فتش عن النفط.. لماذا يدعم السيسي حفتر في حربه ضد حكومة الوفاق؟

فتش عن النفط.. لماذا يدعم السيسي حفتر في حربه ضد حكومة الوفاق؟

يثير انخراط مصر في الأزمة الليبية ودعمها قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر تساؤلات كثيرة، خصوصا مع خروج تصريحات علنية من مسؤولين سامين في الدولة تؤسس لهذا التدخل وتبرره بمقتضيات الأمن القومي المصري.

ورغم أن بدايات التدخل المصري عسكريا في ليبيا تعود إلى العام 2014 إبان إطلاق حفتر لعملية الكرامة في شرق ليبيا فإن هذا التدخل تمدد إستراتيجيا وتوسع بوصول قوات حفتر إلى غرب ليبيا منذ هجومه على العاصمة طرابلس في 4 أبريل/نيسان الماضي مستغلة غياب دول الجوار، ومن بينها الجزائر المنشغلة بأوضاعها الداخلية.

فتش عن النفط

ويرى محللون أن ثروات ليبيا النفطية عنصر جذب يسيل له لعاب الرئاسة المصرية والدول الطامعة في ليبيا، إذ تقدر احتياطات النفط الليبية بحوالي 48 مليار برميل، كما أن احتياطات النفط الصخري تقدر بحوالي 26 مليار برميل.

وقد أعلن رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله في مقابلة مع صحيفة تايمز البريطانية في يونيو/حزيران الماضي أن حكومة عبد الله الثني الموازية المدعومة من حفتر عقدت اتفاقيات مع شركات مصرية وإماراتية لبيع النفط الليبي بسعر 55 دولارا للبرميل بطرق غير مشروعة.

وتدعم القاهرة حفتر بمدرعات مصرية الصنع وبالأسلحة والذخيرة، كما شاركت مصر في شن غارات جوية معلنة على مدينة درنة الليبية في مايو/أيار 2017، في حين تتهم أطراف ليبية الحكومة المصرية بشن غارات غير معلنة لدعم قوات حفتر.

وكان تقرير للأمم المتحدة نشر في 9 ديسمبر/كانون الأول الجاري اتهم شركات ودولا بخرق حظر التسليح المفروض على ليبيا منذ عام 2011 من خلال تسليم أسلحة ومقاتلين، من بينها مصر.

ليس عسكريا فحسب

ولا يقتصر دعم مصر لمعسكر حفتر بالسلاح فقط وإنما يشمل الدعم السياسي والإعلامي، حيث أعلن رئيس مجلس النواب المصري منتصف الشهر الجاري الاعتراف بمجلس النواب الليبي في طبرق برئاسة عقيلة صالح بوصفه الجسم الشرعي الوحيد لتمثيل ليبيا.

ويأتي هذا التطور بعد زيادة القاهرة تدخلها بدعم حفتر في حربه على طرابلس وتوقيع حكومة الوفاق الوطني نهاية نوفمبر/الماضي اتفاقيتين مع تركيا تختصان بالتعاون الأمني وترسيم الحدود البحرية بين البلدين، مما أثار اعتراضا من مصر واليونان.

أنظمة انقلابية تتفق

وأرجع الباحث في قضايا العالم العربي والإسلامي صلاح القادري دعم السيسي لحفتر إلى طبيعة نظام السيسي الذي جاء بانقلاب عسكري على الرئيس المنتخب ديمقراطيا وكذلك حفتر.

ويضيف أن “السيسي وصل إلى الحكم بانقلاب عسكري، فلا يمكن أن يقبل بتجربة ديمقراطية على حدوده، لأن نجاح تجربة الربيع العربي في ليبيا بعد سقوط القذافي وصناعة مؤسسات ديمقراطية في البلاد وتنصيب رئيس منتخب يمثل تهديدا لنظام السيسي، لذلك هو يبحث عن نظام مماثل له، ووجد في حفتر خير من يدعمه”.

ويرى القادري في تصريحه للجزيرة نت أن السيسي هو جزء من حلف الثورة المضادة للربيع العربي التي تقوده عربيا دول الإمارات وتنخرط فيه دول غربية، وهو الحلف الذي لا يريد لدول عربية أن تصبح دولا ديمقراطية ويسعى إلى إسقاط جميع تجارب الربيع العربي.

وأوضح القادري أن القاهرة لديها أطماع في ليبيا بسبب ما تعانيه من مشكلة نقص مصادر الطاقة والوقود، حيث يسعى السيسي إلى إيصال نظام حفتر إلى حكم ليبيا مقابل منح مصر توريدات الطاقة، إضافة إلى أطماع مصر في مشاريع التنمية والبنية التحتية وتغطية السوق الليبي بالعمال المصريين.

وبشأن صمت الجزائر عما يحدث في ليبيا، يقول القادري إن “الجزائر سوف تتدخل إذا حدث تدخل عسكري مصري مباشر على الأراضي الليبية”، مضيفا أن “هناك ضغطا من الشارع الجزائري على النظام بعد التغيير الأخير بأن تكون السياسة الخارجية داعمة للديمقراطية كما يطلبها الجزائريون في الداخل”.

فقدان الاتزان

وأكد الأكاديمي الليبي إسماعيل المحيشي أن انحياز الحكومة المصرية إلى دول محور “الثورة المضادة” -ومن بينها الإمارات والسعودية والأردن وفرنسا وروسيا- أفقدها الاتزان في تعاملها مع الملف الليبي.

وقال إن “مصر تعتبر الآن هي الداعم الرئيسي للانتهاكات والجرائم التي يقوم بها حليفها في ليبيا بدعمها اللامحدود لحفتر بالمدرعات والأسلحة والذخيرة المصرية، إضافة إلى السعي لتصدر حفتر المشهد السياسي”.

وأوضح المحيشي أن القاهرة أظهرت فشلا كبيرا في التعامل مع الملف الليبي بعد اجتماعات توحيد المؤسسة العسكرية الليبية المنعقدة في مصر، مضيفا أن الرئاسة المصرية لم تكن لديها نية صادقة في إحداث نوع من الاستقرار الأمني والسياسي في جارتها ليبيا.

وبين أن السيسي يتحدث عن ليبيا في تصريحاته كأنها محافظة مصرية تابعة له، مشيرا إلى أن الليبيين لن يقبلوا بهذه الإهانة، حيث يوجد غضب شعبي ورسمي كبير على التصريحات المستفزة الصادرة عن الرئاسة المصرية.

استغلال الغياب

وعن الدور المصري المتمدد مقابل الدور الجزائري الغائب، قال المحلل السياسي إدريس ربوح إن “هناك دولا عربية وأطرافا خارجية استغلت غياب الجزائر المنشغلة بأوضاعها الداخلية وتورطت سلبيا في الملف الليبي”.

وتوقع ربوح أن تقوم الجزائر بعد تنصيب رئيس للجمهورية بدفع مصر إلى مراجعة حساباتها في الملف الليبي، وأن تسعى إلى التحالف مع دول عربية وإقليمية للدفع بالحل السياسي.

وأكد أن موقف الجزائر واضح من خلال دعم الخيار السياسي ونبذ الخيار العسكري الذي تدعمه بعض الدول لتعميق جراح الليبيين كما حدث في اليمن.

(الجزيرة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: