“عروس بيروت”.. حين انقلب الفرح رعبًا

“عروس بيروت”.. حين انقلب الفرح رعبًا

كثيرة هي المشاهد المروعة التي وثقت لحظة انفجار مرفأ العاصمة اللبنانية بيروت قبل عام، وبينها مشهد عُرف إعلاميا باسم “عروس بيروت”، حينما انقلب الفرح رعبا.

ففي 4 أغسطس/آب 2020، كانت الطبيبة إسراء السبلاني تستعد لزفافها من رجل الأعمال أحمد صبيح، وكان أحد المصورين يلتقط لها مقطعا مصورا بثوبها الأبيض في إحدى الساحات الجميلة والهادئة وسط بيروت.

سعادة إسراء بيوم فرحتها سرعان ما تبددت بلمحة بصر، عندما اهتزت المدينة، وتطاير كل شيء في المكان، وسيطر الحطام والغبار على المشهد الذي وثقته كاميرا المصور محمود النقيب.

وبات هذا المشهد من أكثر المشاهد رواجا، وشوهد في جميع أنحاء العالم، حيث يعكس لحظات الرعب التي عاشتها بيروت.

وهذه هي إحدى روايات الكارثة التي ضربت معظم سكان بيروت ومحيطها؛ جراء انفجار أودى بحياة أكثر من 200 شخصا وأصاب نحو 7 آلاف آخرين، بجانب دمار مادي هائل في أبنية سكنية ومؤسسات تجارية.

بعد عام، التقت وكالة الأناضول “عروس بيروت” في الساحة نفسها، وصودف أيضا وجود عروس تستعد للزفاف، جاءت إلى المكان لالتقاط صور لها مع زوجها قبيل الزفاف.

“وتستمر الحياة”.. هكذا يوحي مشهد الزوجين الجديدين في الساحة، إلا أنه ليس كذلك بالنسبة إلى إسراء، فهذا المشهد يعيدها عاما إلى الوراء.. إلى لحظات صعبة تستذكرها كل يوم.

وهذه الساحة تجذب الأزواج الجدد، وتبتعد نحو 1 كلم ونصف من مكان الانفجار، الذي حدث في عنبر 12 بمرفأ بيروت، وهز أنحاء المدينة كافة، ودمر أحياء بكاملها، وطالت أضراره مسافة تقدر بنحو 8 كلم.

وتقول إسراء للأناضول، إن ذكرى هذا اليوم ترافقها دائما، ولا تستطيع نسيانها، فتلك ذاكرة جماعية ستبقى عالقة في أذهان جميع المواطنين.

وتضيف أن لقب “عروس بيروت” يزعجها أحيانا؛ لأنه يذكرها بـ”اليوم الأسود”، الذي خيّم على لبنان، وتشير إلى أنه أمام هول الفاجعة حينها جرى إلغاء حفل الزفاف.

وشاء القدر أن لا تُصب إسراء ولا زوجها بأي أذى جسدي في ذلك اليوم، لكنها تتحسر على الضحايا والجرحى الذين سقطوا.

وبحسب تقرير نقابة المهندسين في بيروت بشأن تقييم الأضرار، فإن قوة الانفجار عادلت طاقة زلزال بقوة 4 درجات على مقياس ريختر.

** بصمة حزن مأساوية

ويقول رجل الأعمال، أحمد صبيح، زوج إسراء الذي كان بجانبها لحظة الانفجار، إن “الشعب اللبناني كله لن ينسى ذلك اليوم”.

ويتابع: “عرسنا كان من المفترض أن يكون من أسعد الأيام في حياتنا، لكنه تحول إلى بصمة حزن مأساوية لنا ولكل لبنان”.

ويشعر صبيح بأن الحياة في لبنان أصبحت صعبة بعد الانفجار، لكنه يعبر عن إيمانه في هذا الوطن والشعب الذي يعاني ويكافح منذ فترة من أجل الصمود أملًا بغدٍ أفضل.

وزاد الانفجار من تداعيات أزمة اقتصادية هي الأسوأ في تاريخ لبنان الحديث، أدت إلى انهيار مالي ومعيشي، وفقدان القدرة الشرائية لمعظم السكان، وشح في الأدوية والوقود وغلاء كبير في أسعار السلع الغذائية.

وكشف الزوجان أنهما يستعدان لإتمام الأوراق الرسمية المطلوبة للانتقال إلى الولايات المتحدة الأمريكية أو كندا للعيش هناك أملا في مستقبل أفضل.

وتمنى الزوجان أن تنهض بيروت من جديد، وتعود كما كانت من قبل “عروسة” لبنان والعالم العربي.

وإلى اليوم، لم تعد الحياة في بيروت إلى طبيعتها، لا سيما وأن مناطق واسعة منها ما زالت متضررة، خصوصا المرفأ والأحياء السكنية القريبة منه، وما تزال أيضا مؤسسات تجارية عديدة مقفلة الأبواب.

وحتى اليوم، يطالب أهالي الضحايا والجرحى بالعدالة ومحاسبة المتورطين، في وقت ترى فيه جهات حقوقية داخل وخارج البلاد أن مسؤولين لبنانيين يضعون عراقيل أمام القضاء، ما يؤخر سير التحقيقات، في ظل رفض جهات رسمية خضوع مسؤولين حاليين وسابقين للتحقيق.

ووفق تحقيقات أولية، وقع الانفجار في عنبر 12 من المرفأ، الذي تقول السلطات إنه كان يحوي نحو 2750 طنا من مادة “نترات الأمونيوم” شديدة الانفجار، كانت مصادرة من سفينة ومخزنة منذ عام 2014.

الاناضول

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: