خبير اقتصادي لـ “البوصلة”: شروط أربعة لنجاح أي مصفوفة حكومية وغير ذلك مجرد مسكنات

خبير اقتصادي لـ “البوصلة”: شروط أربعة لنجاح أي مصفوفة حكومية وغير ذلك مجرد مسكنات

عمّان – البوصلة

أكد الخبير الاقتصادي محمد البشير في تصريحاتٍ إلى “البوصلة” على عدم تفاؤله فيما تعلن عنه الحكومة من مصفوفات اقتصادية للتخفيف على المواطن الأردني، مشددًا على أنها مجرد “وصفات تسكين” لا تقدم معالجات حقيقية لما يواجهه الاقتصاد الأردني من مشكلات حقيقية ضاغطة تزيد من صعوبة الحياة على المواطن الأردني.

وفي الوقت الذي شهدت فيه الأسواق الأردنية ارتفاعًا غير مبرر في كثير من أسعار السلع مع قرب حلول شهر رمضان المبارك وتذرع الحكومة بارتفاع الأسعار والكلف من منشأ السلع ومصدرها، أعلن وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي، صخر دودين، في تصريحات إعلامية الاثنين، عن توقع صدور مصفوفة اقتصادية متعلقة بتأمين أشكال من الدعم أو التخفيف عن المواطن الأسبوع المقبل.

وقال الخبير الاقتصادي محمد البشير بتعليقه على تصريحات الحكومة: إن الظروف الصعبة التي يعيشها المواطن والحكومة على حدٍ سواء، لا سيما وأن الحكومة تعاني من أزمة مالية فظيعة ولجأت العام الماضي لمزيد من الاقتراض فضلًا عن التراجع بالواردات الضريبية على وجه الخصوص.

وأشاد البشير بالخطوة التي اتخذتها الحكومة بخصوص دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة عبر برنامج خاص يقدمه البنك المركزي واصفًا إياها بالـ”الإيجابية”، معبرًا عن أمله بأن يتبع وعود الحكومة بمصفوفة تخفف على المواطن الأردني وتساعده خطوات وإجراءات عملية على أرض الواقع.

شروط أربعة لنجاح أي مصفوفة

وقدم الخبير الاقتصادي وصفة رباعية مشروطة لنجاح أي مصفوفة اقتصادية تقدمها الحكومة عبر أي خطة تحفيزية، مؤكدًا أن هذه المصفوفة لن تنجح إلا إذا عالجت أربعة بنود رئيسية تشكل سببًا من أسباب هامّة لارتفاع كلفة المنتج الاقتصادي بشكلٍ عام سواء كان سلعيًا أو خدميًا ستبقى هي عبارة عن تسكين للألم ولن تقدم معالجة حقيقية للحالة المالية التي تعيشها الخزينة، أو انعكاسها على الحالة الاقتصادية التي يعيشها القطاع الخاص.

وأكد أن “الشروط الأربعة يأتي في أولها ضريبة المبيعات التي تحدثنا عنها دائما، باعتبارها ترفع من كلفة المنتج خاصة إذا كانت على مدخلات الإنتاج والمنتج النهائي وتسلسله ما بين الجملة والمفرق”.

وأوضح البشير أن الشرط الثاني يتمثل بتأثير كلفة ضريبة المبيعات على الطاقة وأسعارها وعناوينها المختلفة سواء كانت كهرباء أو مشتقات نفطية أو غيرها، مشددًا على أن كل ذلك يسبب كلفة على الاقتصاد، وبالتالي أي مصفوفة وأي تحفيز إذا لم تعالج هذا الموضوع سيبقى هذا البند ضاغطًا على كلفة الإنتاج وبالتالي الركود وعدم قدرة الاستثمارات في البقاء أو استثمارات أخرى.

أما بالنسبة للشرط الثالث، فأكد البشير أنه يتعلق بكلفة التمويل، قائلا: “صحيح أنه تم تخفيض كلف التمويل بشكل أو بآخر، لكنها ما زالت تشكل عبئًا على المنتج والمواطنين باعتبار حصتهم من القروض مرتفعة وتصل إلى 11 مليار دينار”.

وشدد على أن الشرط الرابع يتعلق بمعالجة موضوع الشيخوخة والضمان الاجتماعي، التي تأتي على كلفة السلع، واقتطاعات ضريبة تدفعها الشركات والعاملين.

وقال البشير: “بهذا المعنى، أي مصفوفة لا تأخذ بعين الاعتبار تخفيض كلفة المنتج، حتى نشجع الناس على الإنتاج، للحيلولة دون ارتفاع الاستيراد الذي يشكل ضغطًا على العملة الأجنبية ويشكل إحلالًا محل السلع المحلية، التي بالمحصلة النهائية تؤثر على البطالة والعمالة المحلية”.

واستدرك: “لأننا دون نسبة نمو إيجابية مستهدفة قادرين نحققها، وأن نرفع الإنتاج ونشغلها، ونشغل الأسر حتى تنتج بالريف والقرى والمدن المتوسطة والكبرى، أي مصفوفة لا تأخذ بعين الاعتبار هذا التشغيل نكون قد أضفنا عبئًا جديدًا على المواطنين عبر المديونية مثلا أو المشاريع فاشلة”.

وعند سؤاله عن مدى تفاؤله بالخطط والمصفوفات التي تعلن عنها الحكومة لمواجهة الجائحة وما يتعلق بها من ضغوط على القطاعات الاقتصادية والمواطنين، أكد عدم تفاؤله لا سيما وأن الأزمة تنبع من المشكلة السياسية والنهج السياسي المتبع، باعتبار أن الفريق السياسي الذي يأتي بهذه الطريقة التاريخية المستمرة يؤمن بطريقة معينة في معالجة المشاكل السياسية والمالية والاقتصادية ويرفض تغيير هذا النهج الذي اسهم بترسيخ مشاكلنا.

متى يكون التدخل الحكومي ضروريًا؟

وعن فشل النهج السياسي في علاج كثير من المشاكل المتعلقة بالاقتصاد والصحة العامة يضرب الخبير الاقتصادي محمد البشير في حديثه إلى “البوصلة” مثالاً على ذلك فيقول: أستغرب من عدم تدخل الحكومة في بسط يدها على مختلف المسائل، ونحن نعيش في الجائحة وهذا الانتشار الفظيع للوباء، الأمر الذي يستوجب من الناس أن تذهب لإجراء فحص بي سي آر كل شهر مرة على الأقل، وكلفته من 20 إلى 30 دينارًا، وهي كلفة عالية على الناس، وبالتالي كثير من الناس تلجأ للذهاب للمراكز الصحية وهي مليئة بالبشر، وهناك اختلاط كبير وإصابات جديدة ومشاكل جديدة.

وتابع البشير بالتساؤل: “لماذا لا تتدخل الحكومة في تخفيض هذه القيمة إلى 10 دنانير حتى يعود الناس للفحص ويعودوا للتطعيم؟ هذا التدخل عام ولا تتدخل الحكومة بمثل ذلك في كثيرٍ من القضايا، وعندما تلوّح أنها تريد أن تتدخل لا نرى برنامجا حقيقيا للتدخل رغم أننا نعيش في ظل أوامر الدفاع”.

وأوضح في مثال آخر: بمعنى أن السلع مرتفعة، كيف ترتفع السلع؟ قد يكون من المصدر؟ لكن هل وقفت الحكومة على الكلف وعلى هامش الربح، وهل وقفت الحكومة على المخزون الموجود في المستودعات؟ والتي تحدث التجار والصناع بأن هناك مستودع للأغذية يكفي لسبعة أشهر.

وخلص البشير إلى القول: إذن التدخل الحكومي يحتاج لقرار سياسي، وهذا القرار السياسي بالنسبة للحكومات السابقة التي أغرقتنا بالمديونية لها رأيٌ آخر فيه على قاعدة أن السوق على الطريقة الأمريكية والأوروبية يعالج نفسه بنفسه.

وشدد على أن “هذا الكلام في العالم الثالث والاقتصاديات المتواضعة لا ينفع وهو يحتاج إلى تدخل، وهذا التدخل يجب أن يوازن بين حقوق الطبقات المختلفة، بحيث يصبح هذا التوازن قادرًا على أن يجعل من دخول الفئات المتوسطة والفقيرة قادرة على مواجهة تكاليف الحياة”.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: