سرحان: التهويل والمبالغة سلوك غير أخلاقي ينشر الخوف ويفاقم المشكلات

سرحان: التهويل والمبالغة سلوك غير أخلاقي ينشر الخوف ويفاقم المشكلات

كثيرة هي القضايا والمشكلات التي تواجه العالم و المجتمعات أو الأسرة  والفرد. منها  مزمنة أو بسيطة، أو يومية روتينية. ومهما كانت هذه القضايا والمشكلات فإن من المهم التعامل معها والعمل على معالجتها.

و حتى يمكن معالجة أي قضية فإنه من المهم أولا ملاحظتها  والاعتراف بوجودها ثم تحديد حجمها، ومدى إنتشارها ودرجة تأثيرها، ثم البحث عن الحلول المناسبة وطريقة التعامل مع هذه الحلول وتطبيقها على أرض الواقع.

 ومن الضروري أن يتم تحديد المشكلة بما يتناسب مع حجمها وأثرها بشكل واقعي بعيد عن المبالغة والتهويل. وفي المقابل لا ينبغي التقليل منها او التهوين من حجمها وأثرها وخطورتها.

لكن الملاحظ في كثير من الأحيان أن البعض يلجأ الى التضخيم والتهويل، مما يعكس صورة غير حقيقية عن الموضوع مدار البحث أو المشكلة أو القضية التي يراد التعامل معها.  الأمر الذي ينعكس سلبا على إمكانية إيجاد الحل المناسب عدا عن الآثار الأخرى.

وفي هذا المجال يقول مفيد سرحان مدير جمعية العفاف الخيرية: للأسف أن المبالغة أو التهويل أسلوب معتمد بل هي نمط تفكير عند البعض، سواء على مستوى المؤسسات أو الأفراد ويمكن ملاحظة ذلك بسهولة للمتابع سواء كان التويل مقصودا أو غير مقصود، فإن الاثر السلبي يقع على الجميع.

وأكد أن المقصود بالمبالغة هو تضخيم الأمور أكبر من حجمها والزيادة عليها وهي يمكن ان تكون في جميع المجالات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والدينية.

وهذا يعني إبعاد الأمر عن حقيقته والتعامل مع شيئ مختلف عما هو على أرض الواقع، وربما  أن هذا الأمر الجديد لا يرتبط بالقضية الأساسية إلا من حيث المسمى.

ويقول سرحان: المبالغة قد تتحول عند البعض إلى أسلوب وسلوك يغلب على جميع تصرفاته وفي جميع الظروف سواء في أوقات الفرح أو الحزن،  والرضا والغضب. في الكلمات والتعبير وردود الأفعال أو التصرفات والأفعال.

وحول الأسباب التي تدفع الأشخاص او المؤسسات الى تهويل الأمور يقول سرحان: في الأغلب فإن المطلوب هو التأثير في الآخرين وقناعاتهم باتجاه معين، وصرفهم عن الحقائق لاهداف معينة.

ويضيف سرحان على سبيل المثال فان بعض المشكلات الإجتماعية يتم تضخيمها أكبر  بكثير  مما هي، إما لأسباب عاطفية أو للتأثير  على الرأي العام ومتخذ القرار، وفي كل الأحوال فإن هذا التهويل وإن كان ظاهره يحقق بعض النجاح للقائمين عليه إلا أن حقيقة الأمر  ليست في صالح المجتمع.  وقد تكون النتيجة عكسية وهي تفاقم هذه المشكلة وإنتشارها.

وأشار إلى أننا بحاجة الى إتباع المنهج العلمي في التعامل مع القضايا أو المشكلات.  والذي يقوم على الدراسات والإحصاءات الرقمية، وهو علم له أصوله وقواعده التي تعتمد المنهحية الصحيحة، وهي ليست إنتقائية  أو عشوائية في إختيار عينة الدراسة أو موجهة من شخص او جهة.

واعتبر أن هذا التعامل أثبت فشله في معالجة المشكلات وإيجاد  الحلول لها. فكم من قضية تم التعامل معها بالتهويل والتضخيم وما زالت قائمة بل ربما إزدادت انتشارا. والخاسر هو المجتمع الذي يريد حلولا لمشكلاته

ويرى أن من أسباب التهويل عند الأشخاص هو عدم الثقة بمصادر الأخبار  والمعلومات والقائمين عليها بسبب تجارب سابقة مع هؤلاء أو تعارض ما يطرحون مع الواقع المعاش الذي يلمسه هؤلاء. فمثلا يشاهد الناس حدثا معينا أمام أعينهم او ينقل لهم من ثقات، فيأتي من يقول غير ذلك، بل أحيانا ينفي وقوع الحدث نقسه. عندها يفقد الأشخاص القريبين من الحدث الثقة بما يقال ويلجأون الى التهويل والتضخيم في كل الامور الأخرى

كما أن تأخر نشر الحقائق والمعلومات الصحيحة أو التلاعب فيها، أو الغموض وعدم الوضوح يؤدي أيضا الى أن يتحدث كل شخص بما يريد.

ويقول: أحيانا يلجأ بعض الأشخاص أو المؤسسات أو  الجهات الى تضخيم بعض القضايا وحسب ما يناسب الرغبة لاغراض شخصية أو لصالح هذه الجهات للتاثير على الرأي العام وكسب تأييده وتعاطفه.

والأخطر  أن يكون ذلك ممنهجا.

 وفي المقابل يتم التقليل من شأن بعض الأمور  حتى لو كانت ذات أهمية لتنفير الناس منها وإبعادهم عن الحقيقة. أو المبالغة في الانتقاد وتضخيم بعض الأخطاء والعيوب وتصويرها على أنها تجلب الكوارث وهي في واقعها أخطاء من الممكن وقوعها، بهدف اغتيال الشخصية وتشويه الصورة.

ويقول سرحان: يميل البعض إلى التقليل من قيمة الأمور الإيجابية وتضخيم أثر الأمور السلبية. وأحيانا تكون المبالغة بهدف التقرب والتزلف لتحقيق مصالح شخصية.

 ويحذر  سرحان من خطورة التهويل والتضخيم قائلا : إن التهويل يؤدي إلى تغييب الحقائق  ونشر اليأس والإحباط في النفوس وعدم القدرة على العمل والإنجاز. بل يصل الى  حد التخويف ونشر الرعب في النفوس، كما أنه لا يساهم في حل المشكلات ويعيق الاصلاح ويضعف الكفاءة في التعامل مع الأزمات. إضافة الى إرباك الجهات المختصة وإعاقة عملها.

وحول دور الإعلام يقول سرحان: للاعلام ووسائل الإتصال والتواصل دور كبير في تضخيم الأحداث والمشكلات وعليها مسؤولية كبيرة خصوصا وقت الأزمات. وكما هي مسؤولية المؤسسات الإعلامية هي أيضا مسؤولية الأفراد خصوصا مع تعاظم دور وسائل التواصل الإجتماعي.

والتهويل والتضخيم له أشكال متعددة منها تكرار الموضوع لفترة طويلة وبصور متعددة، وإختيار عناوين خادعة تترك أثرا في النفوس. أو القراءة غير الصحيحة للأرقام والإحصائيات وإعتماد الإنتقائية في ذلك، فقد يركز على جزء من الإحصائية ويترك آخر  بما يتناسب مع الرغبة والاتجاه المراد توجيه الراي العام اليه.

ويختم سرحان حديثه بالقول: ان التهويل والمبالغة مرض، وان التعامل مع القضايا والمشكلات يجب أن يتم بموضوعية وواقعية وإتزان واعتدال، وعدم إعطاء الأمور أكبر من حجمها. فالتهويل والمبالغة خطير على المجتمعات وخصوصا في الأزمات.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: