تتفرد به أميركا.. 5 أسباب وراء تمسك أميركا بنظام “المجمع الانتخابي”

تتفرد به أميركا.. 5 أسباب وراء تمسك أميركا بنظام “المجمع الانتخابي”

كل 4 سنوات، تتكرر الدعوات المطالبة بضرورة إنهاء العمل بنظام المجمع الانتخابي (الهيئة الانتخابية المكونة من 538 عضوا، ويتطلب الفوز الحصول على 270 صوتا بحد أدنى) كطريقة فريدة لاختيار الرئيس الأميركي الجديد، ولا تتبع أي دولة أخرى في العالم مثل هذا النظام، وتتضاعف تلك الدعوات عقب أي انتخابات يحصل فيها المرشح الفائز بالرئاسة على أقلية الأصوات الشعبية.

وبالعودة إلى نهايات القرن 18، وتحديدا إلى مدينة فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا عام 1787، عندما اجتمع مندوبو المؤتمر الدستوري للبحث في توازن عملية انتخاب الرئيس بما يحقق مصالح الولايات الصغيرة والكبيرة على حد سواء، وضمان منح الرئيس المنتخب الاستقلال عن الكونغرس، واختيار الرئيس من قبل ناخبين مطلعين يمثلون المصالح المتنوعة لمختلف الولايات، لم يكن هناك أفضل من حل “نظام المجمع الانتخابي”.

واحتد النقاش حول مستقبل نظام المجمع الانتخابي عقب انتخابات 2016 التي فاز بها الرئيس دونالد ترامب محققا 62.9 مليون صوت، وهو ما يقل عما حققته هيلاري كلينتون بـ3 ملايين صوت، إذ حصلت على أصوات 65.8 مليون ناخب؛ إلا أن ترامب فاز بأغلبية أصوات المجمع الانتخابي، وحصل على 302 صوت، مقابل 232 لكلينتون التي لم تعترض على النتائج النهائية.

وخلال تاريخ الولايات المتحدة فاز 5 رؤساء بالرئاسة على الرغم من عدم حصولهم على أغلبية الأصوات الشعبية؛ إلا أنهم فازوا بأغلبية أصوات المجمع الانتخابي.

ومع ذلك يُنظر إلى نظام المجمع الانتخابي على أنه جزء حاسم من الضوابط والتوازنات الأساسية للنظام السياسي الأميركي، ولا يمكن التخلي عنه لأسباب من أهمها:

الفدرالية الأميركية

إن الحجة الرئيسية للحفاظ على المجمع الانتخابي هو أنه جزء لا يتجزأ من الفلسفة الفدرالية التي تأسست عليها الدولة الأميركية، وتعني الفدرالية توزيع السلطات بين الحكومة الفدرالية وحكومات الولايات 50 والحكومات المحلية، بدلا من حكومة مركزية قوية، ويتيح المجمع الانتخابي للولايات، صغيرها وكبيرها، تأدية دور هام في اختيار أعضاء المجمع الانتخابي على أساس التصويت الشعبي لكل ولاية، كما أن من شأن هذا النظام تخطي كل الانقسامات التي جمعها الاتحاد الأميركي سواء الدينية أو العرقية أو الإثنية.

يحفظ مصالح الجميع

نجا نظام المجمع الانتخابي من كل ما مرت به الولايات المتحدة على مر تاريخها من صراعات داخلية وحروب أهلية، لسبب رئيسي وهو الرغبة في تمثيل مصالح الولايات وحمايتها من أي تطرف، سواء على المستوى الفدرالي أو داخل أي ولاية.

ونص الدستور الأميركي على ضوابط وتوازنات بحيث لا تحاول السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية تغيير التوازن فيما بينها، من هنا يتمسك به الجميع سواء الولايات الكبيرة مثل كاليفورنيا وتكساس ونيويورك والصغيرة مثل آيداهو وداكوتا الشمالية.اعلان

وعلى مدار العقود الأخيرة جرت مئات المحاولات في الكونغرس ونُظر في مئات القضايا أمام المحاكم؛ لكن فشلت كل الجهود في تغيير هذا النظام الفريد.

الحملات الانتخابية على المستوى الوطني

يقول مؤيدو نظام المجمع الانتخابي أنه يُجبر المرشحين على الدخول في منافسات على المستوى القومي بصورة كاملة، ومن المستحيل على أي رئيس أن يفوز اعتمادا على ولايات منطقة جغرافية واحدة، مثل الجنوب الأميركي أو الغرب الأميركي.

وبدون هذا النظام، يمكن لمرشح الفوز اعتمادا على أصوات الولايات الست الأكبر من حيث عدد السكان، مثل كاليفورنيا وتكساس ونيويورك وفلوريدا وإلينوي وبنسلفانيا، ويتجاهل بقية ولايات الاتحاد. بما يطمئن الناخبين في مختلف المناطق من أن المرشح الذي يتحدث فقط إلى مجموعة صغيرة من الولايات لا يمكن له أن يكون رئيسهم الجديد.

ويجبر نظام المجمع الانتخابي المرشحين والأحزاب على تطوير جاذبيتهم على المستوى القومي من خلال القيام بحملات انتخابية في الولايات المتنازع عليها بشدة في جميع أنحاء البلاد، ويوفر نفوذا واسعا للولايات الصغيرة والأقليات العرقية في الولايات الكبيرة.

ومن دون هذه النظام يمكن أن يتم تجاهل الولايات الصغيرة التي لا يمثلها إلا 3 مندوبين في المجمع الانتخابي مثل وايومنغ وآلاسكا ومونتانا، حيث يمكن لأي منها أن تعمل كصوت حاسم في الانتخابات الرئاسية التي تتقارب فيها النتائج.

من ناحية أخرى، لا يسمح نظام المجمع الانتخابي بتجاهل الأقليات من السود واللاتينيين والآسيويين وغيرهم، حيث يجذبون انتباه المرشحين لأنهم يميلون إلى العيش في ولايات كبيرة ذات عدد كبير من الأصوات الانتخابية.

نتائج واضحة وحاسمة

من شأن اتباع الولايات المتحدة لنظام انتخاب شعبي للرئيس أن يؤدي لخلق الفوضى خاصة في حال تحدي أحد المرشحين النتائج، والمطالبة عبر القضاء بإعادة الفرز على المستوى الوطني.

في حال نظام المجمع الانتخابي، وكما حدث في انتخابات عام 2000 بين جورج بوش وآل جور، تم إعادة الفرز في ولاية واحدة، فلوريدا، ولم تتأثر بقية الولايات.

كما يسهم نظام المجمع الانتخابي في تحديد حاسم للطرف الفائز في ظل غياب الحصول على أغلبية الأصوات الشعبية، كما جرى بانتخابات 1968 و1992، حين وجد مرشح ثالث قوي، ولم يحقق أي من المرشحين أغلبية نصف الأصوات الشعبية، ولولا وجود المجمع الانتخابي كان سيطرح ذلك تساؤلات خطيرة حول شرعية الرئيس الجديد.

وهكذا يضمن نظام المجمع الانتخابي تحقيق أغلبية فائزة لأحد المرشحين في كل انتخابات، مما يجنب الولايات المتحدة أزمات دستورية من العيار الثقيل؛ أي إنه حل مناسب لقضية الشرعية، ولا يتطلب تعديلات دستورية أو سجالات حزبية.

تجنب قصور التصويت الشعبي

لا يتمتع نظام الانتخابات الشعبية بحجج قوية عند أغلب الخبراء الدستوريين، حيث يعد أغلب الأميركيين دولتهم “جمهورية دستورية” بالأساس، وليست “دولة ديمقراطية”، ويرى المدافعون عن نظام المجمع الانتخابي أنه الابن الشرعي للانتخابات الرئاسية على أساس أصول البلاد الدستورية.

كما يوفر هذا النظام جدارا صلبا ضد التزوير، حيث لا يؤثر تزوير أعداد صغيرة من الأصوات على نتائج الانتخابات النهائية، ويمنع التزوير المنهجي من خلال اتباع كل ولاية لإجراءات وطرق مختلفة في تصويتها.

اختبار 2020

تخضع الولايات المتحدة ونظامها الانتخابي لاختبار تاريخي هذا العام، خاصة مع توقع حدوث أزمات نتيجة عدم تعهد الرئيس ترامب باحترام نتائج الانتخابات، على خلفية تشكيكه في طريقة التصويت بالبريد، وترجيح توقع تأخر إعلان النتائج النهائية.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: