بريطانيا.. من وعد بلفور إلى وصم “حماس” بـ “الإرهاب”

بريطانيا.. من وعد بلفور إلى وصم “حماس” بـ “الإرهاب”

– أكاديمي: القرار سببه تنامي التأييد الشعبي في بريطانيا لصالح القضية الفلسطينية
– محلل سياسي: بريطانيا ترى في نفسها راعية للمشروع الصهيوني

البوصلة – قرار الحكومة البريطانية وصم حركة “حماس” الفلسطينية، بـ”الإرهاب” أعاد إلى الأذهان سلسلة قرارات معادية أصدرتها لندن تجاه فلسطين، بدءا من “وعد بلفور” عام 1917، مرورا بتسهيل عمليات الهجرة اليهودية، وصولا إلى المساهمة في تأسيس دولة الاحتلال إسرائيل عام 1948.

والجمعة، أعلنت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل، أنها شرعت في استصدار قانون من البرلمان، يصنف حركة “حماس” على أنها “منظمة إرهابية” ويحظرها في المملكة المتحدة.

ويقول خبراء ومحللون سياسيون، في أحاديث منفصلة لوكالة الأناضول، إن بريطانيا تواصل انحيازها لإسرائيل، وتعتبر نفسها المسؤولة عن حماية “المشروع الصهيوني”.

** انحياز واضح

بلال الشوبكي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل (جنوب)، يقول إن الموقف البريطاني مرتبط بعدد من العوامل، أبرزها: انسحابها من الاتحاد الأوروبي، وتنامي التأييد الشعبي في بريطانيا للقضية الفلسطينية.

ويضيف أن “المواقف البريطانية منحازة لإسرائيل على حساب القضية الفلسطينية تاريخيا”.

ويرى أن هناك حراكا شعبيا واسعا في بريطانيا لصالح القضية الفلسطينية، وربما هذا الأمر أزعج أصحاب النفوذ في المملكة المتحدة، ودفع بقوى اليمين لتبني هذا القرار”.

ويذكر أن موقف بريطانيا “منحاز لإسرائيل بشكل واضح، وإن بدا مُجمّلا في بعض الأحيان، كتبني خيار حل الدولتين، غير أنها لم تقدم على أي خطوة عملية وحقيقية لرفض السياسات الإسرائيلية”.

ويعتبر الشوبكي، أن القرار البريطاني “لم يتخذ بمعزل عن حالة الحرب ضد التيارات الإسلامية الوسطية في الشرق الأوسط، حيث حُظرت الحركة (حماس) في عدد من الدول العربية”.

** ضغوطات على “حماس”

بدوره، يرى الكاتب الفلسطيني طلال عوكل، أن القرار يهدف إلى ممارسة ضغوط على “حماس” لصالح إسرائيل، في ظل الحراك الدائر في عدد من الملفات بين الجانبين، ومنها تبادل الأسرى والحصار المفروض على قطاع غزة، الذي تسيطر عليه الحركة، وغيرها.

وتأسر حماس أربعة إسرائيليين داخل غزة، ويتدخل وسطاء في محاولة لإبرام صفقة لمبادلتهم بأسرى فلسطينيين، دون أن تتم الصفقة حتى الآن.

ويقول عوكل، إن القرار البريطاني يأتي أيضًا “في ظل وجود حراك داخلي في بريطاني، مناصر للقضية الفلسطينية، تنامى خلال الحرب الأخيرة (في مايو/أيار الماضي)”.

ويضيف: “بريطانيا، وبطلب من إسرائيل اتخذت القرار الذي من شأنه تجريم أي تحرك شعبي أو مناصرة للقضية الفلسطينية، في إطار محاولة ضبط الوضع الداخلي”.

وذهب عوكل إلى أن بريطانيا “ترى نفسها في موقع المسؤولية لحماية المشروع الصهيوني الذي خلقته، وهي تعبّر عن سياسة استعمارية مستمرة”.

ويرى أن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، “يمضي قدما على خطى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشأن القضية الفلسطينية”.

ورفضت حركة “حماس” القرار البريطاني، كما رفضته وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، وقالت إنه يأتي في إطار “الرضوخ البريطاني لإسرائيل”.

** عداء بريطاني تاريخي ضد الفلسطينيين

لم يكن القرار البريطاني المنحاز لإسرائيل وحيدًا، بل سبقه الكثير من الخطوات، فلندن هي التي مهدت لتأسيس إسرائيل، ويعتبرها الفلسطينيون المسؤولة الرئيسية عن نكبتهم عام 1948.

وفيما يلي أبرز القرارات البريطانية بشأن القضية الفلسطينية:

** وعد بلفور

في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني لعام 1917، بعث وزير خارجية بريطانيا آنذاك، آرثر جيمس بَلفور، رسالة إلى اللورد ليونيل والتر روتشيلد، أحد زعماء الحركة الصهيونية، عُرفت فيما بعد باسم “وعد بلفور”.

وجاء في نص الرسالة: “حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل عظيم جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية”.

وزعم بلفور في رسالته، أن بريطانيا ستحافظ على حقوق القوميات الأخرى المقيمة في فلسطين، وهو ما لم تلتزم به.

وتزامن الوعد، مع احتلال بريطانيا، لكامل أراضي فلسطين التاريخية خلال الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918).

** صك الانتداب

في العام 1920، عُقد “مؤتمر سان ريمو” للقوى المنتصرة في الحرب العالمية الأولى، وقرر المجتمعون منح بريطانيا حق الانتداب على فلسطين.

وفي يوليو/ تموز 1921 أعلنت عُصبة الأمم (الأمم المتحدة حاليًا) مشروع الانتداب البريطاني على فلسطين، وذكرت أن المشروع جاء بناءً على الوعد الذي أطلقه بلفور عام 1917، بإنشاء وطن لليهود في فلسطين.

** جلب اليهود وارتكاب المذابح

وخلال فترة الاحتلال البريطاني لفلسطين، عملت لندن على استجلاب اليهود من كافة دول العالم، وتنظيمهم وتقديم الدعم لهم لتأسيس دولة إسرائيل.

وارتكبت القوات البريطانية خلال تلك الفترة عددا من المذابح، وقمعت الثورات الفلسطينية وأبرزها ثورة عام 1920، وثورة البراق عام 1929، وثورة القسام عام 1935، والثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936.

ويقول المؤرخ وأستاذ العلاقات الدولية السابق بجامعة أوكسفورد “البريطاني الإسرائيلي” آفي شلايم، في مقال نشره في موقع “ميدل إيست آي” البريطاني في مارس/آذار الماضي، إن بريطانيا سحقت “بقسوة ووحشية” الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت عام 1936 للمطالبة بالاستقلال.

ويضيف: “في عملية سحق الانتفاضة، كسرت بريطانيا العمود الفقري للحركة الوطنية الفلسطينية، وأضعفت الفلسطينيين بشكل خطير، وفي المقابل قوّت المجموعات الصهيونية، حيث تحرك الطرفان بلا هوادة نحو المواجهة النهائية”.

ويتابع: “مع اقتراب الانتداب البريطاني لفلسطين من نهايته المزعجة، استمرت لندن في موقفها المعادي للفلسطينيين (..) تبنت بريطانيا رسميا موقفا محايدا، لكنها وراء الكواليس عملت على إجهاض ولادة دولة فلسطينية”.

** التواطؤ مع الحركة الصهيونية لإنشاء إسرائيل

انسحبت بريطانيا من فلسطين يوم 14 مايو/أيار 1948، وأعلنت المنظمات الصهيونية قيام دولة إسرائيل، بعد أن تم تهجير قرابة 800 ألف فلسطيني عبر المذابح والترهيب من قراهم ومدنهم إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة، من أصل مليون و400 ألف.

وكانت القوات البريطانية شاهدة على كثير من المجازر ارتكبتها العصابات الصهيونية بحق الفلسطينيين، بينها مجزرة دير ياسين غربي القدس، التي راح ضحيتها نحو 250 فلسطينيا، وفق مصادر تاريخية.

ويُحمّل الفلسطينيون المجتمع الدولي عامة، وبريطانيا خاصة، مسؤولية نكبتهم المستمرة.

وفي عام 2017، وقبيل إحياء الذكرى المئوية لوعد بلفور، طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بريطانيا بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، والاعتذار عن وعد بلفور الذي أسس لاحتلال بلاده.

غير أن بريطانيا رفضت الاعتذار؛ بل على العكس، عبّرت رئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماي، في حينه، عن رغبتها بالاحتفال بمرور مئة عام على “الوعد”.

** معاداة السامية

في ديسمبر/كانون الأول من العام 2016، تبنت حكومة “ماي” رسميا تعريف معاداة السامية، كما هو صادر عن التحالف الدولي لذكرى الهولوكوست (المحرقة النازية)، والذي يعتبر حتى انتقاد إسرائيل وتشبيه ممارساتها بالممارسات النازية، ممارسة معادية للسامية.

وبهذا القرار تكون الحكومة البريطانية الأولى في العالم التي تقدم على ذلك.

الاناضول

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: