حكومة الرزاز تغادر محمّلة بالفشل الذريع.. هل القادم يكون أفضل حالا؟

حكومة الرزاز تغادر محمّلة بالفشل الذريع.. هل القادم يكون أفضل حالا؟

الخبير الإستراتيجي د. منذر الحوارات لـ “البوصلة”:

– الحكومة القادمة لن تكون أفضل حالاً مع استمرار آلية “تدوير الأشخاص”

– حالة الفشل التي يعيشها الأردن تستدعي محاسبة الفريق الذي يدير المشهد

الخبير الاقتصادي محمد البشير لـ “البوصلة”:

– لست متفائلا بالحكومة القادمة والمستقبل ما دام الإصلاح السياسي في غيبوبة

– حكومة الرزاز فشلت بجميع المؤشرات الاقتصادية وعلى رأسها الملف الضريبي

عمّان – رائد الحساسنة

عبّر خبراء ومختصون في تصريحاتٍ إلى “البوصلة” عن خيبة أملهم وعدم تفاؤلهم بأن تكون الحكومة المقبلة أفضل حالاً من حكومة الرزاز التي ستغادر محمّلة بالفشل الذريع بمختلف الصعد السياسية والاقتصادية والصحية، مؤكدين في الوقت ذاته أن تواصل حالة الفشل ستظل مستمرة ما دام الإصلاح السياسي في غيبوبة، مع انعدام وجود أي نية لدى صاحب القرار للإصلاح السياسي الحقيقي الذي يتم فيه إشراك الشعب بصنع القرار.

وأكد الخبراء أن استمرار آلية “الحكومات المعينة” ستعزز حالة الفشل في ظل تعدد الجهات التي تتدخل وتتحكم بتشكيلتها عبر العلاقات الشخصية والتوزيع الجغرافي والمحاصصة، مشددين على أن هذه الاعتبارات لن تنتج فريقًا قادرًا على دفع بلادنا نحو الأمام، أو تمنحه الفرصة لمعالجة الاختلالات الجوهرية والهيكلية في الاقتصاد.

أجندات حكومية سياسية أفشلتنا في مواجهة الوباء

وعبّر الخبير الإستراتيجي الدكتور منذر الحوارات في تصريحاته إلى “البوصلة” عن خيبة أمله من الفشل الذريع الذي أوقعتنا به الحكومة في مواجهة “جائحة كورونا”، متسائلاً: “لو كانت الحكومة نجحت في الملف الصحي هل كنّا لنرى كل هذه التداعيات على الحالة الصحية والوبائية علينا”.

وقال الحوارات إن وزارة الصحة رغم تشددها في بداية الجائحة كانت تؤجل دخول المرض، الأمر الذي أفقدنا الخبرة الحقيقية في التعامل مع الوباء، معبرًا عن أمله أن لا يسقط القطاع الصحي ضحية للحالات المتراكمة لا سيما وأن الواقع يشير إلى أن الاستعدادات التي قامت بها الحكومة على صعيد الصحة العامة لم تكن بمستوى يستطيع تحمّل عبء الجائحة.

إقرأ أيضا: 4 مليار دينار ارتفاع المديونية بعهد الرزاز

وأشار إلى أن عدد حالات الإصابة التي تعلن عنها الحكومة تتناقض مع المنطق العلمي الذي يعطي الفايروس الصيغة التصاعدية، فليس فيه صعود ونزول، فهو يصعد بمنحنى ومن ثم يتسطح ومن ثم يعود للنزول أو يستقر على حالة واحدة، مشددًا على أن الإجراء الحكومي على صعيد الفحوصات يتسم بالمزاجية واللامصداقية.

وقال الحوارات نحن بحاجة إلى حل للإخفاقات السابقة بإيجاد وسائل تمكن القطاع الصحي من الصمود، من خلال تشاركية المختصين في القطاع الصحي بشقيه الحكومي والخاص لقراءة المشهد الوبائي وتقرير ما علينا فعله تجاه الجائحة، بعيدًا عن سلوك الحكومة السابق في توظيف الوباء لغاية أجندات سياسية.

استمرار حالة الفشل في ملف الاقتصاد

بدوره يرى الخبير الاقتصادي محمد البشير في تصريحاته إلى “البوصلة” أن الحكومة على الرغم من أنها جاءت على إثر انتفاضة شعبية ضد الضرائب، إلا أنها فشلت بمعالجة الملف الضريبي كما جاء في كتاب التكليف الملكي، على اعتبار أنه المدخل الرئيسي للإنعاش الاقتصادي.

وأكد البشير أن الانكماش الاقتصادي استمر في تصاعد ولم تقدم له أي معالجة حقيقية إلا من بعض التحسينات الطفيفة هنا وهناك، مشددًا على أن حالة الفشل في تحقيق أي نسبة نموّ ما قبل كورونا استمرت وأكثر من ذلك مزيد من المديونية والمزيد من النفقات الجارية وتجميد النفقات الرأسمالية مما أدى إلى خلق بيئة غير مناسبة لجذب واستقطاب الاستثمارات من جهة، وطاردة للاستثمارات القائمة، وبهذا المعنى فشلت الحكومة بالمؤشرات الاقتصادية.

وعن الفشل في المؤشر السياسي يؤكد البشير أن المخالفات السياسية بحق الحكومة تراكمت لا سيما في ظل قوانين وضعت قسرًا على المجتمع الأردني من خلال مجلس نواب هو حصيلة تحالف سياسي تقليدي من الطبقة السياسية التقليدية مع رأس المال وأنتجت تشريعات ذات علاقة بالجرائم الإلكترونية وتعظيم دور الحكام الإداريين الذي كان فيه اعتداء على الناس، مع الاستمرار في إهمال دور القوى السياسية وقوى المجتمع المختلفة.

ويستدرك بأن الأمر كان أكثر سوءًا في حكومة الرزاز فكانت كورونا عنوانًا آخر وأصبحت قوانين وأوامر الدفاع وما فيها من استقواء على المؤسسات والاقتصاد والاجتماع على حدٍ سواء.

هل تكون الحكومة القادمة أيا كان رئيسها أفضل حالا؟

ويرى الدكتور منذر الحوارات في تصريحاته إلى “البوصلة” أن الرئيس القادم لن يكون أفضل حالاً من الرزاز في ظل استمرار آلية “تدوير” الأشخاص، فالملقي ألقى ملفات كبيرة ساخنة لمن بعده بعد احتجاجات شعبية، والرزاز سيكرر الفعل ذاته ويلقي بحالة الفشل والملفات والمشاكل الكبيرة لمن بعده، فيما الشعب لا يلمس أي أثر أو نتائج إيجابية لقرارات الحكومات المتعاقبة.

ويوجه الخبير الإستراتيجي نقدًا لاذعًا لحكومة الرزاز، فهي من وجهة نظره: “زادت الأمر سوءًا وفاقمت الديون والعجز في الميزانية وفاقمت البطالة وفاقمت الحالة العامة وزادت على كل ذلك حالة من اليأس المجتمعي سيلقى إلى حكومة أخرى”.

ويتابع بالقول: الرئيس القادم سيتم اختياره بالطريقة ذاتها، تلك التي تم فيها اختيار حكومة الرزاز، المتمثلة بعملية صناعة الأشخاص ومن ثم تدويرهم مرة بعد مرة”.

وأشار إلى أنه يجب علينا التوقف عن اختيار التكنوقراط  لتشكيل الحكومات، لأن التكنوقراط يجب أن يكون موظفًا لدى السياسي، ويقدم النصح له، مشددًا على أن “التكنوقراط” لا يرى الأمر بشمولية السياسي، الذي يفترض أنه خبر المجتمع وعاصره وعارك حتى وصل لمنصبه.

واستدرك الحوارات بالقول: “لكن للأسف طبيعة الحياة السياسية في الأردن عقيمة ولا تنتج سياسيين؛ لأن ما ينتج السياسي حراك مجتمعي حر ديمقراطي مبني على تحالفات اجتماعية سياسية وهذا كله غير موجود، بالتالي يهيكل السياسيون ويصنعوا وفق إرادات معينة، وهذه الإرادات لا تكون بالضرورة هي أجندات المصلحة العامة، وبالتالي يجب أن نتوقف عن هذا السلوك لأنه يذهب بنا إلى الحضيض”.

“لأننا لم ننجح بالملفات السياسية ولا الملفات الاقتصادية والصحية، وأكثر من ذلك لم ننجح على صعيد السياسة الخارجية فالأردن في أسوأ حالاته السياسية على المستوى الخارجي”، على حد تعبيره.

وقال الحوارات: إذن ماذا فعلت الحكومة، اقتصاد متردّ، وتعليم متردّ، وحالتنا في الإقليم متردية، ألا تستدعي هذه الحالة من الفشل محاسبة الفريق الذي أدار البلاد؟.

ويصل الخبير الإستراتيجي إلى خلاصة مفادها أن علينا “التوقف الآن والحديث عن خيارات وطنية مختلفة، وهذه الخيارات لا يجب أن تصنعها الجهات التي تدير البلد والنخب المختارة الآن؛ بل نخب يختارها الناس قادرة على نقاش مشاكلنا وحلها”.

الإصلاح السياسي في غيبوبة

وعندما وجهنا السؤال: هل الحكومة القادمة ستكون أفضل حالا؟ للخبير محمد البشير، كانت إجابته: أنا لست متفائلا بالمستقبل ما دام الإصلاح السياسي في غيبوبة، ولا نية لدى صاحب القرار للإصلاح السياسي.

واستدرك بالقول: حتى لا نجلد صاحب القرار فالناس أيضًا للأسف وكنتاج لمسيرة تاريخية من التشريعات والإدارة أصبحوا يديرون ظهرهم لمحاولة وضع النقاط على الحروف.

وقال البشير: أقصد أن مسؤوليتنا ومسؤولية الناس في التنظيم وخلق الأدوات السياسية والتأثير على صندوق الاقتراع هذا أمرٌ مفقود، بقدر ما الحكومة تتمادى وأجهزتها التنفيذية في السلوك يوميًا عبر الحكام الإداريين وأجهزة الأمن والناس ما زالت ترتجف من بناء المنظومة الحزبية فالحال سيستمر كما هو.

وتابع: بالتالي ستكون الحكومات المعينة وما تتشارك فيها من جهات متعددة معلومة يحكمها العلاقات الشخصية والتوزيع الجغرافي والمحاصصة، وكلها اعتبارات لن تنتج فريقًا قادرًا على دفع بلادنا نحو الأمام، أو يعالج الاختلالات الجوهرية والهيكلية في الاقتصاد، باعتبار أن الفريق الذي أدار بلادنا خلال الفترات السابقة هو فريق سياسي بامتياز.

وقال البشير: هذا الفريق مؤمن بنظرية السوق وعدم تدخل الحكومة، و آماله دائما مترابطة مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمساعدات الأجنبية دون التفات إلى إمكانياتنا الذاتية، وقدرتنا على بناء منظومة سياسية واقتصادية قادرة على أن تقدم لعموم المواطنين حياة أفضل وحياة حرة كريمة، وفي الوقت ذاته قادرة على أن تعبر عن آمالنا وطموحاتنا، والعلاقة والمسؤولية مزدوجة ما بين المواطنين والإدارة السياسية.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة:

Comments 1

  1. Hala Omar says:

    السلام عليكم
    أرى أن حكومة السيد عمر الرزاز قامت بدور جيد جدا بل ويمكن ممتاز بمحاولة الحفاظ على سلامة المواطنين وخاصة في إدارة ازمة كورونا في بدايتها ، والدليل أن الاردن وعلى مستوى عام كان قد سجل أقل إصابات بالوباء في حين كان الانتشار مخيف في دول العالم . ولست مع إلصاق تهمة الفشل للحكومة وتجاهل وعي و دور المواطنين في احترام القوانين والحفاظ على بلدهم أيضا ، كما أنه لا توجد حلول على طبق من فضة ، ولابد من تضافر جهد الجميع من أعلى مسؤول إلى أصغر مواطن سواء بالعمر أو بالمناصب ، وخاصة أن هذا الظرف غامض وغريب على مستوى عالمي.
    حفظ الله الوطن