عائشة مصلوحي.. تعشق القدس وترابط بزاوية المغاربة

| من أصول مغربية | عائشة مصلوحي.. تعشق القدس وترابط بزاوية المغاربة

في غرفة بزاوية المغاربة بالبلدة القديمة في القدس المحتلة تقطن المقدسية عائشة مصلوحي المغربي، من أصول مغربية، تطل نافذتها على حي المغاربة وحائط البراق والمصلى القبلي في المسجد الأقصى المبارك.

عشقها الشديد للقدس وتعلقها في المسجد الأقصى، جعلها ترابط في غرفتها الصغيرة ولا تتخلى عنها، رغم معاناتها من ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، وهدم جرافاته لحي المغاربة بالكامل عام 1967.

تشير بأصبعها من نافذة غرفتها، وتقول لوكالة “صفا”: “أرى من النافذة قبة المصلى القبلي، والأشجار المحيطة فيه، وحائط البراق الشريف، وفي الوقت نفسه أشعر بالمرارة على حي المغاربة، الذي أصبح أثرًا بعد عين، واليهود والمستوطنون يتواجدون في ساحة البراق مكان الحي، ولكنها مرحلة في تاريخنا وستزول بأمر الله تعالى”.

وتضيف “عندما ملكني الله سبحانه وتعالى هذه الغرفة اعتبرتها أكبر مكافأة لي بعد عودتي من المغرب، وشعرت براحة نفسية، فهي ليست مجرد غرفة بل الحياة والروح، حتى أنني أتخيل أحيانًا الوالد والوالدة والأخوة والأخوات يمشون في هذه الساحات”.

الحياة والروح

وتتابع “أعيش لوحدي في الغرفة، وأشعر بسعادة مطلقة، كوني أتنفس هواء حي المغاربة والمسجد الأقصى وحائط البراق، فالإنسان تعز عليه دومًا مراحل الطفولة وكبره”.

ورغم صغر غرفتها، إلا أنها تعتبرها الحياة والروح والهواء الذي تتنفس منه، كونها تذكرها بالحي وعائلتها، وجريمة الاحتلال الذي هدمه بالكامل، وتسبب بنزوح سكانه.

وزاوية المغاربة، التي يقطنها نحو 10 عائلات مغربية، هي ما تبقى من حي المغاربة، الذي هدمته جرافات الاحتلال بعد أسبوع تقريبًا من احتلال القدس عام 1967، وتحوي طابقين ومسجد “سيدي أبو مدين الجزائري الأصل”، والعلم المغربي يلوح فوقها.

وبعد هدم الاحتلال كافة منازل الحي، البالغ عددها نحو 135 منزلًا، تحولت هذه الزاوية ملجأً للنازحين من الحي، بعدما كانت مكانًا لاستقبال الحجاج القادمين من مكة المكرمة.

وتوصي المقدسية عائشة أبناءها دومًا بالحفاظ على الغرفة وعدم تركها بعد موتها، ليبقى المكان عامرًا بالأبناء والأحفاد، ونعطي للمكان حياة مثلما أعطانا حياة.

ولدت عائشة في حي المغاربة عام 1946، عاشت طفولتها وتربت وكبرت وتزوجت في الحي، وعمل والدها حارسًا بالمسجد الأقصى.

وتحول بوابات الاحتلال الإلكترونية وتواجد المستوطنين دون وصولها لحائط البراق، رغم قربها من المكان، ولا تستطيع الدخول من باب المغاربة للأقصى، لأن مفتاحه مع الاحتلال منذ عام 1967، ما يضطرها إلى الذهاب للمسجد عبر باب السلسلة.

حرقة وألم

وفي عام 1967، تجرعت عائشة المغربي ألم النزوح والغربة والفقدان، إذ أجبرتها سلطات الاحتلال على النزوح من الحي برفقة زوجها، وترك عائلتها وأهلها بالقدس.

لم تحتمل الحديث عن ذكريات نزوحها من حي المغاربة، فبكت بحرقة وألم قائلة:” أجبرت عام 67 على مغادرة بلدي والرحيل والهجرة، وتألمت بشدة من النكبة، لأني اضطررت إلى ترك مدينة القدس وعائلتي”.

وتضيف “سافرت بعدها إلى الأردن، واشتغل زوجها في السعودية لمدة عام، ورجعت إلى الأردن مرة أخرى، ثم عادت إلى الوطن الأم المغرب، إلى أن توفي زوجها بحادث سير، فلم تستطع البقاء، وفضلت العودة للقدس عام 1974”.

وعن فلسطين، تقول: “ما في أحلى ولا أجمل من الوطن، وأنت تمشي بأرض وطنك تشعر بأنك تمشي على أرض صلبة، بينما في الخارج أو الغربة أنت تمشي على رمال متحركة”.

وتضيف “أعشق مدينتي عشقًا لا حدود له، عدت وأبنائي الأربعة للقدس، وعشت مع والدتي حتى حصلت على عمل، وتمكنت من تعليم أولادي”.

وعن أصولها المغربية، تتابع: “عائلة المغربي أصولها مغربية، من أنكر أصله فلا أصل له، نعتز أننا من جذور مغربية، لكن أنا فلسطينية، وهي بالنسبة لي وطن عظيم ورائع، رغم كل أنواع العذاب من الاحتلال، فلا أجد أجمل من فلسطين”.

ولم تقتصر معاناة المغربي على النزوح والغربة وفقدان زوجها، بل عانت عام 2007 من بلدية الاحتلال، التي هدمت لها غرفة صغيرة، عبارة عن مدخل لغرفتها في زاوية المغاربة.

تقول في حديثها لوكالة “صفا”: “ليس من السهل العيش في زاوية المغاربة التي تتوسط باب السلسلة والمدخل المؤدي إلى ساحة البراق، يبقى سكانها مراقبون من الكاميرات المحيطة بها طيلة الـ 24 ساعة”.

وتضيف “حفرت بلدية الاحتلال ثقوبًا في سطح الغرفة ظلمًا وعدوانًا عام 2007، مع أنها غير مبنية على الشارع الرئيس ومساحتها صغيرة جدًا، هم يريدون أن يبقى المدخل ساحة مكشوفة بدون سقف ولا باب”.

وعرفت عائشة بنشاطها الاجتماعي بالقدس، وعملت بعد عودتها من المغرب معلمة تربية خاصة في المؤسسة السويدية لمدة 25 عامًا، وأسست الجمعية المغاربية النسوية الخيرية، لتكون ملتقى النساء المغربيات، لكنها اضطرت لإغلاقها بعد 3 سنوات، بسبب كلفة أجرة الجمعية.

وتتطوع حاليًا مع نساء مقدسيات في حملة بعنوان “بسمة أمل” تهتم بزيارة مراكز المسنين ودور الأيتام والعائلات المستورة، وتقديم مساعدات جزئية لهم.

خطوة صعبة

وعن اتفاق التطبيع بين المغرب و”إسرائيل”، والذي “نزل كالصاعقة عليها”، تقول عائشة: “تلقيت هذا الخبر بألم شديد، هذه خطوة صعبة جدًا، وكافة الشعب المغربي يرفض خطوات التطبيع، باعتبارها تنازل دون مقابل، لن نحصل على أي شيء من التطبيع”.

وتساءلت “هل سيتم تحرير مدينة القدس من وراء هذا التطبيع، ماذا سيستفيد المغرب منه، هل هو الاعتراف المتبادل بين الاحتلال الجاثم على أرض فلسطين والمحتل لمقدساتنا، ودولة المغرب هي صاحبة التاريخ العظيم بمساندة الشعب الفلسطيني”.

وتضيف “لم يتأخر المغاربة يومًا عن مد يد المساعدة للشعب الفلسطيني منذ عام 1948، فهل سنختم تاريخنا المجيد بهذا الاعتراف أو التطبيع؟”.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: