خبراء ينتقدون بيان الثقة: خطابٌ مكرر ملّ الأردنيون من سماعه

خبراء ينتقدون بيان الثقة: خطابٌ مكرر ملّ الأردنيون من سماعه

عمان – البوصلة

وجه خبراء وسياسيون في تصريحاتهم إلى “البوصلة” انتقادات لبيان الثقة الذي قدمه رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة لنيل ثقة النواب باعتباره خطابًا مكررًا ملّ منه الأردنيون لكثرة ما فيه من وعودٍ لا تلامس الواقع ولا تحقق أحلام الأردنيين بإصلاحٍ سياسيٍ حقيقيٍ يكون مدخلاً للإصلاح الاقتصادي وباقي عناوين الإصلاح.

وعبروا عن أسفهم للأريحية التي تشعر بها الحكومة في تقديمها بيان ثقة يخلو من أي حديث عن إصلاح سياسي واقتصادي حقيقي بخطط واقعية وأرقام حقيقية ومدة زمنية لتحقيق التعافي الاقتصادي بعد الجائحة؛ منوهين إلى أن هذا مرده إلى أن الحكومة تشعر بأن “الثقة قادمة لا محالة وكل أريحية”.

وطالبوا مجلس النواب بضرورة الاضطلاع بدوره الحقيقي في الرقابة على السلطة التنفيذية، ومطالبتها بتقديم ضمانات حقيقية لإصلاح القضايا العاجلة في مجال الحريات العامة وصونها والتعليم الوجاهي وتخفيف الأعباء الاقتصادية على الأردنيين خاصة فيما يتعلق بإنهاء فترات الإغلاق والحظر وخاصة يوم الجمعة.

بيان الثقة بلا روح ولا أرقام واقعية

وانتقد النائب السابق الدكتور موسى الوحش غياب أي حديث عن الإصلاح السياسي والحريات العامّة خلال بيان الطلب الثقة الذي قدمه رئيس الوزراء أمام مجلس النواب، مؤكدًا أن الأمور تراوح في مكانها كما في الحكومات السابقة بلا أي وضوح أو خطة بأرقام حقيقية تخطو بنا ولو خطوة واحدة بالاتجاه الصحيح.

وقال الوحش في تصريحاته إلى “البوصلة” إن بيان الحكومة الذي قدمه الخصاونة لطلب ثقة النواب غاب عنه أي حديث عن الإصلاح السياسي، منوها إلى أن هذا مؤشر غير مبشر تجاه أي وعود تطلقها الحكومة ومصداقيتها بالوفاء بها.

وأشار إلى أن بيان الحكومة لم يتطرق لإصلاح قانون الأحزاب أو قانون الانتخابات، الأمر الذي يؤكد استمرار الحالة على ما هو عليه سابقًا، مؤكدًا أن الحديث عن الحريات العامة وتقديم ضمانات لها كان غائبًا تمامًا أيضًا.

وعبر عن أسفه لعدم وجود ما هو جديد في خطاب رئيس الوزراء حول الوضع الاقتصادي وخطط التعافي والمدة المحددة بالأرقام والحقائق، الأمر الذي يؤكد انعدام وجود أي مؤشرات إلى تحسين مستوى حياة المواطن الأردني.

وأشار إلى أن خطاب الرئيس فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية جاء بالشكل الروتيني المعروف بل على العكس جاء مؤكدًا على الرضوخ للاحتلال والقبول بالأمر الواقع.

وقال الوحش إن خطاب الخصاونة يمتاز بصفة لازمة تتمثل في الوعود “سوف وسنعمل وسنقوم”، معبرًا عن أسفه من أن كل البيانات الحكومية هكذا مجرد وعود وهمية لا تلامس الواقع.

لماذا جاء بيان طلب الثقة ضعيفًا؟

وشدد النائب السابق الدكتور موسى الوحش في تصريحاته إلى “البوصلة” على أن الحكومة مطمئنة للثقة التي ستحصل عليها بعد اطمئنانها لمخرجات العملية الانتخابية التي تؤمن لهم هذه الثقة؛ مشيرًا إلى أن هذا الأمر يجعلهم لا يلقون بالاً لأهمية التفاصيل التي يسردها ويعالجها بيان الثقة فجاء ضعيفًا بلا روحٍ ولا يلامس الواقع.

وأكد الوحش بالقول: إن الحكومة تعلم أن الثقة آتية لا محالة، ولو لم تكن مطمئنة لهذه الثقة لما أقدمت على ما فعلته في نقابة المعلمين التي تمثل المجتمع بأكمله ..

وأشار إلى أن من يبحث عن ثقة سيبحث عن رضا الشعب الذي اختار النواب، إن كان الشعب فعلا أفرز من يمثله في الانتخابات الأخيرة، مستدركًا “لكن للأسف الشديد، الوسائل الحكومية المستخدمة تدلل أن الثقة موضوعة على الرف وما تقدم عليه الحكومة من أفعال تعبر عن عدم اكتراث وعدم جدية لتأكدها الكامل من حتمية الثقة الممنوحة لها”.

ووجه الوحش رسالة لمجلس النواب على الرغم من اعتقاده وقناعته أنه لن يحملها إلا قليلٌ من النواب تحت القبة، تتمثل بالتشديد على مطالبة الحكومة بوضع خطة واضحة للتعافي الاقتصادي خلال المرحلة المقبلة وصون الحريات العامة ووضع تشريعات ضامنة لذلك.

وأكد أنه لا بد من الاهتمام بتقديم الدعم للفئات الأكثر تضررًا من الجائحة، وخاصة الطبقات الفقيرة وهذا من شأنه أن يحرك عجلة الاقتصاد ولا يزيد تكدس الأموال في جيوب الأغنياء.

وانتقد الوحش استمرار الإغلاقات وخاصر حظر الجمعة متسائلا في الوقت ذاته: لماذا تستمر؟ بعد أن أثبتت فشلها بشكل واضح؟

كما انتقد استمرار التعليم عن بعد، مؤكدًا أنه أدى لتدهور التعليم بشكل كبير جدًا وهذه مأساة، ويجب أن يطالب النواب الحكومة بضرورة إعادة من أحيلوا للاستيداع والتقاعد من المعلمين في ظل ظروف قاسية.

وختم الوحش حديثه بالقول: “بكفي” والله سئم الأردنيون من أسلوب المراوغة الذي لم يعد محتملاً، وأوصلهم لدرجة الإحباط من الدولة ومؤسساتها.

بيان الثقة يكرس الأزمة المالية

من جانبه انتقد الخبير الاقتصادي محمد البشير بيان الثقة الذي قدمه الرئيس واصفًا إياه بأنه “خطابٌ مكرر لا يحمل أي جديد، مشددًا في الوقت ذاته على أن أي بيانٍ حكوميٍ لن يحوي جديدا طالما غاب عنه الحديث عن إصلاح حقيقي للموضوع السياسي على وجه الخصوص، الذي يمكن من خلاله تحقيق الإصلاح في كل المسائل المالية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وقال البشير إن أهم بند في الإصلاح الاقتصادي يتمثل في الإصلاح المالي ابتداء، والموازنة جزء منها، وهذا الإصلاح لا يتم إلا من خلال التشريعات، ولم يحتوي هذا الخطاب أي نية لتعديل التشريعات التي تعالج الاختلالات المالية التي تعاني منها المالية العامة بشكل عام.

وعبر عن أسفه من أن الخطاب يكرس هذه الأزمة المالية المتمثلة في جمود النفقات الجارية وانخفاض النفقات الرأسمالية، ووصول النفقات الجارية المتعلقة بفائدة القروض إلى 150% من النفقات الرأسمالية.

وأشار البشير إلى أن هذا سببه تشريعي يتمثل في التشريع الضريبي على وجه الخصوص، والتشريعات الأخرى ذات العلاقة برفع الرسوم في مختلف خدمات الحكومة التي تبدأ من رسوم السير وتنتهي برسوم التقاضي فهذه جميعها تشريعات.

ونوه إلى أن هذا الخطاب لم يتضمن أي معالجة حقيقية لهذه العناوين، لأن هذه التشريعات التي كنا نطمح لها كمعالجة الرسوم المرتفعة، فعلى سبيل المثال يدفع المواطن الأردني رسوم سيارة أكثر، ورسوم رخصة مهن أكثر، وعندما تذهب للتقاضي تدفع أكثر، وعندما تذهب للبنوك تدفع أكثر، وكلها سببت انخفاض في القدرة الشرائية للمواطنين التي بالمحصلة هي الأزمة الاقتصادية.

وشدد على أنه لا إصلاح من دون معالجة للأزمة المالية، ومعالجة الأزمة الاقتصادية يعود على الخزينة ويخفض من توجه الحكومة على المديونية، الأمر الذي لم يتحدث عنه الرئيس  في بيان الثقة.

وأشار إلى أن بيان الثقة غاب عنه الحديث في موضوع النفقات الجارية، وخصوصًا بند الرواتب والاختلالات التي أصابتها والتي تصل مع المدفوعات النقدية إلى 70%.

وأضاف البشير أن “هذا الجمود يعني بشكل أو بآخر حاجته للمعالجة، ومن معالجاته بعض الرواتب التي تقول إن هناك بعض الرواتب في الدوائر الحكومية أو المستقلة من يتقاضى راتبًا أساسيًا 500 دينار، ويتقاضى في نهاية الشهر 1500 دينار، وهذه كلها اختلالات هي التي يجب أن تعالج ويتوقف عندها رئيس الوزراء والنواب مطولاً”، معبرًا عن أسفه من أن “هذا يعكس أزمة اقتصادية نعيشها، فيما خطابات الموازنة وخطاب الثقة لم تأت على معالجتها”.

الحريات العامة غائبة عن بيان الثقة

وقال إن خطاب الثقة يخلو من التطرق لأي إجراءات أو أي دعوة لتشريعات تصون الحريات العامة وتحول دون الاعتداء على الدستور.

وتابع أنه على سبيل المثال حل نقابة المعلمين الذي تقف خلفه الحكومة هو قرار سياسي بامتياز ويتناقض مع الدستور، والفقرة (ج) من المادة 16 بعد التعديلات التي تمت عام 2012 أصبحت واضحة بتأكيد حق الأردنيين في إنشاء النقابات والجمعيات والأحزاب.

وشدد على أن هذا حق دستوري لا تستطيع أي جهة أن تصادره بأي شكل من الأشكال، بالإضافة لاستثمار واقع الناس وحال البلد بموضوع جائحة كورونا وتجبر الحكومة بالقرارات، كما هو الحال فيما يتعلق بقضايا التقاضي التي أصرت نقابة المحامين وهذا موقف يسجل لها على أن هذا اعتداء على القانون والدستور والنقابة وعلى حقوق الناس في أن تترافع وتتواصل وكذلك استمرار “تكميم الأفواه الذي كان نموذجا له جمال حداد”، على حد تعبيره.

وختم البشير تصريحاته إلى “البوصلة” إن بيان الثقة لم يعد بإجراءات حقيقية بكف دور الحكام الإداريين، منوهًا إلى أن استمرار القبضة الأمنية لن يسهم في بناء الثقة بين الشعب والدولة وهذا الأمر لم يتحدث عنه دولة الرئيس.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: