د. رامي العياصرة
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

الممارسة السياسية للعدالة والتنمية المغربي من الصعود الى الخسارة .. ما لها وما عليها ؟

د. رامي العياصرة
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

د. رامي عياصره

نتائج الانتخابات البرلمانية المغربية التي جرت تستوقف المتابع والمراقب ويمكن الحديث عنها من عدّة جوانب وبنقاط معيّنة:

اولاً: وصول الإسلاميين في المغرب الى رئاسة الحكومة جاء من بوابة التعديلات الدستورية التي اجراها النظام الملكي المغربي عام 2011م في خضم موجة الربيع العربي والتي نصت على ان الحزب الذي يحصل على اكثر المقاعد يقوم بتشكيل الحكومة.
مع احتفاظ القصر الملكي بالوزارات السيادية ومرجعية الجيش والاجهزة الامنية بالكامل.
ما يجعل كرسي رئاسة الحكومة منزوع الدسم في ممارسة السلطة الحقيقية الى حد كبير، وتحويل الحكومه برمتها الى حائط صد عن القصر الملكي من السخط الشعبي وفشل السياسات الحكومية. وبذات الوقت اظهرت النظام السياسي المغربي بأنه نظام ديمقراطي وتعددي مهتم بالمشاركة الشعبية في صناعة القرار وممارسة السلطة، وهي خطوة تتسم بالذكاء السياسي بكل تأكيد وتحسب للنظام السياسي في المغرب .

ثانياً: لتقييم تجربة حزب العدالة والتنمية بموضوعية لابد من النظر لها بشمولية وليس فقط بنتائج الانتخابات الاخيرة والهزيمة التي مني بها.
لذلك ليس من الموضوعية المدح والثناء على تجربة الاسلاميين في الحكومة قبل أيام قليلة والنظر إليها بإكبار ونستشهد بها كمثال يحتذى ثم نعود بين عشية وضحاها نلعن تلك المشاركة بمجرد خسارة الانتخابات بجولة من الجولات.
لا ننسى أن مشاركة الاسلاميين في السلطة وسّعت من هوامش الممارسة الديمقراطية في البلاد و هذا بحد ذاته مكسب سياسي معقول وإن كان بهوامش لازالت قليلة ودون الديمقراطية الكاملة، لكنه يفتح الباب لمزيد من النضال الوطني لاستكمال التجربة الديمقراطية وتكريس مبدأ الشعب مصدر السلطات.

ثالثاً: تجربة ” العدالة والتنمية ” في الحكومة – ولا اقول في الحكم – مثلها مثل أي تجربة سياسية للاسلاميين وغيرهم لها ايجابيات وعليها سلبيات.
ابرز ايجابياتها أن استخدام فزاعة الاسلاميين للتخويف ومن تحتها يتم الاستئثار بالسلطة وتبرير الديكتاتورية غير صحيح، وانه لا تخوّفات حقيقية على الحريات العامة في حال وصول الاسلاميين للسلطة، وانه يمكن تعايش الانظمة المتصالحة مع شعوبها مع الاسلاميين، وكذلك تعايش الاسلاميين مع بقية الاتجاهات السياسية الأخرى بعضها مع بعض اذا ما استندت الى قاعدة من الالتقاء على القواسم المشتركة وتقديم المصالح الوطنية العليا للبلاد.

ومن الايجابيات ايضاً وجود حالة سياسية من حيث المبدأ التي هي افضل بكل تأكيد من حالة السلطوية العربية وتكريس العقلية الديكتاتورية التي لا تؤمن باي نوع من انواع الممارسة السياسية مهما كان شكلها او حجمها.
ومن الايجابيات انّ التجربة وفّرت للاسلاميين فرصة الاطلالة على ممارسة السلطة السياسية بدلاً من البقاء في مربع المعارضة، ثمة فرقاً كبيراً بين ممارسة الاعتراض والمعارضة وبين ممارسة السلطة باكراهاتها ودقّتها وتحمّل تبعاتها، هذا يقوّي الممارسة السياسية للاسلاميين ويراكم الخبرات ويوسّع من الأفق والخيال السياسي الذي يفتقده الاسلاميون الى حد كبير.

ومن ابرز السلبيات فقدان الشعبية بسبب مارسة السلطة وهذا شئ طبيعي نظراً للظروف الصعبة السياسية و الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها اغلب الدول العربية والمغرب منها تراكم المشكلات في المجتمعات العربية، لكن المفاجئ في نتائج ” العدالة والتنمية ” انها اشارت الى تراجع كبير غير متوقع.
بالإضافة انهم تحمّلوا تبعات التواجد في كرسي الحكومة دون ممارسة الحكم .

رابعاً: هل وقع الاسلاميون في الفخ ؟
ربما، ولكن الاسلاميون ملامون في كل احتمالات و وجوه المشاركة السياسية؛ فاذا اتيح لهم الوصول الى السلطة ولم يشاركوا سيقال بأنهم رفضوا فرصة تغيير المعادلة السياسية وطريقة ممارسة السلطة لصالح المشاركة الشعبية والقصور عن استغلال الفرص.
واذا اتيحت الفرصة وجلسوا في كرسي السلطة ثارت الزوبعات بالاتهام باللهفة على السلطة والسعي لها، والاستحواذ والاقصاء واخونة الدولة وغيرها من معلبات الاتهام المعروفة.
وإذا اكتفوا من المشاركة السياسية بالتواجد في مقاعد المعارضة البرلمانية فانهم منتقدون لعدم تقدم مشروعهم السياسي وتحنطه عند هذا القدر.
وإذا قاموا باعتزال العمل السياسي كاملاً اتهموا بالنكوص والمشروع بالتراجع والفشل، علاوة على الاتهام بالصفقات مع اصحاب السلطة.

المشكلة باعتقادي ليست بالاسلاميين ولا بغيرهم من المكونات السياسية وانما تكمن المشكلة في العملية السياسية المشوهة التي نعيشها في عالمنا العربي – على فرض و جودها – في كثير من الدول، ليس هناك مؤسسات دستورية حقيقية و قوية ، والتداول السلمي على السلطة مفقود، وعدم وجود اجواء نقية من الحريات وحقوق الانسان والحريات السياسية وحرية التعبير عن الرأي التي تشكل ارضية الممارسة السياسية السليمة، وافتقادنا لمؤسسات المجتمع المدني القادرة على ممارسة دورها وفقدان قواعد ا لاعدالة والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص.
كل ما هنالك وجود منظومة الدولة العميقة الصلبة تلك التي يستند عليها مَن يقبض على كل مفاصل السلطة والدولة ، وتقديم اصحاب الولاء على اصحاب الكفاءة ، وتوزيع المناصب العليا وفق اسس توزيع المغانم وتشكيل شبكة منتفعين من الوظيفة العمومية بدلاً من كونها ميدان خدمة عامة. ما انتج هياكل مؤسسات تفتقد للمضمون الوطني وتفتقر للحوكمة الرشيدة ، وبالتالي البُعد كل البعد عن المعايير المتبعة في الممارسة السياسية.
هذه الحالة غير السوية لا يمكن ان تنتج حياة سياسية سويّة وفرز منطقي وممارسة صحيحة، ولذلك فالدخول في معترك السياسة بناء على هذا الحال وفي هذه القواعد هي حالة تشبه السير في حقل من الألغام ، محفوفة بالكثير من المخاطر .

خامساً: ما جرى في الانتخابات المغربية هي هزيمة لحزب العدالة والتنمية لا نستطيع التقليل من شأنها وهي تحتاج الى مصارحة وتقويم ومراجعة لنهج الحزب، خاصة فترة وجوده في الحكومة في آخر عشر سنوات.
ولعل حالة المراجعات والنقد الذاتي اكثر ما يفتقده الاسلاميون، مع أن تجربتهم تتسم بالعراقة والرسوخ و وجود مؤسسية داخلية معقولة.
عدم الإقدام على المراجعات والنقد وتقويم المسيرة السياسية يدل على حالة من الضعف وفقدان الثقة بالذات ، فلا قداسة للاجتهادات السياسية وهي ليست خارج النقد على الاطلاق.

سادساً: هزيمة حزب العدالة والتنمية في الانتخابات باعتقادي لا تعني هزيمة المشروع الاسلامي في المغرب، وذلك لوجود الجسم الرئيسي للمشروع الإسلامي بعمقه وانتشاره بجماعة “العدل والإحسان ” تلك الجماعة الدعوية ذات البُعد الصوفي في التربية والتزكية ، والمنهج العلمي، والفهم الشمولي الذي يحوي الجانب السياسي مع وجودها كتنظيم مؤطّر بتسلسل هرمي محكم.
فهي تمثل الجانب الدعوي الذي تفصله عن الواجهة السياسية المتمثل بحزب العدالة والتنمية، وهذا أحد فوائد فصل الدعوي عن السياسي، فالحزب السياسي الذي يخضع لقواعد العمل السياسي التي منها دخوله في السلطة وخروجه منها وذلك بالهزيمة في صناديق الاقتراع؛ وهو شئ محتمل و وارد ، وخضوعه لإكراهات السياسة وممارسة السلطة ولو نسبياً ، كل هذا لا يؤّثر على القاعدة الشعبية للجماعة الدعوية واحتفاظها بحياة وديمومة الفكرة الاسلامية والمشروع الاسلامي.
هذا هو الفصل التخصصي الذي تحتاجه كل الحركات الإسلامية اليوم وتشتد الحاجة إليه مع مرور الزمن.
اليوم وبعد الهزيمة المدوية لحزب العدالة والتنمية اذا لم يستطع الحزب الوقوف على رجليه من جديد ماذا سيخسر المشروع الاسلامي اذا تم حلّ الحزب بالكامل واعادة تأسيس حزب اسلامي جديد بادبيات جديدة تراعي مستجدات الحالة السياسية المغربية بوجوه جديدة وكفاءات أخرى غير بن كيران والعثماني ورفاقهم وذلك بدعم وإسناد من جماعة العدل والإحسان ؟؟
لن يخسر المشروع الاسلامي شئ مادام هناك رؤية استراتيجية للتعامل مع كل المستجدات المحتملة.
المشكلة كل المشكلة تكمن في فقدان البوصلة، والافتقار لوجود الرؤية ، وتبلّد الحس التنظيمي ، وعدم وجود بُعد استراتيجي في التفكير والتخطيط والتنفيذ.

بالمجمل المشهد المغربي بالنسبة لغيره ليس سوداوي لتلك الدرجة التي يراها البعض، وتبقى تشكل في ظني نموذجاً متقدماً لكنه غير مكتمل ويحتاج الى مزيد من التطوير على مستوى النظام السياسي وصولاً الى ملكية دستورية مكتملة كما بقية الممالك في الانظمة السياسية.
وبالنسبة للاسلاميين تبقى تجربة تحتاج الى مزيد من التأمل والدراسة والتقويم لاعطائها حقها من غير انتقاص او تعامي عن ايجابياتها.
ومادام ان اخراج الاسلاميين في المغرب كان بصناديق الاقتراع وليس بانقلاب عسكري كما حدث في مصر 2013م او بانقلاب على الدستور كما في تونس 2021م فيجب على الجميع أن يقبل بقواعد اللعبة الديمقراطية ولو خالفت توقعاته ورغباته وتطلعاته.
( وتلك الأيام نداولها بين الناس ).

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts