بانوراما العام 2019.. العرب بانتظار ربيعهم الذي لم يزهر بعد

بانوراما العام 2019.. العرب بانتظار ربيعهم الذي لم يزهر بعد

عمان – رائد الحساسنة

لن يصف مرارة الأحداث التي عصفت بالعالم العربي والإسلامي خلال العام 2019م، أكثر من الدماء التي سالت وما زالت تسيل في أكثر من قطرٍ عربيٍ منذ انطلاق شرارة الربيع العربي الأولى وصولاً إلى يومنا الحاضر المليء بإصرار الشعوب العربية وشبابها على قطف ثمار ربيعهم الذي لم يزهر بشكلٍ كاملٍ بعد رغم عظيم التضحيات التي بذلت في سبيل طريق الحرية والكرامة واستعادة حقوقها المسلوبة باختيار مصيرها.

“البوصلة” جالت في بانوراما العام 2019 ولكن في قراءة مختلفة لمجريات الأحداث بعيدًا عن السرد الاعتيادي واستشراف ما بعد تلك الأحداث التي نزفت من رصيد العرب دمًا وألمًا على أمل أن لا يبقى العرب طويلاً على مقاعد الانتظار بعيدًا عن التأثير في الحدث وصناعته لرسم مستقبل أفضل للبلاد العربية وشعوبها.

“الزخم الإيجابي” لـ 2019 يبشر بـ 2020 أجمل للشعوب العربية

هكذا يرى محللون وخبراء استطلعت “البوصلة” آراءهم حول بانوراما العام 2019 في العالم العربي والإسلامي، أنّ “الزخم الإيجابي الذي زرعته الشعوب العربية المصرة على استعادة حريتها وقرارها خلال العام الماضي، سيزهر في العام القادم 2020 مع استمرار الإصرار والإرادة والعزيمة التي ظهرت بها وبذلت من أجلها الغالي والنفيس.

أستاذ الصراعات الدولية في الجامعة الأردنية الدكتور حسن المومني، في حديثه لـ “البوصلة” يرى أن العام 2020 لن يكون فيه اختلاف جذري عن عامي 2018 و2019، لكن ذلك لم يمنعه من رؤية “بصيص أمل خلف “بعض الجوانب الإيجابية” التي حصلت خلال العام 2019.

“وعلى الرغم من أنه لا يمكن النظر لهذه الجوانب على أنها ستحدث قفزة استراتيجية خلال العام 2020م، لكن قد يستمر زخم هذه النتائج الإيجابية خلال العام القادم وبالتالي تكتسب الزخم وتزداد إلى أن تدريجيًا يمكن أن تتحسن الظروف نحو الأفضل”، يؤكد المومني.

الربيع العربي سينجح عاجلا أو آجلاً

“أنا متفائل أن العام 2020 سيكون أفضل من العام 2019، الذي حصلت فيه بعض التحركات، لكن النتائج من الممكن أن تتحقق خلال العام 2020 لصالح الشارع العربي ولصالح الربيع العربي”، بهذه الكلمات المفعمة بالأمل يؤكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك الدكتور أحمد نوفل خلال حديثه لـ”البوصلة” حول بانوراما الأحداث في 2019.

ويشدد نوفل على أن “الربيع العربي عاجلاً أو آجلاً لا بد أن ينجح، لأن عدم نجاح الربيع العربي يعني استمرار أنظمة عربية مستبدة واستمرار غياب الديمقراطية والأحزاب السياسية وانعدام حرية التعبير”.

ويرى أنه من الطبيعي أن تستمر الجماهير العربية بالضغط على أنظمتها السياسية خلال العام 2020 من أجل تحقيق الإصلاح السياسي المنشود.

حالة عدم استقرار شديدة خلال 2019

لكنّ التفاؤل لا يدفع الخبراء للإغراق بعيدًا عن الواقع الذي حصل خلال العام 2019 فنظرة فاحصة من أستاذ الصراعات الدولية الدكتور حسن المومني ترى أن المنطقة ما زالت تعاني من حالة عدم استقرار شديدة، على الرغم من أن مستويات العنف والإرهاب انخفضت عن العام السابق.

وبحسب المومني فإن “التنافس السياسي” بين القوى الإقليمية ما زال موجودًا، ممثلا بكل من إيران وتركيا و”إسرائيل”، وهو الأمر الذي يمثل صراع قوى حول الهيمنة وتعزيز النفوذ، وفي “المقابل فإن هناك أمامه حالة عدم وضوح وعدم استقرار وعدم قدرة من جانب العرب على إحداث تغيير جوهري في المنطقة.

يقول المومني إن الجوانب الإيجابية للعام 2019 شهدت موجة أخرى من موجات الربيع العربي بسياق مختلف وبتعبير مختلف سواء كان في لبنان أو السودان أو في الجزائر، وفي العراق للأسف هنالك حالة شديدة  التعقيد يصاحبها مستويات عالية من العنف ويمكن الحالة العراقية من أعقد الحالات، وتليها لبنان.

ربيع لبنان له نكهة خاصة “سلمية” بغض النظر، وهذا يعبر عن نوع من النضوج في القوى التي في الشارع أو القوى السياسية التي تستلم زمام الأمور، يؤكد المومني.

وينوه إلى ما حصل في السودان واصفًا إياه بـ “النقلة النوعية نحو التغيير”، مشددًا على أن هنالك بوادر أن السودان يتجه نحو الاستقرار.

ويرى المومني في الحالة الجزائرية نوعًا من النضوج متمثلة في القوى السياسية والاجتماعية سواء المتواجدة في الشارع أو الموجودة في الحكم لإدارة المرحلة.

أما الأوضاع في اليمن فيؤكد المومني أنها ما زالت تراوح مكانها، ويمكن استمرار هذا الأمر على حاله، الأمر الذي بالتأكيد سيؤثر على قوى إقليمية مثل إيران.

وفي الشأن السوري، يقول المومني: بدى وكأن النظام بدأ يستعيد سيطرته، وأكثر ثقة، لكن الأحداث التي تجري على الأرض منذ  عامين أثبتت أنه لا بد من حصول عملية سياسية ذات معنى لإنهاء الوضع في سوريا.

الأزمة السورية مستمرة واللاعبون الرئيسيون بتأثيرٍ محدود 

“وتبقى الأمور حتى وإن انخفضت درجة العنف تبقى المشكلة في سوريا والأزمة مستمرة إذا لم تقدم حلول سياسية مرضية لجميع الأطراف”، بحسب ما يصف أستاذ الصراعات الدولية.

وينوه إلى أنه في السياق السوري فإن روسيا وإيران وتركيا هم اللاعبون الرئيسيون، لكن مع ذلك ثبت محدودية تأثيرهم وقدرتهم على إخراج سوريا من الأزمة التي تعانيها، وبالتالي لا بد من أن يكون هناك جهد دولي لحل الأزمة السورية، وهذا الأمر سيحدد مستقبل العملية السياسية في سوريا من خلال نتائج اللجنة الدستورية.

صراع المتوسط والتحالفات المصلحية

ويؤشر الدكتور حسن المومني إلى نقطة محورية ومهمة حصلت في الإقليم خلال العام 2019 ممثلة فيما  برز إلى السطح من الصراع في شرق المتوسط على الغاز.

ويرى المومني أهمية هذه النقطة تحديدًا، في أنها ستؤثر على مجريات الأحداث في العام القادم 2020، الأمر الذي من شأنه نقل الصراع من منطقة الشرق العربي وبلاد الشام إلى شرق المتوسط بما فيها شمال أفريقيا، فضلا عن أن اليونان وقبرص ستدخلان على خط الصراع.

والخلاصة التي يريد إثباتها أستاذ الصراعات الدولية في هذا الصراع أننا سنشهد خلال العام 2020 نوعًا من بروز التحالفات المصلحية المتعلقة في الغاز الموجودة في شرق المتوسط، لذلك نرى الدور التركي نشطًا اليوم أكثر في الساحة الليبية، وهذا الحراك سيستمر خلال المرحلة المقبلة.

فضلا عن ذلك، يؤكد المومني أن العقوبات الأمريكية على إيران ستستمر خلال العام القادم 2020، وسيكون جزء من هذه العقوبات من نصيب تركيا.

صفقة القرن والدعم الدولي للقضية الفلسطينية

يرى الدكتور حسن المومني أنه وعلى الرغم من تغير الموقف الأمريكي خلال الأعوام من 2017 وحتى العام 2019 تجاه القضية الفلسطينية وما يتعلق بصفقة القرن، لكن العام 2019 شهد حالة دعم سياسي دولي وقانوني للقضية الفلسطينية كان آخرها قرار المحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق بجرائم حرب ارتكبها قادة دولة الاحتلال في فلسطين.

ويشدد المومني على أن هذا من شأنه أن يعطي أهمية خاصة في السياق السياسي والقانوني، ويبقي على القضية الفلسطينية كقضية عالمية مركزية.

حالة استقطاب وخلافات عربية وإسلامية مستمرة

وحول القمة التي دعت لها تركيا مؤخرًا في ماليزيا ودعوات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لإيجاد تحالف إسلامي قوي يثبت أن العالم أكبر من خمس دول تملك حق النقض الفيتو في مجلس الأمن، ورفض دول عربية الانضمام لهذا التحالف والكيان الجديد، يؤكد الدكتور حسن المومني أن المشكلة تكمن في انعدام وجود نظرة متجانسة عربية إسلامية محكومة بأهداف واضحة.

ويشدد المومني على أن هناك حالة استقطاب واضحة وصراعًا بين القوى بالذات عند الحديث عن الشرق الأوسط والقوى الرئيسية المتمثلة في تركيا وإيران والعربية السعودية وعلى الجانب الآخر دولة الاحتلال الإسرائيلي.

ويحذر أستاذ الصراعات الدولية من أن العرب سيبقون على الهامش خلال العام القادم كما كانوا في عام 2019، إذا ما بقيت أحوالهم السياسية على ما هي عليه من الاستقطاب والصراع.

ويشير إلى أن العام 2019 شهد أيضًا ملامح رأب الصدع الخليجي الخليجي، لكنه ليس في سياق استراتيجي، مؤكدًا لـ “البوصلة”: “لا أتوقع أن يتم حلحلة الأمور على المدى القصير، لكن هناك نقطة بداية أسستها جميع الأطراف خاصة ما بين السعودية وقطر، ويمكن أن تحدث تغييرات في المنطقة”.

ويلفت المومني أيضًا إلى أن الحراك الجاري في العراق ولبنان سوف يؤدي إلى إنتاج نوع من التسوية السياسية التي ستؤثر تدريجيًا على النفوذ الإيراني وتبدأ هذه البلدان باتجاه نوع من الاستقلالية بعيدًا عن الهيمنة الإيرانية.

وينوه إلى أن الحوار الداخلي الخليجي الخليجي قد يفضي إلى شيء إذا ما استمر بهذا الزخم والتفاعل الذي حصل بعد آخر قمّة والتواصل القطري السعودي.

هل يقلب المشهد الفلسطيني الطاولة على “صفقة القرن”؟

بدوره يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك الدكتور أحمد نوفل في حديثه لـ “البوصلة” أن هناك قضايا بدأت منذ العام 2017 وما زالت مستمرة تداعياتها ولم تنته بعد، وستكون القضية الرئيسية خلال المرحلة المقبلة ممثلة بالانتخابات الفلسطينية خلال العام 2020م وإمكانية نجاح حركة حماس في هذه الانتخابات.

ويضيف: حتى لا تتكرر تجربة بالعام 2006 عندما نجحت حماس في الانتخابات في ذلك الوقت، على السلطة الفلسطينية احترام إرادة الشعب الفلسطيني في الانتخابات، لأنه إذا ما حدث ذلك فإنه سينعكس على القضية الفلسطينية وصفقة القرن والعلاقات مع الدول العربية.

“ولذلك فإن العام 2020 بانتظار ثلاث انتخابات مهمة هي الانتخابات الفلسطينية، وانتخابات الكنيست الإسرائيلي بانتظار من سيأتي غانتس أو نتنياهو، والانتخابات الأمريكية”، يقول نوفل.

ويتابع: هذه الانتخابات سوف يتمخض عنها نتائج جدًا مهمة على الصعيد الدولي والعربي وخاصة القضية الفلسطينية.

ويشدد على أنه في حال فوز حركة حماس فإن المشهد السياسي كله سيتغير والطاولة ستنقلب، وعلى السلطة الفلسطينية أن تحترم هذه النتائج، وسيكون رسالة من الناخب الفلسطيني لمن يهمه الأمر إن كان عربيًا أو دولياً أن الناخب الفلسطيني ما زال متمسكاً بشعارات القضية الفلسطينية الأساسية متمثلة بحقه بالعودة وكل ما يتعلق بالنضال الفلسطيني من أجل حل القضية الفلسطينية بما يضمن القضية الأساسية بحق العودة والتحرير.

ويقول نوفل إن نتائج الانتخابات الفلسطينية سينعكس على الوضع الإسرائيلي خاصة مع بعض الأنظمة العربية التي تريد تطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني، الأمر الذي سيجبرها على التوقف عن الهرولة نحو التطبيع.

ويستدرك أنه لا تستطيع الأنظمة العربية تطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني في ظل رفض فلسطيني واضح لهذا الأمر بعد اختيار قيادة جديدة له في الانتخابات المقبلة.

وينوه نوفل بالقول: في حال انتخاب غانتس الذي هو الجنرال الذي قاد العدوان الإسرائيلي على غزة سيصبح من الصعب على الأنظمة العربية أن تتماشى مع الأمر في ظل فتح المحكمة الجنائية الدولية لتحقيق في جرائم حرب ارتكبت في فلسطين ومحاسبة مجرمي الحرب.

“سيصبح من الصعب على الأنظمة العربية أن تطبع علاقاتها مع قيادات إسرائيلية تعد حسب القانون الدولي والمحكمة الجنائية الدولية مجرمي حرب لأن هذه القضية من المهم التركيز عليها”، يقول نوفل.

ويشدد أستاذ العلوم السياسية على أن هناك أزمة إسرائيلية كبيرة هدّت السياسيين الإسرائيليين وكل واحد فيهم أصبح يعتقد أنه من الممكن أن يتهم كمجرم حرب، وهذا يعني أن مائة شخصية إسرائيلية سيحاكموا كمجرمي حرب، وهؤلاء لا يستطيعون مغادرة فلسطين المحتلة للخارج لأنه سيتم القبض عليهم ومحاكمتهم كمجرمي حرب.

ويتساءل: هل يعقل أن تطبع الأنظمة العربية مع كيان معظم جنرالاته وسياسييه من مجرمي الحرب ومتهمين أمام المحكمة الدولية.

وينوه إلى بعض الوزراء الإسرائيليين زاروا عواصم عربية خلال العام 2019 وإذا ما استمرت هذه الزيارات مع دول خليجية عندها المحكمة الجنائية الدولية ستطالبهم بالقبض عليهم ومحاكمتهم وفي هذا إحراج للدول العربية أن تستقبل مسؤولين إسرائيليين يعتبرون مجرمي حرب.

وفي السياق ذاته يرى الدكتور حسن المومني أن العام القادم سيكون عامًا حاسما بشأن انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مرة أخرى من عدمه، وانعكاسات ذلك على المنطقة برمّتها.

ويؤكد أن نتائج الانتخابات الأمريكية خلال العام 2020 ستكون مهمة جدًا فإذا جاء الديمقراطيون سيأتون بسياق مختلف، وإذا ما استمر ترامب في السلطة ستكون هذه إلى حد ما خبراً مفرحا لدى البعض وقد يكون مشكلة لدى البعض الآخر.

ويقول الدكتور حسن المومني إن العام 2019 تميز بحالة عدم الاستقرار السياسي في دولة الاحتلال الإسرائيلي الأمر الذي اضطرهم لإعادة الانتخابات مرتين، فيما من المنتظر خلال العام 2020 أن يكون هناك انتخابات ثالثة وبالتالي المتغيرات التي ستحصل في إسرائيل حال فوز نتنياهو أو غانتس، سيكون لها ما بعدها من تأثير على القضية الفلسطينية، والإعلان عن الخطة التي طال انتظارها “صفقة القرن”.

رموز الفساد وقادة المليشيات بمواجهة الحراك الشعبي العراقي

وفي مشهد العراق بالغ التعقيد يؤكد الصحفي العراقي أحمد الشمّري في حديثه لـ “البوصلة” أن الحراك الشعبي كان مفاجئا للأحزاب بالزخم والقوة التي ظهر فيها، ولذلك حاولت أحزاب السلطة الموالية لإيران قمعه منذ البداية باستخدام قناصين من المليشيات الشيعية، إلا أن الأمر انعكس بالسلب عليهم بعد التعاطف المجتمعي، فزاد من غضب الشارع وامتد إلى محافظات أخرى.

ومن وجهة نظره الشخصية يؤكد الشمّري أن الحراك العراقي لن يجني ثماره خصوصا وأنه قدم أكثر من 500 قتيل ونحو 20 ألف جريح، إلا بفرض رئيس حكومة مستقل يتمكن من التمهيد لانتخابات حرة نزيهة تعيد ثقة الشارع بالعملية السياسية.

ويقدم وصفة الدواء للحالة العراقية بالقول: إذا تمكن الشعب العراقي من إزاحة هذه الأحزاب التي تمسك بالسلطة منذ 16 عاما، خلال انتخابات مبكرة بإشراف أممي، بذلك يكون قد حقق ما خرج من أجله بإزاحة رموز الفساد وقادة المليشيات من السلطة.

“اليمن الممزق” يهدد الأمن القومي للجزيرة العربية

وفي ساحة عربية أخرى نازفة، يقول المحلل السياسي اليمني خالد عقلان في حديثه لـ “البوصلة” إنه من المؤسف أن اليمن صار مقطع الأوصال تتحكم فيه  مليشيات مرتبطة  بدول خارجية، وصارت السعودية متقلبة ومتخبطة في مواجهة التحديات الكبيرة على الصعيد العسكري والإنساني والاستراتيجي، وصار الأمر أكثر وضوحا في استهداف كيان الدولة اليمنية وتفكيك اليمن وانهاك جميع أطراف الحرب لكي يتسنى تقاسم النفوذ مع الإمارات وتحقيق الأهداف الجيوسياسية لدول التحالف على حساب سيادة ووحدة اليمن.

ويؤكد عقلان على نتيجة مفادها أن اليمن صار مستنقعا لدول التحالف وسجنا كبيرا يعاقب به شعب كامل ذنبه الخروج على نظام فرض العزلة عليه لأكثر من ثلاثين عاماً  وللأسف صار الشعب اليمني معاقبا بعدم وجود إرادة دولية لتسوية النزاع.

ويشدد على أن كل ما تقوم به التحالف السعودي الإماراتي هو الحفاظ على موازين القوى بين المتحاربين في اليمن لتحقيق مزيد من المكاسب والسيطرة على مقدرات الشعب اليمني .

 ويستدرك عقلان بالقول: لذلك صار الوضع بشكل عام  قاسيا على اليمنيين وعلى سيادة واستقلال بلدهم ووحدتها، حيث تحرص السعودية والإمارات على تغذية  انقسامات الجبهة التي تقاتل الانقلاب الحوثي، حيث دعمت الإمارات انقلاب المجلس الانتقالي الانفصالي في أغسطس الماضي ضد الحكومة الشرعية التي يزعم التحالف أنه جاء لدعمها واستعادتها لكامل الأرض اليمنية..

وينوه إلى أنه بسيطرة الانفصاليين على عدن  بدعم الإمارات، تكون اليمن قد دخلت عمليا تحت سيطرة مليشيات مناطقية عنصرية في الجنوب وطائفية في الشمال،  وهذه محاولة مكشوفة وخطيرة تهدد الامن القومي للجزيرة العربية كلها لأن فرض محاصصة طائفية في اليمن سيكون له تداعيات خطيرة على دول الجوار كلها.. تلك المحاصصة الطائفية التي رفضها الشعب العراقي واللبناني ويحاول تحالف السعودية والامارات فرضها على الشعب اليمني وستكون لعنه ترتد في المقام الأول على أصحابها.

ويحذر عقلان من أن السعودية صارت تحت تهديدات غير مسبوقة بعد إصابة عصب الاقتصاد فيها (أرامكو) بضربة قاسية ، مما أظهر هشاشة المملكة في مواجهة أذرع إيران في المنطقة، ويؤكد على أنها في الوقت ذاته غير جادة في دعم الحكومة الشرعية لتمكينها من السيطرة على الأرض.

ويختم عقلان حديثه لـ “البوصلة” بالقول: هذا يقودنا للتساؤل ماذا تريد السعودية من اليمن، وهل صارت عاجزة عن حماية نفسها من المخاطر المحدقة بها؟

الأمل موجود رغم “قوى الشد العكسي”

ورغم قتامة المشهد في العالم العربي خلال العام 2019 وما شهده من أحداث دامية وأزمات خانقة، يصر أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك الدكتور أحمد نوفل في حديثه لـ “البوصلة” على أمله المتمسك بنجاح الربيع العربي رغم وجود قوى شد عكسي تمنع نجاحه وتؤجله في أكثر من قطرٍ عربي.

ويدعم أمله في فكرة نجاح الربيع العربي في مشهد استمراريته في تونس والجزائر على الرغم من تراجعه قليلا في العامين الماضيين لكنه استمر، يؤكد نوفل.

ويتابع حديثه: إنه وحتى في مصر، من يلاحظ ما يحصل من تضييق للحريات وقمع للصحافة الحرة وكل ما له علاقة بالوضع الاقتصادي والبنية التحتية وتهاويها، يؤكد أنه من الممكن  عودة الشارع المصري لميدان التحرير مرة أخرى للمطالبة بالحريات.

ويحمل نوفل الكثير من الآمال على المقاومة الفلسطينية في غزة، وأنه في حال استمرار تقاعس السلطة الفلسطينية عن البدء بانتفاضة شعبية ضد الاحتلال والاستيطان، خاصة بعد اعتراف الولايات المتحدة بشرعية الاستيطان، فإنه لن يبق أمام الفلسطينيين سوى الانتفاضة والثورة ضد الاحتلال والاستيطان وحماية القدس والمقدسات.

نحن أمام مرحلة انتظار، وهي مرحلة من الممكن أن تكون نتائجها إيجابية بشكل كبير لصالح القضايا العربية في جانب الإصلاح السياسي ولصالح القضية الفلسطينية وليست في صالح الكيان الصهيوني الذي يعيش في أزمة خانقة بسبب عدم نجاح أي من الأحزاب الإسرائيلية في تشكيل حكومة بسبب الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة.

2020 لن تنقلب الأمور رأسًا على عقب

وخلاصة القول التي يراها أستاذ الصراعات الدولية الدكتور حسن المومني في حديثه لـ “البوصلة” أنه لن يكون هناك تغيير جوهري خلال عام 2020 يقلب الأمور رأسًا على عقب باتجاه تحسين الحال العربية.

ويؤكد المومني: “باعتقادي الأسوأ مر، لكن العملية تتمثل في إدارة واقع راهن، وإن كان هناك شيء إيجابي سيكون بشكل تدريجي تراكمي بتوفر الإرادة عند جميع الأطراف”.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: