“فيسبوك” تسمح لمنظمات هندوسية بنشر الخطاب المعادي للإسلام حتى بعد حظر صفحاتها

“فيسبوك” تسمح لمنظمات هندوسية بنشر الخطاب المعادي للإسلام حتى بعد حظر صفحاتها

نشرت مجلة “تايم” الأمريكية تقريرا عن الكيفية التي سمحت فيها شركة فيسبوك لجماعات هندوسية متطرفة العمل ونشر التضليل لعدة أشهر رغم أنها منعت صفحاتها الرئيسية.

ولم تنتبه الشركة إلى أن الجماعة مستمرة في نشر خطاب الكراهية والتضليل ضد مسلمي الهند إلا بعدما نبهتها المجلة لهذا.

وجاء في تقرير بيلي بيريجيو قوله إن شبكة من 30 صفحة مرتبطة بمنظمة ساناتان سانتشا ولديها أكثر من 2.7 مليون معجب ظلت تعمل حتى قامت شركة التواصل الاجتماعي العملاقة بحظرها في نيسان/إبريل.

ونشرت الشبكة خطاب كراهية عن المسلمين الهنود بما في ذلك تصويرهم كوحوش خضر بأظافر طويلة. وتساءلت المجلة عن توسع حضور ساناتان سانتشا على فيسبوك رغم منعها قائلة إنه يثير أسئلة حول التزام الشركة باستئصال خطاب الكراهية والتحريض على العنف، بما في ذلك السوق الهندي.

وفي الوقت الذي تقوم فيه الحكومات حول العالم بفرض تنظيمات مشددة على منصات التواصل الإجتماعي فإن هذه الحالة قد تكون نافذة لمعرفة أثر الضغط السياسي على الطرق التي تقوم بها منصات التواصل بمراقبة الجماعات المتطرفة.

ومن مقرها في غوا، غرب الهند تقوم ساناتان سانتشا بنشر تعاليم هندوسية مختلفة لأتباعها منها أن حربا عالمية ثالثة ستحدث وتحمل معها “أوقاتا عصيبة” ستنتهي بتحول الهند إلى دولة هندوسية.

وتعتبر منظمة “فريدم هاوس” الأمريكية مجموعة ساناتان سانتشا منظمة متطرفة. وفي عام 2011 طالبت وحدة مكافحة الإرهاب في ولاية ماهراشترا بمنع المجموعة لكن الحكومة لم تتحرك أبدا.

واتهمت منذ ذلك الوقت بالتورط في أربع جرائم قتل منها جريمة قتل الصحافية غاوري لانكيش في عام 2017 والتي كانت ناقدة للحكومة القومية الهندوسية. ويقول المحققون في جريمة قتلها إن الجماعة استلهمت الاغتيال من كتاب نشره عام 1995 مؤسسها جايانت بالجي اثافالي حيث دعا جزء من الكتاب أتباعه إلى مواجهة “الآثمين” و “طالما ظل هؤلاء الآثمون في المجتمع فلن نعيش بسلام”. وكان الضحايا في الحالات الثلاث الأخرى من المثقفين التقدميين.

وقالت الحركة في بيان للمجلة إن المتهمين بجرائم القتل هم أبرياء وتم جرهم، ورفض المتحدث باسمها صفة التطرف وأنها تقوم بالترويج للتضليل.

وكانت شركة فيسبوك قد منعت الصفحة الرئيسية لساناتان سانتشا في أيلول/سبتمبر 2020 حيث حذفت 3 صفحات لديها 700.000 تابع. ولم تعلن الشركة عن الحظر ولكنها شرحت قرارها لواحد من مديري أحد الصفحات والذي طاله المنع أيضا.

وفي الرسالة الإلكترونية له واطلعت عليها المجلة “لا نسمح بتهديدات حقيقية كي تضر بالآخرين ودعم جمعية عنف ونشر محتويات مبالغة على فيسبوك”. ولم يكن المنع سوى ضربة صغيرة لساناتان سانتشا نظرا لحضورها الواسع على فيسبوك. فلم يطل المنع صفحات صحيفة الجماعة ودكانها بالإضافة لعدد آخر من الصفحات التي تبنت رؤية الجماعة الهندوسية الشقيقة لها وهي “جانجاغروتي ساميتي” حيث وصل عدد الصفحات إلى 32 وبأكثر من 2.7 مليون تابع لها.

وتشترك الصفحات عادة بنفس المحتوى، بما في ذلك خطاب تضليلي يستهدف المسلمين وعادة ما يرتبط بالمواقع التي تشرف عليها ساناتان سانتشا. وتمت مشاركة محتويات الشبكة ومشاهدتها أكثر من 11.4 مليون مرة ما بين أيلول/سبتمبر 2020 إلى نيسان/إبريل 2021، وهي بيانات من “كراود تانغل” الأداة التحليلية التي تملكها شركة فيسبوك.

وبعدما نبهت “تايم” فيسبوك عن الصفحات في نيسان/أبريل تم حذف كل الصفحات عن منصات التواصل باستثناء 3 صفحات.

وقال المتحدث باسم فيسبوك “لقد عطلنا حسابات ساناتان سانتشا لخرقها معايير مجتمع” التواصل الاجتماعي. و “نطبق سياستنا عالميا ونقوم بفرضها بدون أي اعتبار للرابطة السياسية”.

 وبعد3 أعوام دعا نائبا عن الحزب الحاكم تي راجا سينغ في نفس المؤتمر إلى التحرك ضد من يذبحون البقر ويخوضون جهاد الحب وتحويل الهندوس عن دينهم بالخداع”، وهي إشارات كلها عن المسلمين الهنود وتتوافق مع مواقف الحزب الحاكم. وعلى المستوى الدولي فإن فيسبوك تزعم التزامها بمحاربة خطاب الكراهية ومنع الجماعات التي تعلن عن مهام عنف او أنها متورطة فيه.

لكنها في حالة الهند تخشى من تنفير القوميين الهندوس بشكل يعرض طموحاتها بمليارات الدولارات هناك. وباتت الحكومة معادية لمنصات التواصل الاجتماعي. ففي الصيف الماضي منعت تطبيق تيك توك الصيني بعد المواجهة معها.

وطلبت في نيسان/إبريل من فيسبوك وتويتر حذف 50 منشورا انتقدت معالجتها لكوفيد-19. وفي أيار/مايو داهمت الشرطة الهندية مكاتب تويتر في نيودلهي بعدما أضافت الشركة عددا من تحذيرات التلاعب على منشورات عدد من قادة الحزب الحاكم.

ففي 26 أيار/مايو أعلن عن قوانين جديدة تدعو شركات التواصل الإجتماعي إلى تعيين موظفين قد يواجهون الاعتقال لو لم تلتزم بالقوانين الهندية. وقال ضيا كيالي، مدير مؤسسة “مينمونيك” المتخصصة بالحقوق الرقمية إن فيسبوك عالقة في وضع صعب في الهند. و”موقفهم كان الالتزام بما تقوله الحكومة قدر الإمكان للحفاظ على مصالحهم التجارية”. وبعد حظر الشركة جماعة ساناتان سانتشا قامت الأخيرة مباشرة باتهام فيسبوك بالمشاعر المعادية للهندوس. ووصفتها بأنها جزء من “القوى المعادية التي تريد أن قمع الأصوات الهندوسية”. ودعا المتحدث باسم المنظمة شيتان رجهانز الحكومة الهندية التحرك ضد فيسبوك لانها قامت وبطريقة تعسفية بتقييد الحرية المضمونة بموجب الدستور الهندي. وقال في رسالة إلى المجلة إن منظمته تقدمت بدعوى ضد فيسبوك واتهمها بأنها تحولت للقاضي والمحلفين ومنفذ الحكم.

وتقول المجلة إن ساناتان سانتشا وجانجاغروتي ساميتي ظلتا منذ 1999 منحصرتان بمن يزور موقعيهما ويقرأ المنشورات والصحف ولكن تويتر ويوتيوب ومسنجر منحتهما حضورا واسعا. لكن فيسبوك كانت المنصة الأهم التي وسعت المعجبين بهما لمستويات عالية. وفي الغالب ظلت المنشورات روحية وتتعلق بالعبادة الهندوسية، إلا أن مراجعة للمجلة للمنشورات المحذوفة كشفت عن نزعة كراهية للإسلام.

ويقول روحيت تشوبرا مؤلف كتاب”رشترا الهندوسية الافتراضية” إن البنية لهذه المواقع قامت على توفير المواد الضرورية للعبادة مع نشر مقالات سياسية توضح العنف لدى المسلمين. وتمت مشاركة صور تظهر المسلمين كوحوش خطيرين بشكل واسع على مواقع الحركة. ويرى راجهانز، المتحدث باسمها أن الصور ليست متحيزة لأنها “تقدم الحقائق كما هي”.

وفي الوقت نفسه ابتعدت صفحات جانجاغروتي ساميتي عن التعليقات الواضحة المعادية للإسلام والتي يمكن اكتشافها بسهولة واستبدلتها بصورة مموهة ولغة مشفرة. ولا يذكر فيها اسم إسلام أو مسلمين ولكن يمكن استنباط العنف من اسم الشخص المتهم بالعنف. ففي منشور نشر قبل فترة وتم مشاركته بين 1.4 مليون معجب ورد فيه اسم شخص “جنيد” وهو اسم منتشر بين المسلمين والذي أخفى دينه ليتزوج هندوسية والتي قامت عائلته كما زعم بتعذيبها. وتمت كتابة جنيد بحرف أخضر، اللون الذي عادة يرتبط بالإسلام، ولم يذكر اسم عائلة الشخص ولكن أرفق الخبر بصورة لمسلم شرير بلحية وطاقية وفتاة هندية تبكي.

والمنشور هو جزء من نظرية مؤامرة منتشرة بين الناشطين الهندوس حول ما يقولون إنه “جهاد الحب” والحملة المزعومة من المسلمين لخداع الهندوسيات والزواج منهن ثم إجبارهن على اعتناق الإسلام. وورد على موقع الحركتين إشارات لـ “جهاد كورونا” وهي نظرية نشرها المتطرفون الهندوس في المراحل الأولى من انتشار فيروس كورونا وتزعم أن المسلمين ينتشرون الفيروس لمهاجمة الهندوس.

ويقول كيالي، الناشط في الحقوق الرقمية إن موقف شركة فيسبوك من القومية الهندوسية هو عمل الحد الأدنى، فقد سمح لحركة جانجاغروتي ساميتي للعمل بعد أشهر من منع شقيقتها. وهو ما يقترح أن الهند تظل نقطة مظلمة للشركة التي يبلغ حجم سوقها فيها 328 مليون مستخدم.

وقال كيالي إن الشركة قامت وبشكل مستمر بحذف كل الخطاب الناقد لحكومة مودي وسمحت للخطاب الخطير الصادر عن المسؤولين في السلطة.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: