في الذكرى الخمسين لإحراقه.. معركة تحرير المسجد الأقصى قادمة

في الذكرى الخمسين لإحراقه.. معركة تحرير المسجد الأقصى قادمة

عمّان – رائد الحساسنة

على الرغم من حلول الذكرى الخمسين لإحراق المسجد الأقصى في ظروف صعبة تمر بها القضية الفلسطينية والأمة العربية والإسلامية؛ إلا أن نخبًا سياسية ترى أن قتامة المشهد وشدة سواده ما هي إلا إيذانٌ بمعركة التحرير القادمة لا محالة.

وفي تاريخ الـ 21 أغسطس/آب 1969، أقدم الصهيوني مايكل دنيس روهان، أسترالي الجنسية، على إحراق المسجد الأقصى، متسببًا بخسائر مادية كبيرة فيه.

المؤامرة على الأقصى مستمرة

وأكد رئيس مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين حمزة منصور أن حادثة إحراق المسجد الأقصى ليست حادثة معزولة؛ ولكنّها جزء من مخطط صهيوني للقضاء على أحد أقدس ثلاثة مساجد لدى المسلمين، والتهمة عادة حاضرة عند الصهاينة؛ فأي عمل إجرامي سواء كان بحق المواطنين أو بحق المقدسات تكون التهمة ملصقة بمعتوه أو مصاب عقليًا.

وقال منصور في تصريحاتٍ لـ “البوصلة” إن الأعمال الإجرامية متواصلة عبر الاقتحامات شبه اليومية، والإغلاقات، ومنع المصلين من الوصول إلى المسجد الأقصى، والحفريات تحت وحول المسجد وكلها جهود ترمي إلى هدم المسجد الأقصى.

ونوه إلى هذه المؤامرة عبّر عنها أحد الحاخامات منذ احتلال القدس عام 1967م، حينما قال: “آن لنا أن نتخلص من هذه القاذورات”.

وشدد على أنه ما كان للكيان الصهيوني أن يتمادى في عدوانه، وغلوائه لولا حالة الهوان العربي والإسلامي ولولا السقوط المدوي لطرفٍ من الفلسطينيين قبلوا أن يدخلوا في مفاوضات مع العدوّ، وتوقيع اتفاقيات اتفاقية بعد اتفاقية، وتأخير مواضيع مثل اللاجئين وحق العودة والقدس وغيرها إلى مرحلة لن تأتي.

التحذيرات غير مجدية.. لا بد من برامج عمل

وقال منصور: نحن نسمع التحذيرات اليوم ولا سيما من الأردن، في وقتٍ انسلخ فيه كثيرٌ من العرب عن القضية الفلسطينية وأصبحوا أعداء لها، وأصبح تنسيقهم شبه يوميٍ مع العدوّ الصهيوني، وأقول إن هذه التحذيرات لا تجدي نفعًا؛ فلا بد من فعل حقيقي.

وأوضح أنه يجب أن يكون في مقدمة هذا الفعل إلغاء المعاهدات الموقعة مع العدوّ وتوفير الدعم الحقيقي والكافي للشعب الفلسطيني في صموده على ترابه الوطني.

وتابع حديثه بالقول: لو كان همّا واحدًا لاتقيته ولكنّه همٌ وثانٍ وثالثٌ.. أنا أقول إن هذه المناسبات يجب أن تستثمر في تعزيز قيم الصمود والحفاظ على المقدسات والتمسك في الثوابت لدى الناشئة.

وأضاف أنه على أهمية هذا العامل وهو عامل التوعية والتعبئة والربط بهذه القضية المقدسة، لكن يجب أن تترجم هذه المشاعر الطيبة والإيجابية إلى برامج عمل، وأنا لا أطلب المستحيل الآن.

وشدد منصور على أن أقل الواجب من الأمة تجاه صمود المسجد الأقصى وأهله إيجاد مشاريع تعين المقدسيين على صمودهم، وهم يقدمون في كل أسبوع يعطون درسًا حقيقيا في الصمود والثبات والتمسك بالمسجد الأقصى، وأيضًا إخواننا في غزة في مسيرات العودة المستمرة، وهي مسيرات مكلفة شهداء، وجرحى، فلا بد من مشاريع لدعمهم.

وختم منصور حديثه بالقول: إذا كانت الحكومة لا تنهض بهذه المشاريع، فيجب على الأحزاب السياسية والنقابات المهنية والروابط العشائرية، والجميع مدعوّ لإيجاد “برامج توأمة” مع الشعب الفلسطيني، ولا سيما في أصعب مواقعه، ألا وهو القدس وغزة.

ظروف الأمة صعبة.. لكن جيل التحرير قادم

من جانبه أكد رئيس الجمعية الأردنية للعودة واللاجئين كاظم عايش أن ذكرى إحراق المسجد الأقصى تمر هذا العام بلا شك في ظروف مختلفة عمّا سبق، حيث يتعرض الأقصى لتهديدات حقيقية، والمسجد الأقصى يتعرض لاقتحامات غير مسبوقة في سنوات سابقة.

وقال عايش في تصريحاتٍ لـ “البوصلة“: صحيح أن المقدسيين يشكلون الحماية الحقيقية والدفاع الحقيقي عن هذا المسجد ولكن من واجب المسلمين وواجب العرب والفلسطينيين الآن أن يكون في دعم هؤلاء المقدسيين الذين يقفون بصلابة أمام هذه التحديات وهذه التهديدات، وبالتالي يجب أن يتحرك الجميع في دعم هؤلاء وأن نقف إلى جانبهم بشكلٍ مختلف.

وتابع حديثه بالتشديد على ضرورة تحرك الجميع لدفع الحكومات العربية للقيام بواجبها بما تستطيع، وهي تستطيع الكثير طبعًا على أكثر من صعيد، في سياق الضغط على العدو الصهيوني من أجل التوقف عن هذا التحرش وهذه الاقتحامات والعدوان على المسجد الأقصى، فهو ليس مجرد مكان كغيره في فلسطين، ولكنّه مكانٌ يمس عقيدة المسلمين ويمس وجدانهم، والاقتراب من هذه الدائرة وهذا المكان يعني الكثير.

ولم يخف عايش قراءته للواقع المرير الذي تمر به الأمة وشعوبها، لكنه ظل متمسكًا بالأمل، وقال: لا شك أن الشعوب مستضعفة والأوضاع صعبة، لكن هذا لا يعني أن الشعوب سلّمت الأمر، أو أنهم غير قادرين على فعل شيء، فهم قادرون على فعل الكثير على مستوى أوطانهم وحكوماتهم أو على مستوى الأقصى نفسه كمكان يمس مشاعرهم ومعتقداتهم.

وشدد على أن المسجد الأقصى سيكون هو المحرك لما هو أكثر من مجرد المسجد والقدس؛ بل سيكون محركًا لفلسطين كلها، كيف لا وهو “عنوانها”.

وحذر عايش من أن التمادي في العدوان على المسجد الأقصى سيكون له أثر كبير جدًا على الحالة الشعبية والحالة الوطنية في فلسطين وما حولها.

ونوه إلى أنه على الرغم من تردي الوضع السياسي وتراجع المنطقة كلها، إلا أن الأمة فيها بقية قادرة على تغيير هذا الواقع السيء.

وختم حديثه بالتعويل والتفاؤل بجيل التحرير القادم، قائلا: “لا شك أننا نعوّل كثيرًا على جيل الشباب، وهو جيل التحرير القادم، نحن متأكدون ومصرون على أننا سنحرر هذا المسجد وإن طال الزمان، فالشباب في جميع الاتجاهات هم العنصر الأساسي في التوعية والفهم والتعبئة وحشد طاقات الأمة لمعركة التحرير، وهي قادمة بلا شك”.

الأوقاف الإسلامية تحذر: المخاطر تزداد

وفي السياق ذاته حذرت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، في بيان بمناسبة حلول الذكرى الخمسين للحريق المشؤوم في المسجد الأقصى، من تزايد المخاطر التي تتهدد المسجد.

وأشار البيان إلى الحريق المدبر بتاريخ 21/08/1969، والذي أتى على كنوز أثرية لا تقدر بثمن، فقد دمر الحريق أكثر من ربع المسجد الأقصى وما فيه من فسيفساء أثرية ورسوم نادرة على أسقفه الخشبية وسجاده الفارسي.

كما دمر الحريق منبر صلاح الدين الأيوبي، الذي صنعه نور الدين زنكي، وأحضره صلاح الدين عند تحرير القدس من الصليبيين، ووضع في المسجد الأقصى.

وأضاف البيان أنه “بعد مرور خمسين عاما على الحريق المشؤوم تزداد المخاطر التي تتهدد الأقصى بنيانا وإنشاء، فالحفريات الإسرائيلية في محيط المسجد الأقصى المبارك تهدد مبنى المسجد الأقصى وجدرانه وسائر منشآته، والأنفاق التي تحفرها السلطات الإسرائيلية في البلدة القديمة هددت المدارس الأثرية التاريخية الإسلامية وتهدد سلوان ومسجد سلوان والبيوت الإسلامية في سلوان.

وحذر البيان من خطورة الوسائل الإجرامية في سبيل إخراج أهل القدس من مدينتهم، عبر تزوير الوثائق وأعمال البلطجة وزراعة الكنس بمنطقة الواد في محيط المسجد الأقصى لاستهداف كل وجود عربي إسلامي في القدس، ومنع المسلمين من الوصول إلى المسجد الأقصى لتفريغه وجعله متحفا أثريا لزيارة الغرباء، تحت سمع العالم المتحضر وبصره، ولا أحد يحرك ساكنا سوى بيانات الشجب والاستنكار التي لا تردع المعتدي عن التمادي في اعتدائه”.

(البوصلة)

ص/10

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: