بالحلوى والتكبير في ساحة السجن.. هكذا يحيي الأسرى الفلسطينيون طقوس العيد

بالحلوى والتكبير في ساحة السجن.. هكذا يحيي الأسرى الفلسطينيون طقوس العيد

لن يكون بمقدور أكثر من خمسة آلاف فلسطيني، بينهم مئات الأطفال وعشرات النساء، معايشة أجواء العيد بين أسرهم، أو رؤية مظاهر العيد المتمثلة بالأضاحي وعناق أطفالهم، أو أمهاتهم، بسبب تلك الأسوار العالية والقضبان الحديدية التي تضعها سلطات الاحتلال، حول مراكز الاعتقال والسجون التي يتواجدون فيها، وتفتقر لأبسط مقومات الحياة.

فهناك لن تسمع آذانهم تكبيرات العيد التي تصدح من مآذن المساجد، ولن يرتدي الأطفال منهم تلك الملابس التي يرتديها أقرانهم في دول العالم الإسلامي، وهناك أيضا لن ترى الأسيرات أطفالهن، ولن يرى الأطفال الأسرى أمهاتهم، فيما يعيش عشرات الأسرى الكبار والقدامى حسرة البعد عن الأهل، فمن بينهم من عايش أكثر 70 عيدا بعيدا عن الأهل، بعد تجاوز سنوات سجنه الثلاثين عاما.

وفي العيد لا تقدم سلطات الاحتلال التي تتفنن في إيذاء الأسرى وعقابهم، على تقديم تسهيلات للأسرى، بخصوص الزيارات، كما تؤكد الهيئات التي تعنى بأوضاعهم، وعلى خلاف فترات سابقة، لن يتمكن الأسرى من احتضان أطفالهم أو آبائهم،  في زيارات خاصة، إذ تحول بينهم ألواح زجاجية أو شبك حديدي، دون ذلك.

ويحل العيد الجديد، وهناك قرابة 5300 أسير في سجون الاحتلال، منهم ما يقارب من 40 أسيرة، فيما بلغ عدد المعتقلين الأطفال في سجون الاحتلال قرابة 250 طفلا، فيما وصل عدد المعتقلين الإداريين إلى نحو 520 معتقلا، ويعيشون في ظروف قاسية، وجميعهم محرومون من أدنى الحقوق الأساسية والإنسانية.

وهناك في زنازين السجون، ورغم الأسى، إذ تنكأ الأعياد جراح الأسرى، وتذكرهم بالأهل، خاصة وأن عددا كبيرا منهم فقد أبويه خلال سنوات الاعتقال، وكثيرا من أحبائه أيضا، وقبل العيد بأيام قليلة فقد الأسير بلال تمّام والدته، وسامي الفتيلي والدته، وكلاهما محكومان بالسجن المؤبد.

5300 أسير بينهم 250 طفلا و40 أسيرة يحرمون من فرحة العيد مع ذويهم 

ويعمل الأسرى جميعا على مواجهة إجراءات السجان، بفعاليات محدودة، إذ يتبادل هؤلاء التهاني في ساحات السجون، وينجح بعضهم في محاولات صنع أصناف من الحلوى، بما يتوفر لديهم من معدات وأغراض، حيث لا توفر سلطات السجون كل احتياجاتهم، ويقوم هؤلاء بأداء صلاة العيد في باحات السجون، وهناك يرددون التكبيرات، فيما يحرص الكثير منهم على استبدال ملابس السجن في ذلك اليوم، بملابس جديدة، لمحاكاة صورة الواقع خارج السجون.

وتقول المؤسسات التي تعنى بأوضاع الأسرى، إنهم يتحدون بهذه الإجراءات الواقع المرير، من أجل بث الأمل في نفوسهم، لمقاومة مخططات الاحتلال الرامية لتحطيم معنوياتهم.

وفي هذا السياق يقول حسن قنيطة مسؤول هيئة الأسرى في غزة “لأسرانا في سجون الاحتلال معنى مختلف للعيد”، ويضيف “في أيام تجديد للعهد على البقاء يقظين مرابطين على حدود الانتماء والتحدي، ليحفظوا هوية الأجداد الوطنية والنضالية بشكلها الصحيح والسليم لألا يتوه من بعدهم من يحتل مكانهم في معادلة الشموخ والكبرياء داخل الأسوار والأسلاك الشائكة”.

ويوضح أنه في العيد تجتمع “لحظات الألم مع صناعة الفرح والغياب مع الاستحضار، وأداء الطقوس الدينية مع الإصرار على التحدي في ساحات وباحات السجن”.

ويشير وهو أسير سابق إلى أنه في العيد يكون لدى الأسرى الفلسطينيين عالم خاص وطقوس خاصة مخفية وغير ظاهرة، ويضيف “تتجلى بصورة الأبوة أو الأخوة أو الحياة الزوجية أو العائلية”، حيث يحييها كل منهم بطريقته الخاصة، ويتابع “فمنهم من يجدد الحياة مع من يحب بالكتابة ومنهم بالدعاء ومنهم بالنوم والتحليق في عالم الروح الذى لا يحده سجان ولا أسوار”.

ويوضح أنه قبل العيد، يشحذ الأسرى الهمم، ويستعدون للنضال والقتال بأمعائهم، لإرغام إدارة سجون الاحتلال على الاستجابة لطقوسهم الخاصة في العيد، والسماح لهم بأداء صلاة العيد في موعدها، وكذلك السماح لهم بزيارات غرف بعضهم لبعض لسويعات محدودة، لتبادل التهاني.

من جهته يقول الدكتور رأفت حمدونة مدير مركز الأسرى للدراسات إن 5300 أسير وأسيرة فلسطينية في السجون الإسرائيلية، يحرمون من فرحة العيد مع ذويهم، لافتا إلى أن إدارة مصلحة السجون تمارس بحق الأسرى والأسيرات الكثير من الانتهاكات الخارجة عن الاتفاقيات والمواثيق الدولية والقانون الدولي الإنساني، حيث تتجاهل خصوصية العيد في موضوع الزيارات والاتصالات واللقاء بالأهالي، وإدخال الحلويات، والملابس واجتماع الأسيرات الأمهات بأبنائهن وغير ذلك من احتياجات إنسانية.

ويؤكد حمدونة أن شعور الأسرى طوال أيام العيد مختلف عن كل فترات الاعتقال لبعدهم عن ذويهم، وعدم مشاركتهم لشعبهم هذه المناسبة العظيمة، مطالبا المؤسسات الحقوقية والدولية بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي للالتزام بمواد وبنود اتفاقيات جنيف التي تؤكد على حقوق الأسرى في تأدية العبادات والأعياد.

 وطالب وسائل الإعلام المشاهدة والمقروءة والمسموعة بالتركيز على تلك الانتهاكات وفضحها وتقديم شكاوى من قبل المنظمات الحقوقية العربية والدولية بحق مرتكبيها من ضباط إدارة مصلحة السجون والجهات الأمنية الإسرائيلية في تجاوز الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الأسرى.

وخارج أسوار السجون، تتفطر قلوب أسر أولئك الأسرى حزنا، وتذرف عيون الأمهات والآباء دموعا صبيحة أيام العيد، وحين تجتمع الأسرة على موائد الطعام، التي تكون خالية إما من الأب أو الأم أو من أحد الأبناء.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: