شاهدة على عروبة القدس.. “أسواق البلدة القديمة” في دائرة التهويد

شاهدة على عروبة القدس.. “أسواق البلدة القديمة” في دائرة التهويد

إطلالتها الرائعة على المسجد الأقصى المبارك والقبة الذهبية للصخرة المشرفة، وقِدمها الضارب في عمق التاريخ، وتمركزها في قلب البلدة القديمة بالقدس المحتلة، جعلها محل أطماع الاحتلال الإسرائيلي على مدار سنوات طويلة، وهدفًا استراتيجيًا لأجل تهويدها، وتحويلها إلى منطقة سياحية يهودية.

إنها أسواق البلدة القديمة، التي تعد أجمل مطلّة إسلامية سياحية ساحرة ويرتادها المقدسيون للاستمتاع برؤية معالم المدينة المقدسة ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، وبيوتها التاريخية العريقة الشاهدة على حضارة القدس وعروبتها.

بلدية الاحتلال تسعى اليوم، للسيطرة الكاملة على أسطح أسواق (العطارين، اللحامين، والصاغة) لإقامة متنزه وحديقة لخدمة المستوطنين واليهود.

ويندرج هذا الإجراء ضمن سلسلة المخططات التهويدية المتسارعة، التي تعكف بلدية الاحتلال على تنفيذها بالقدس، وصولًا للمسجد الأقصى، والسيطرة على الأوقاف الإسلامية.

منطقة سياحية

الباحث في تاريخ القدس إيهاب الجلاد يقول لوكالة “صفا” إن بلدية الاحتلال رصدت ميزانية بقيمة 17 مليون شيكل لأجل تحويل أسطح أسواق البلدة القديمة التاريخية الثلاثة إلى متنزه وحديقة لجذب الطلاب والجماعات اليهودية.

ويوضح أن الاحتلال سيعمل على تأهيل وترميم أسطح الأسواق وإقامة مقاعد وزراعة الورود فيها، وجعل المكان منطقة سياحية ومحطة للاستراحة والتنقل يرتادها أكبر عدد ممكن من اليهود.

وأقرت بلدية الاحتلال المشروع، ووضعت المخططات والخرائط اللازمة لأجل البدء بتنفيذه، ما سيؤدي إلى تغيير معالم المنطقة الإسلامية، وزيادة الخناق على البلدة القديمة.

ووفق الجلاد، فإن سلطات الاحتلال تسعى منذ سنوات، للاستيلاء على أسطح الأسواق، وأقامت مستوطنة “غلتسيا” في قلب الحي الإسلامي، لتصبح ممرًا لتنقل المستوطنين ما بين “الحي اليهودي” والمستوطنة عبر السطح.

ويضيف أن أسطح الأسواق هي وقف إسلامي، تبلغ مساحتها 200 متر مربع، وعرضها ما بين 30-50 مترًا مربعًا، تعمل بلدية الاحتلال على استهدافها بشكل متواصل، وتحويلها إلى حديقة يهودية.

وينبه الجلاد إلى خطورة هذا المشروع على الأسواق، والمنطقة التي تعد من أجمل مطلات البلدة القديمة التي يرتادها المقدسيون للاستماع بمشاهدها الخلابة.

ويبين أن تنفيذ هذا المشروع التهويدي على أسطح الأسواق يعني توسعة “الحي اليهودي”، وكأن هذه الأسطح العربية جزءًا منه، وبالتالي ستصبح تحت سيطرة الاحتلال بشكل كامل.

أهداف المشروع

ومنذ العام 2012، وسلطات الاحتلال تحاول تمرير هذا المشروع التهويدي وتنفيذه على أسطح الأسواق للتضييق على التجار المقدسيين وأصحاب المحلات التجارية في البلدة القديمة، كما يقول نائب مدير الأوقاف الإسلامية بالقدس الشيخ ناجح بكيرات

ويضيف بكيرات لوكالة “صفا” أن الاحتلال يريد من خلال هذا المشروع تحقيق عدة أهداف، أولًا: تضييق الخناق على التجار، وطردهم وتفريغ محلاتهم وإحلال مستوطنين مكانهم، وثانيًا: العمل على ضرب الاقتصاد في البلدة القديمة الحاضنة للمسجد الأقصى.

وأما الهدف الثالث، فإن حكومة الاحتلال تريد أن تظهر البلدة القديمة، الخزان الحقيقي للمقدسات، وكأنها بلدة يهودية، من خلال إقامة الأبنية والساحات والمتنزهات للمتطرفين اليهود، لكي تصبح مشهدًا يهوديًا وليس عربيًا في الرؤية البصرية.

وبحسب بكيرات، فإن الهدف الرابع يتمثل بأن المشروع يُوفر للبؤر الاستيطانية المقامة بالبلدة مكانًا آمنًا للتحرك والتنقل على حساب المقدسيين، وكذلك زيادة أعداد تلك البؤر.

وينبه إلى خطورة هذه الأهداف التي يسعى الاحتلال لتحقيقها فوق أسطح الأسواق، مطالبًا بضرورة العمل على مواجهته بكل الطرق والوسائل لأجل وقفه.

ويشير إلى أن المشروع سيوفر مسارات ومساحات تلمودية، وستقام بعض المباني اليهودية، في محاولة لمنع التجار من الصعود للأسطح، وذلك بحجة “التطوير”.

وكان المشروع لقي سابقًا رفضًا واسعًا من المقدسيين وأصحاب المحلات التجارية في البلدة القديمة، وتم إيقافه، لكن بعد حصول بلدية الاحتلال على الميزانية المطلوبة تريد اليوم تنفيذه، مستغلة وباء “كورونا”، والظروف الإقليمية والدولية الراهنة، كما يقول بكيرات.

ويضيف “في حال أقدم الاحتلال على تنفيذ المشروع، فإن أسطح الأسواق ستصبح ذات صبغة يهودية بحتة، وهذا يعد من أخطر المشاريع التهويدية في البلدة القديمة”.

مخاطر كبيرة

ولهذا المشروع-يوضح بكيرات-مخاطر وانعكاسات جمة على المسجد الأقصى، بحيث سيؤدي إلى حجب الرؤية عن المسجد المبارك، وطمس معالم القدس القديمة، وسيتم النظر للمدينة على أنها يهودية ضمن مشروع “الدولة اليهودية”.

ويتابع أنه سيؤدي أيضًا إلى زيادة عدد المستوطنين المقتحمين للأقصى، والبؤر الاستيطانية التي تشكل استهدافًا لأهل القدس وتدفع لترحيلهم، وكذلك زيادة نسبة المتطرفين في البلدة القديمة.

ولمواجهة هذا المشروع، يطالب بكيرات أصحاب المحلات التجارية والمجتمع المقدسي برفضه مطلقًا، والتحرك السريع من أجل العمل على وقف تنفيذه بشكل عاجل، بالإضافة إلى ضرورة تفعيل دور الأوقاف الأردنية والوصاية الهاشمية للقيام بدورها حيال ما يجري بالقدس.

ويدعو بكيرات منظمة العالم الإسلامي بالتدخل العاجل والقيام بمسؤولياتها لوقف المشروع التهويدي ضد أسواق البلدة القديمة، والعمل على لجم الاحتلال عالميًا ومنعه من تنفيذ مخططاته بالقدس.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: