وائل قنديل
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

حماس التي تأكل العنب ولا تقاتل الناطور

وائل قنديل
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

في السابع والعشرين من يوليو/ تموز المقبل، من المفترض أن تنطق محكمة النقض المصري بالحكم في الطعن على أحكام قضية التخابر مع حركة حماس، والتي شملت عقوبات بالسجن المؤبد على أركان حكومة الرئيس الشهيد محمد مرسي. يأتي ذلك، بينما نظام عبد الفتاح السيسي يواصل الرقص والطبل والزمر، على إيقاعات شراكته المزعومة مع حركة حماس والمقاومة الفلسطينية في تحقيق الانتصار على”الكيان الصهيوني” وصد العدوان الأخير على غزة.

  يا لها من ورطةٍ يجد القضاء المصري نفسه أمامها، فكيف يتصرّف، وهو القضاء الذي أصدر أحكامًا بعقوبات فلكية في القضايا ذات الصلة بحماس. ويا لها من مفارقة: كانت اللبنة الأولى لمشروع انقلاب وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي على رئيسه محمد مرسي هي ترويج جملة من الأساطير لشيطنة حركة حماس والمقاومة في قطاع غزة.

الآن، وبعد ثماني سنوات لا يجد عبد الفتاح السيسي، الذي صار رئيسًا، سوى حركة حماس والمقاومة الفلسطينية في غزة، لتعيد إعماره وتعويمه سياسيًا، وتؤهله لكي يتسلم “عدة الشغل” التي تركها مبارك، ويتم تقديمه، في هيئة الكنز الاستراتيجي الجديد.

رواية “حماس الشيطانية” كان يشرف على تصنيعها وترويجها عبد الفتاح السيسي بنفسه، وتفرضها أجهزته الأمنية على كل وسائل الإعلام، فتتفاعل معها بالترحيب والتأييد تلك التي كانت تسمّي نفسها “القوة الثورية”، ولعل أبرز فصول تلك الرواية اختراع قصة المقلاع الذي حصد به عناصر “حماس” أرواح المتظاهرين في ميدان التحرير، فكان “الوطنى النموذجي” وفقا لمعايير تلك الأيام التعيسة أن يلعن القضية الفلسطينية، ويعادي مقاومتها (حماس بنت الخرفان) ويتمنّى لو أن “إسرائيل” صبّت جامّ إرهابها ووحشيتها على الفلسطينيين فى غزة.

استمر هذا السعار ضد “حماس” وغزّة ثماني سنوات، إلى حد أن صحيفة، مثل “اليوم السابع”، نشرت قبل شهور قليلة فقط ملفًا شاملًا بهذه العناوين “حماس تعادي مصر.. أبرز جرائم أرشيف الحركة الإرهابية.. قتل المتظاهرين في ميدان التحرير في يناير 2011.. واغتيال 16 جنديا مصريا في أغسطس 2020.. وتفجيرات خطوط الغاز واستهداف الأماكن العسكرية في سيناء”.

الآن، وبعد كل هذه الكراهية المجنونة لغزّة ومقاومتها، ها هو عبد الفتاح السيسي يجوب شوارع مصر كلها، ملصوقًا على جوانب سيارات نقل بضائع وشاحنات، تنطلق بأناشيد انتصار “حماس والسيسي” على العدو الصهيوني، وتعلن عن الهدايا والمساعدات التي يمطر بها “السيسي زعيم العرب” غزة والمدن الفلسطينية.

 هذا المشهد يعيد إلى أذهان العقلاء، وذوي الأفهام فقط، مشاهد ما بعد انتصار الشعب المصري في الخامس والعشرين من يناير 2011 حين كان السيسي يقود مسيرة محبّة كاذبة للثورة وأهل الثورة، ويؤسّس لتلك الأسطورة التي انخدع بها الجميع، وهي أسطورة أن الجيش شريك في الثورة وحاميها وراعيها، وبهذه الطريقة نجح المجلس العسكري في اختراق الثورة الشعبية ثم امتطائها، وأخيرًا تفجيرها ونسفها.

هذه الوقائع والأحداث، من الضروري أن تكون المقاومة الفلسطينية في غزة قد وضعتها في الاعتبار واستخلصت دروسها، وهي تتابع تلك الحفاوة الهائلة بانتصارها الأخير، من جانب هؤلاء الذين كان مصدر عيشهم سبها ولعنها وشيطنتها، وها هي الآن تعيد طرح كبيرهم الذي علمهم الكذب في بورصة السياسة الدولية، وترفع قيمته السوقية عند جو بايدن، وتمنحه الفرصة لكي يحتفل بأول اتصال بينه وبين رئيس أميركا، الذي يمعن في تجاهله وإذلاله منذ إعلان فوزه بسباق البيت الأبيض.

في هذه الأجواء العجيبة، لا أدري كيف من الممكن أن يبرر عبد الفتاح السيسي ودراويشه هذا الانقلاب في المشاعر تجاه حماس وغزة، من الكراهية العميقة العمياء، إلى المحبة الفاقعة المبتذلة، التي تعبر عن نفسها بطرق أكثر ابتذالًا. لكن أعرف كيف تفلسف حركة حماس انفتاحها على هذه الحالة السيسية الجديدة، كما أدرك كيف ولماذا لا تجد غضاضة في توجيه الشكر إلى “الأشقاء في مصر”، والتي فسرها جمهور السيسي على أنها شكر له، وإلى دمشق، التي استقبلها الجمهور باعتبارها شكرًا لبشار الأسد.

هي “البراغماتية المنضبطة” والمصطلح ملكية حصرية للمهندس خالد مشعل، رئيس حركة حماس في الخارج، ويعود إلى العام 2015، مع إطلاق وثيقة حماس الجديدة والتي اشتملت على تغييرات في الاستراتيجية والتكتيك، وهو المعنى ذاته الذي عبر عنه مشعل بعبارات أخرى في حوار أجريته معه عام 2014، وكان رئيس المكتب السياسي للحركة حين طرحت عليه السؤال بعد العدوان على غزة، فأجاب “أعرف أن ساحتنا العربية تشهد خلافاتٍ وصراعاتٍ داخليةً، واستقطاب قوى وطنية وإقليمية، ولكن نحن حريصون على أن ننأى بأنفسنا عن هذه التجاذبات، ولا نتدخل فيما يجري في أي قطر عربي، أو غير عربي؛ هذه سياستنا”. كان من ضمن ما قاله، أيضاً، ولا يزال يلحّ على الذاكرة “نحن حريصون كما يقول المثل على أن نأكل العنب ولا نقاتل الناطور”.

وعلى ذكر هذه المقاربة، ولمناسبة الضجيج الذي أحدثته عبارات الشكر الموجهة من القيادي الحمساوي أسامة حمدان إلى سورية، والتي ترجمت مباشرًة إلى شكر بشار الأسد، أود من الذين يمسكون بالسوط لحمدان أن يذكروا خمسة فروق جوهرية بين بشار والسيسي، أو بين حلب وسيناء، أو بين الغوطتين وبين رابعة العدوية والنهضة.

هل تظنّون أن بشار طاغية ارتكب مذابح بحق شعبه، بينما السيسي عازف بيانو في دار الأوبرا وألّف مقطوعات موسيقية لإسعاد شعبه؟

(العربي الجديد)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts