خبير عسكري لـ “البوصلة”: موقف مصر من سد النهضة لا يليق بها وهذا السيناريو الأصح

خبير عسكري لـ “البوصلة”: موقف مصر من سد النهضة لا يليق بها وهذا السيناريو الأصح

عمّان – البوصلة

ترك مجلس الأمن الباب مفتوحًا على مصراعيه أمام سيناريوهات حل أزمة سد النهضة مكتفيًا بمطالبة القاهرة والخرطوم وأديس أبابا باستمرار جلسات الحوار بشأن سد النهضة الإثيوبي ضمن المظلة والمبادرة الأفريقية للوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف.

مخرجات مجلس الأمن لم تلبي الحد الأدنى مما تطمح له دول مصب النيل مصر والسودان وزاد من حدة الحرج على الطرفين، فيما يهدد الملء الثاني للسد الذي تمضي به أثيوبيا قدما الأمن القومي لكلا البلدين ويجعلهم أمام مواجهة صيف جاف بلا مياه أو الذهاب باتجاه خيارات ربما تكون الأسوأ عبر مواجهة عسكرية محتملة لحفظ مصالح مصر والسودان.

وعبر الخبير العسكري الدكتور قاصد محمود في تصريحاته إلى “البوصلة” عن استغرابه الشديد من التردد والمماطلة المصرية في التعامل مع قضية سد النهضة وانعكاساتها الكارثية على أمن دول المصب، مؤكدًا أن “احتمالات تفسير هذا الموقف تذهب إلى تأويلات صعبة جدًا لا نستطيع الحديث عنها”، على حد وصفه.

وقال محمود إن “الموقف المصري من قضية سد النهضة غير مقنع ولا مبرر أن يكون بهذا النوع من التردد والمماطلة”.

السيناريوهات المتوقعة

ولم يجد الخبير العسكري بدًا من “المواجهة العسكرية الحتمية” للحفاظ على مصالح مصر والسودان وأمنهما، دون أن يستبعد سيناريو استخدام القوة العسكرية لإحداث تدمير أو إلحاق ضرر في السد لإجبار أثيوبيا أن تخضع لطاولة المفاوضات والتوصل لحلول تناسب جميع الأطراف أو السيناريو الأشد أن تقوم مصر بتدمير السد عن بكرة أبيه، الأمر الذي من شأنه أن يقود لنوع من المواجهة الحتمية بشكل أو بآخر.

ولم يستبعد قاصد محمود وجود قوى عالمية ودولة الاحتلال الصهيوني وبعض الدول الأخرى الداعمة لأثيوبيا؛ الأمر الذي من شأنه أن يجعلها جزءًا من هذا الصراع بشكل مباشر أو غير مباشر، مؤكدًا في الوقت ذاته “وجود معلومات عن أنظمة دفاع إسرائيلية في أثيوبيا لهذه الغاية”.

وعبر عن أمله في أن يجد الحوار بين الدول الثلاث طريقه لأفضل السيناريوهات بحيث تستجيب أثيوبيا بشكل أو بآخر لمطالبات دول المصب بما يحفظ ماء الوجه المصري، عبر إعطاء بعض المساحات للأخذ والرد لتمرير صفقة مرضية للجميع.

خطر استراتيجي وسيف مسلط على عنقي مصر والسودان

وحول المخاطر التي تكتنف سد النهضة وانعكاساته على امن مصر والسودان، شدد الدكتور قاصد محمود على أن سد النهضة أصبح أمرًا واقعًا، وهو يشكل خطرًا إستراتيجيًا حقيقيًا على السودان ومصر.

وعبّر عن مخاوفه من أن يستخدم السد في لحظة ما كسلاح إغراق يمكنه أن يغطي ويغرق الخرطوم كلها وما حولها والتي يقطنها أكثر من 25% من السودانيين.

وحذر من أن الملأ الثاني للسد سيقطع الماء عن السودان ومصر وهذه الخطورة المباشرة لها، ولذلك ستجد مصر والسودان نفسهما أمام صيف جاف جدًا وسيعانون معاناة كبيرة، مذكرًا في الوقت ذاته بأن الطلب المصري لأثيوبيا كان يتمحور حول عدم وقف الملأ نهائيا ولكن جدولة الملء بما لا يضر مصر والسودان ضرراً كبيرًا.

وأوضح الخبير العسكري أن الملأ الثاني لسد النهضة يعني إضافة عشرات المليارات من اللترات للسد في وقت حساس خلال الصيف؛ منوها إلى أن هذا الملأ لو كان خلال فصل الشتاء فمن الممكن أن يجعل الضرر أقل على دول المصب.

وقال محمود: “لو كانت النوايا حسنة في بناء سد النهضة فإن السودان في جوانب يستفيد من السد خاصة وأن أراضي السودان كانت تتعرض للغرق في بعض المواسم، لكن يبقى السد سيفا مسلطا على عنق السودان ومصر من بعدها”.

وأشار إلى أن مصر يمكن أن لا تتأثر كثيرًا من الفيضانات والإغراق لأن لديها السد العالي وقد تستيطع أخذ احتياطاتها المسبقة في هذا السياق.

وحذر من أن السد من شأنه أن يوقف المياه عن مصر نهائيا وهو سلاح خطير جدًا يعني الحياة، ويعني حياة المصريين زراعتهم وشربهم وحياتهم، وهذا الذي يجعل الإنسان يذهب بشكل واضح لوقوف المشروع الصهيوني خلف هذه القضية وهذا أمرٌ قديم وخلفه تهديدات حقيقية.

مرة أخرى، لا نستطيع الجزم بالسيناريو القادم للأزمة، لكن أثيوبيا أمرها ليس بيدها وهي في ورطة داخلية وأمر السد ليس بيدها، بل هي أداة مائة بالمائة.

السيناريو الأرجح أو السيناريو الصحيح

وعلى الرغم من أن الخبير العسكري الدكتور قاصد محمود لم يرجح في تصريحاته لـ “البوصلة” السيناريو الذي ستقدم عليه مصر والسودان خلال المرحلة المقبلة إلا أنه يرى أن القرار الصحيح والفوري لا يتمثل بالذهاب لمجلس الأمن، لأنه لن يكون مفيدًا، بل يجب أن يصدر موقف واضح محدد وصريح يهدد باستخدام القوة المسلحة فورًا إذا لم تستجب أثيوبيا لمطالب السودان ومصر.

وقال قاصد محمود: يجب حشد القوة المطلوبة ووضعها بوضوح أمام العالم وأننا ذاهبون للصدام بالقوة وخلال زمن محدد 48 ساعة إذا لم تتم الاستجابة، يجب أن تكون الضربة بهذا المدى، وهذا الموقف الوحيد الممكن وغير ذلك لا يمكن تصوره من مصر.

وأضاف، “أننا لا نستطيع الذهاب بعيدا بقراءة موقف مصر التي تمتلك من القدرات والخبرات والقوة والعلم ما يمكنّها من حماية مصالحها الإستراتيجية، لكن بالنسبة لنا بتواضع إمكانياتنا نرى أن موقف مصر لا يليق بمصر وأمنها القومي ودورها ومصالحها الحيوية في المنطقة”.

لا رهان على موقف عربي

وحول الموقف العربي، أكد محمود أنه لا يمكن المراهنة عليه لا سيما وأنه يتبع للموقف المصري الذي ظهر بهذا التردي وهذه الضبابية، مشددًا على “أننا لا نتوقع من العرب أن يفعلوا شيئًا إذا أردنا عدم استخدام عبارات أقسى من ذلك”على حد تعبيره.

وذهب إلى أبعد من ذلك بالقول: “إذا لم يكن من العرب أطراف متواطئة بالأصل في قضية سد النهضة، فلا نستبعد ذلك فقد تكون دول وقد تكون مؤسسات أو بنوك وهذا موجود”.

مجلس الأمن يدعم الحوار بوساطة أفريقية

يذكر أن مجلس الأمن عقد جلسة لمناقشة أزمة سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على مجرى نهر النيل وسط اعتراضات مصرية وسودانية على ملء الخزان المائي دون اتفاق بين الدول الثلاث.

ولم يصدر بعد أي قرار بشأن مشروع تقدمت به تونس لأعضاء مجلس الأمن يدعو إلى التوصل لاتفاق ملزم بين إثيوبيا والسودان ومصر بشأن تشغيل السد خلال ستة أشهر.

وتعترض مصر والسودان على ملء الخزان المائي من دون التوصل لاتفاق بين الدول الثلاث.

وشدد وفود باقي الدول الأعضاء في مجلس الأمن على دعمهم الوساطة الأفريقية لحل الخلافات حول الخزان المائي الإثيوبي.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: