فوضى الشوارع والأزمات المعيشية تهز أمن طرابلس اللبنانية

فوضى الشوارع والأزمات المعيشية تهز أمن طرابلس اللبنانية

– تعاني مدينة طرابلس، عاصمة الشمال اللبناني، من الفقر والإهمال والتهميش منذ عقود
– تشهد المدينة أحداثا أمنية متنقلة، من سرقات واعتداءات وسلب وإطلاق نار لأسباب مختلفة
– يرزح الطرابلسيون تحت نير فقر وحرمان كبيرين، رغم أن مدينتهم تضم كبار الأغنياء
– محافظ الشمال رمزي نهرا: الدولة لن تسمح لأي تفلت أمني، وتتفهم وجع الناس وصرختهم

بدأت الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان ترخي بظلالها على أمن المواطنين في كل المناطق، وخصوصا مدينة طرابلس شمال البلاد التي تعاني الفقر والإهمال والتهميش منذ عقود.

وتشهد طرابلس، عاصمة الشمال اللبنانية، بين حين وآخر أحداثا أمنية متنقلة، من سرقات واعتداءات وسلب وإطلاق نار لأسباب مختلفة، ما جعل المواطنين فيها يخشون الخروج ليلا.

وغالبا ما يخرق صوت الرصاص سكون الليل في المدينة الساحلية الوادعة، والتي يرزح أهلها تحت نير فقر وحرمان كبيرين، على الرغم من أن طرابلس تضم كبار الأغنياء في لبنان.

الاضطرابات المتنقلة بين شوارع طرابلس وأحيائها الشعبية دفعت بالمدينة إلى واجهة الأخبار الأمنية في البلاد.

محافظ طرابلس والشمال القاضي رمزي نهرا، وصف هذه الأحداث بالطبيعية في هذه الظروف، معتبراً أنها “ما زالت مضبوطة من الناحية الأمنية”.

وقال نهرا، في حديث إلى الأناضول، إن طرابلس كانت تعاني الفقر منذ ما قبل الأزمة الحالية التي بدأت أواخر العام 2019، فكيف الحال الآن وقد ازداد الفقير فقرا بسبب اشتداد الأزمة الاقتصادية.

وأوضح أن “أكثر المشكلات الأخيرة تحدث على محطات الوقود بسبب عدم الوفرة في الكميات التي تستطيع أن تلبي حاجات جميع المواطنين، خصوصاً أن طرابلس تعاني اكتظاظا سكانيا كبيرا”.

واستدرك أن الأمر غالباً ما يحصل في كل المناطق اللبنانية.

ولفت “نهرا” إلى أن عددا من المواطنين بدأوا تجارة السوق السوداء ببيع البنزين أو المازوت، ما أدى إلى تهافتهم على محطات الوقود أكثر من مرة يوميا، “وهذا أساس المشكلات التي تحصل على المحطات وقطع الطرق”.

وقال إن القوى الأمنية والشرطة لا تستطيع القيام بمهامها كاملة، بسبب النقص في عددها لتنظيم السير أو للحد من المشكلات على محطات الوقود”.

ورأى المحافظ أن الأزمة التي تشهدها طرابلس تنتهي عندما تنتهي الأزمة في لبنان عموما، وذلك عندما يُصار إلى تأمين المحروقات بشكل طبيعي، وهذه مسؤولية وزارة الطاقة ومصرف لبنان بتحديد سعر الوقود أو رفع الدعم عنه نهائياً.

وقال: “على الصعيد الأمني، نحن نقوم بجهد كبير ومتواصل للحد من هذه المشكلات والفوضى، خصوصاً تلك التي تحدث في محطات الوقود”، مضيفا: “عندما يفقد المواطن أدنى مقومات العيش.. يصبح فوضويا، وتنتشر المشكلات”.

وأضاف: “الكثير من هؤلاء الفقراء أصبحوا وقودا لتلك المشكلات في أكثر من منطقة”.

وحث المحافظ المواطنين على التحلي بالصبر، “لأنه ليس بالمشكلات أو العنف وإطلاق النار والفوضى ستحل أزماتهم أو يحصلون على حقوقهم”.

وأشار إلى أن عمليات السلب والجرائم ارتفعت بشكل ملحوظ في المدينة منذ بداية العام الحالي، شأنها في ذلك شأن المدن والمناطق اللبنانية الأخرى.

وكانت شركة “الدولية للمعلومات” (خاصة) رصدت، في تقرير نشرته في مارس/ آذار الماضي، ارتفاعاً في جرائم القتل والسرقة.

وذكر التقرير، الذي استند إلى بيانات المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، خلال يناير/ كانون الثاني وفبراير/ شباط 2021، أن نسبة جرائم القتل ارتفعت بنسبة 45.5 بالمئة، ووصل عدد القتلى عام 2021 إلى 32 قتيلاً مقارنة بـ 22 قتيلاً في الفترة ذاتها من عام 2020.

“كما ارتفعت نسبة جرائم السرقة في الفترة عينها بنسبة 144 بالمئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي”، وفق التقرير ذاته.

وقال محافظ الشمال: “نحن على تواصل مع كل الأجهزة الأمنية، ونعقد الاجتماعات للمجلس الأمني الفرعي في الشمال، واتخذنا إجراءات عدة، منها منع سير الدراجات النارية من العاشرة ليلا حتى الخامسة صباحا، وإقامة حواجز أمنية متنقلة وثابتة لضبط الأمن”.

وشدد على أن “الدولة لن تسمح لأي تفلت أمني، إضافة إلى تفهمها وجع الناس وصرختهم”، معتبراً أن الأمن “خط أحمر”، إذ “ممنوع إزعاج الناس الآمنة في منازلها، أو أن يتعرضوا للسرقة أو لإطلاق النار أو الترهيب”.

وقال إن “الحكومة تقف إلى جانب المواطنين في طرابلس والشمال عموماً، إن كان عبر المنظمات الدولية أو عبر الجمعيات المدنية المحلية التي تقدم المساعدات لكل المحتاجين”.

من جهته، قال مدير محطات “الفهد” لبيع الوقود في طرابلس ربيع الرطل، إن محطته أقفلت “لأن الجيش لم يحضر لحفظ الأمن والإشراف على توزيع الوقود، ولأننا نتخوف من حدوث مشكلات بسبب تهافت المواطنين لشراء البنزين”.

ولفت “الرطل” في حديثه للأناضول، إلى أن الكميات التي يحصل عليها من الشركات المستوردة للنفط ليست كافية لتغطية حاجات المواطنين، إذ تشكل 50 بالمئة في متطلبات المحطة اليومية، ورأى أن الأزمة لا تُحل إلا بتشكيل حكومة.

بدوره، قال طلال الأحمدي، وهو عامل في إحدى محطات الوقود في طرابلس: “لا نستطيع أن نمارس عملنا، كما يجب، في ظل عدم وجود قوى أمنية تحمينا، بسبب تهافت المواطنين على المحطة بشكل غير مسبوق”.

وأوضح، في حديث إلى “الأناضول”، أن “كمية الوقود التي نُزوَّد بها قليلة جدا، إذ لا تكفي الحاجة اليومية للمحطة”.

ولفت إلى أن بعض المواطنين يبيعون صفيحة الوقود بأضعاف سعرها خارج المحطة، ضمن ما يُسمى بالسوق السوداء، الأمر الذي يُفاقم المشكلة.

ومنذ أشهر، يعاني لبنان شحا في الوقود، ما تسبب بإقفال بعض المحطات أبوابها، فيما يشهد البعض الآخر ازدحاما كبيرا يتخلله في كثير من الأحيان وقوع شجارات.

وتعد أزمة الوقود إحدى أبرز انعكاسات الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد منذ أواخر 2019، والتي تسببت بانهيار مالي وعدم وفرة النقد الأجنبي الكافي لاستيراد الوقود من الخارج.

ويبلغ عدد سكان طرابلس 600 ألف نسمة تقريبا (15 بالمئة من إجمالي سكان لبنان)، يتوزعون على ثلاث مدن وثلاث بلديات (طرابلس الميناء والقلمون). وتعتبر الكثافة السكانية في المدينة الأعلى في لبنان، إذ تصل إلى 7086 شخصا في الكيلومتر الواحد.

الاناضول

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: