حسين الرواشدة
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

انطفاء نور «الحكمة»..!

حسين الرواشدة
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

لم تشهد أمتنا – حتى في جاهليتها – لحظة غاب فيها الضمير العام وتراجعت فيها المروءة والغيرة دفاعاً عن الكرامة والشرف، كما تشهد اليوم، فقبل عشرين عاماً من بداية الدعوة الإسلامية – مثلا – عقد كبار قريش فيما بينهم حلفاً (اسمه حلف الفضول) تعهدوا فيه ان يدافعوا عن كل مظلوم في مكة، وفي عصور الاستبداد وجدنا علماء حركهم الضمير العام دفاعا عن الدين أو الوطن، ووجدنا مثقفين دفعوا حرياتهم وحياتهم ثمناً لمقاومة الاستبداد والاستعمار.

 لكننا – اليوم – في عزّ «النكبات العربية» نفتقد مثل هذه الأصوات بعد ان داهمتنا فتنة الانقسام بين الديني والمدني، وفتنة «الإعلام» الذي احتل ساحاتنا كلها، وفتنة «الدويلات» التي تذكرنا بالدويلات التي نشأت بعد سقوط الدولة الأموية (23 دولة) ، وفتنة «العسكر» الذين اختطفوا «المشهد»، وكل هذه الفتن وغيرها أورثتنا «واقعاً» معقداً، أخطر ما فيه غياب العقل والضمير وتسيّد الخوف والجهل والانتقام.. وبروز «نجم» تجار السياسة والحروب وانطفاء نور «الحكمة» مع انزواء العقلاء والحكماء.. فلم يبق أمامنا الا أن نقول : «لطفك يا الله..»!

حين أدقق في المشهد العربي ، يستفزني سؤال واحد، وهو: من يمثل الضمير العام للمجتمع؟ المسألة هنا لا تتعلق بمن أخطأ أو أصاب، أو بمن سقط ورحل ، وبمن نهض وانتصر، كما انها لا تتعلق باتجاهاتنا السياسية وأهوائنا ومصالحنا وتصوراتنا، وما يصدر عنا من أحكام أو مواقف في اطار الصراعات التي خلطت الأوراق واستبدت بأخلاقيات الخصومة وسمحت للفجور السياسي أن يقتحم علينا الأبواب، وانما تتعلق بقدرة الامة  على «فرز» خياراتها واختبار وعيها، وتحديد تجاه «بوصلتها»، وهي مهمة تحتاج الى «اصوات» عاقلة تعبر عن «الضمير» العام للناس، وتؤثر فيهم، وترشدهم الى «الصواب» وتنقلهم من حالة «الاتباع» الى حالة «الإبداع» ومن الحيرة الى اليقين، ومن اليأس الى الأمل.

للأسف، وسط ما يشهده عالمنا العربي والاسلامي من صراعات على تخوم الدين والمذهب والطائفة، ووسط ما تروج له المنابر السياسية والإعلامية من كراهية ودعوات للاستسلام والقبول بأي شيء ، ومع هذا النفير الإسرائيلي الذي يتغطى بعباءة «ترامب» ، ويستهدف تصفية ما تبقى لامتنا من تماسك وقدرة على الصمود والتصدي ، لا نكاد نجد الا أصواتاً قليلة تحاول ان تدق من داخل «الخزان» لتذكيرنا بأننا أمة واحدة، وبأن المسلمين والمسيحيين إخوة وشركاء في بناء حضارتنا، وبأن مجتمعاتنا وان تعددت فيها الاطياف السياسية والدينية والعرقية الا انها تنتظم في اطار «هوية» جامعة، ولتذكيرنا – ايضا – بأن لنا عدوا واحدا يحتل ارضنا ويدنس مقدساتنا ، وبان  الظلم ( والاستبداد جزء منه ) يحطم الاوطان، ويلغي انسانية الانسان، وهو لا دين له ولا لغة ولا جنس، وبالتالي فان مواجهته فريضة على الجميع، والتواطؤ معه «رذيلة» وخطيئة، وليذكرنا – ثالثا – بخبراتنا التاريخية التي ضلت طريقها نحو «الارشيف»، أو وجدت من يوظفها اسوأ توظيف.

باستثناء قلة قليلة  لم يتورطوا في الانحياز «للغالب» القاهر، ولم ينخرطوا في لعبة الصراع على «السلطة» ولم يقايضوا مواقفهم بإغراءات من هنا أو تهديدات من هناك، ظل «الضمير» العام للمجتمع في معظم بلداننا «يتيماً» لا يجد «أباً» ينتسب اليه أو يعبر عنه، وحائراً يتقلب بين سطوة «الإعلام» الذي استبد بوعي الناس وسيطر على قناعاتهم ومشاعرهم، وبين «ألاعيب» السياسي الذي اختزل المجتمع في «صورته» وحوّله الى صدى لطموحاته وأعاد تشكيله بما يتناسب مع مصالحه وأهدافه.

(الدستور)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts