فورين بوليسي: في البوسنة.. جراح الإبادة الجماعية التي لا تندمل

فورين بوليسي: في البوسنة.. جراح الإبادة الجماعية التي لا تندمل

أهالي ضحايا مذابح البوسنة

استعرضت مجلة “فورين بوليسي” (Foreign Policy) فيلما جديدا يتحدث عن الإبادة الجماعية التي شهدتها البوسنة في تسعينيات القرن الماضي وبالذات الجرائم المروعة التي اقترفها الصرب بحق المسلمين في مدينة سربرنيتسا.

وقالت المجلة إن فيلم “إلى أين أنت ذاهبة يا عايدة” (?Quo Vadis, Aida) المرشح لجائزة الأوسكار يفضح جرائم سربرنيتسا، في وقت لا يزال الجناة يحتفلون بما اقترفوه في صربيا وخارجها.

ويركز الفيلم على قصة عايدة سلمانجيك، وهي معلمة انتهى بها الأمر كمترجمة لقوة مهام حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة -وهي كتيبة هولندية كانت مسؤولة عن مصنع بطاريات بوتوكاري الذي تحول إلى ملجأ لآلاف البوسنيين الفارين من الهجمات الصربية.

ويعتمد الفيلم على أحداث حقيقية على الرغم من أن بعض الشخصيات خيالية وبعض المشاهد يتم تخيلها لأغراض إبداعية.

ويركز الفيلم على أيام الإبادة التي حصلت بين 11 و13 يوليو/تموز 1995 في جيب شرقي البوسنة بعد سقوط بلدة سربرنيتسا في أيدي جيش صرب البوسنة تحت قيادة الجنرال راتكو ملاديتش.

وكان ذاك الجيب قد أقيم في صيف عام 1992، وفي أبريل/نيسان 1993، تم إعلانه “منطقة آمنة” بموجب قرار الأمم المتحدة رقم 819 ردا على أزمة إنسانية متصاعدة.

في هذا الفيلم، كان زوج عايدة وابناها من بين المسلمين البوسنيين المحاصرين في المصنع، ويتابع الفيلم محاولات عايدة المحمومة واليائسة لإنقاذ عائلتها من جيش ملاديتش على خلفية الدراما السياسية العالمية التي حدثت في الأيام التي سبقت عمليات القتل الجماعي.

وفي تعليقها على عملية إنتاج الفيلم التي استمرت 5 سنوات، صرحت المخرجة البوسنية المشهورة عالميا ياسميلا زبانيك بأن أحد أهدافها “كان مساعدة الجمهور على التماهي مع هؤلاء الأشخاص والتركيز على البعد الإنساني للقصة، بدلا من التركيز على السياسي”.

وتعلق المجلة بالقول إن المخرجة نجحت، بكل تأكيد، في ذلك ببراعة، لكن الخلفية السياسية للقصة تستحق الاهتمام أيضًا، لأن الجناة لا يزالون يتباهون بما اقترفوه ولا يزال الكثير من الناس عبر العالم يمجد أيديولوجيتهم في منطقة البلقان بل وفي كثير من المناطق عبر العالم.

فالجمهور ما يزال غير مدرك للقرارات الصغيرة العديدة التي أدت إلى أعمال الإبادة الجماعية والتفاصيل المهمة حول ذلك. ففي 12 مايو/أيار 1992، تبنت الجمعية غير الشرعية لجمهورية البوسنة والهرسك الصربية (التي سميت فيما بعد “جمهورية صربسكا”) ما يسمى بالأهداف الإستراتيجية الستة للشعب الصربي في البوسنة والهرسك، ونص الهدف على أن منطقة شرق البوسنة ينبغي أن يتم فيها، “إنشاء ممر يعبر وادي نهر درينا، مما يعني القضاء على درينا كحدود تفصل بين الدول الصربية”.

وعلقت المجلة على ذلك بقولها إن هذا يظهر بوضوح نية القضاء على البوسنيين الموجودين في شرق البوسنة، ووفقًا لحكم صدر لاحقًا عن المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، فقد كرست الوثيقة بشكل صريح أسس الإبادة الجماعية في سربرنيتسا.

وبالفعل، أصدرت قيادة جمهورية صربسكا، في مارس/آذار 1995، توجيها سابعا ينص على خلق حالة لا تطاق من انعدام الأمن التام، تفضي إلى إقناع البوسنيين بأنه لا أمل لاستمرار أي منهم في العيش داخل سربرنيتسا أو زيبا.

وفي 11 يوليو/تموز أعطى ملاديتش الضوء الأخضر لإبادة البوسنيين الذين كان يتحدث عنهم بوصفهم طغاة أتراكا يجب أن يؤخذ الثأر منهم، وهو ما تم بالفعل تحت أنظار القوات الهولندية التابعة للأمم المتحدة، بحسب المجلة.

وبعد سنوات من الإبادة الجماعية في سربرنيتسا، ما تزال عايدة تعاني من صدمة ما بعد الحرب وهي مستمرة في سعيها للتعرف على بقايا أبنائها، مثلها في ذلك مثل العديد من الرجال والنساء الآخرين، الذين ما زالوا ينشدون سماع أي شيء يمكّنهم من العثور على أي دليل حول رفات أفراد عائلاتهم.

لكن، المجلة تشير هنا إلى أن عملية إخفاء وإتلاف الأدلة على الجرائم المرتكبة بدأت في الوقت نفسه الذي بدأت فيه عمليات الإعدام الجماعية، مشيرة إلى أن معظم هذا العمل قامت به الوحدات الهندسية التابعة لجيش جمهورية صربسكا.

أما في ما يتعلق بتواطؤ الكتيبة الهولندية وعدم تحركها، فقد كتب الكثير بالفعل عن دورها المخزي، وفي يوليو/تموز 2019، أكدت المحكمة العليا في هولندا أن القوات الهولندية “مسؤولة جزئيا عن مقتل” 350 رجلا وصبيا مسلما بعد سقوط جيب سربرنيتسا البوسني، وفقا للمجلة.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: