التعليمي لدى الطلبة كبير، بحيث من الصعب ردم الفجوة بين الطالب والمنصات والشاشات.

 ومن البديهي أن يكون هناك رد فعل هائل لما يحدث، ومن أسوأ ردود الأفعال التي يعيش فيها أبناؤنا الطلبة، هي حالةٌ من التيه والضياع والحيرة والخوف من المستقبل الذي باتَ مجهولاً، إضافةً إلى التعب الجسدي نتيجة الجلوس لساعات أمام الشاشات، وضعف في التركيز وجفاف في العيون. هذه هي بعض نتائج الفاقد التعليمي، والذي ما تزالُ وزارة التربية والتعليم مصرَّةًعلى قراراتها بحجة حماية صحة الطلبة.

   لقد أعلنت وزارة التربية والتعليم قبل أيام عن إجراء تقييم إلكتروني لطلبة الصف الحادي عشر، تهدف من ذلك قياس الفاقد التعليمي للطلبة أثناء التعليم عن بعد، وهي تعلم تمام المعرفة ما فقده الطلبة منذ سنوات، وما يحدث من خلل في التقييم عن بعد، وتعتمد هذا التقييم لمعرفة ما يمتلكه طلبة الحادي عشر من معلوماتٍ تراكمية، ونحن كمختصين نرى أن الوزارة تستخفّ بالتعليم من خلال هذه الإجراءات، إذ لو كانت الوزارة تهدفُ فعلياً إلى ما أشارت إليه، لقامت بعقد هذا الإمتحان في داخل المدارس وفي ساعة محددة، بحيث يمكن لها أن تقيس ما تريد، ولكنها لم ولن تفعل، لأنها متأكدة من أن الطلبة فقدوا كثيراً وكثيراً جداً.

   خلاصةُ الأمر، أن كل ما يبذل من جهود لإبعاد الطلبة عن التعليم سوف تكونُ له آثارٌ سلبية على الطلبة وعلى المجتمع بأكمله، لأنكم يا وزارة التربية والتعليم لم تعملوا على حماية الصحة الجسدية والنفسية للطلبة، بل عملتم على دفع معظم الطلبة والأطفال للعمل أو التيه على وجوههم حائرين مقهورين، وأكرر أن أخطار الجهل وأخطار الشوارع لا ينفعُ معها حجرٌ ولا لقاح.

(البوصلة)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts