في ذكرى سربرنيتسا.. كيف خلدت السينما التركية معاناة البوسنيين؟

في ذكرى سربرنيتسا.. كيف خلدت السينما التركية معاناة البوسنيين؟

حظيت الأحداث المروعة التي شهدتها سربرنيتسا، وما تبعها من أعمال التنقيب عن جثث الضحايا في المقابر الجماعية، باهتمام السينما التركية، التي حاولت عرض معاناة البوسنيين والبحث في ملابسات الأحداث وتعقيداتها التي أثرت في الأجيال اللاحقة.

مع الذكرى 26 للإبادة الجماعية التي تعرض لها مسلمو البوسنة على يد القوات الصربية في سربرنيتسا، وحكم المحكمة الجنائية الدولية الذي صدر بحق الجنرال الصربي راتكو ميلاديتش بالسجن مدى الحياة لدوره الرئيسي في أعمال الإبادة الجماعية التي نفّذَتها قواته العسكرية، نسلط الضوء من خلال هذا التقرير على دور السينما التركية في تخليد ذكرى الضحايا ونقل معاناة البوسنيين إلى العالم بأسره.

والذي حدث في سربرنيتسا أقلّ ما يقال عنه أنه “إبادة جماعية”، ففي أثناء الحرب في البوسنة احتلّت قوات القائد الصربي راتكو ميلاديتش سربرنيتسا التي أعلنتها الأمم المتحدة “منطقة آمنة” في 11 يوليو/تموز 1995، إلا أن القوات الهولندية التي كانت مسؤولة عن حماية اللاجئين المدنيين انسحبت وسلمت المدنيين البوشناق للقوات الصربية، التي قتلت أكثر من 8 آلاف رجل واغتصبت آلاف النساء في الفترة ما بين 11 و13 يوليو/تموز 1995.

وحظِيَت الأحداث المروّعة التي شهدتها سربرنيتسا، وما تبعها من أعمال التنقيب عن جثث الضحايا في المقابر الجماعية، باهتمام السينما التركية، التي حاولت عرض معاناة البوسنيين والبحث في ملابسات الأحداث وتعقيداتها التي أثّرَت في الأجيال اللاحقة. ونسلط الضوء هنا على 4 أفلام أنتجتها وأخرجتها تركيا أو شاركت إنتاجها وإخراجها:

الفيلم من كتابة وإخراج الشاعر والمخرج التركي فيصل صويصال، وهو نتاج إنتاج مشترك بين تركيا والبوسنة، تكفلت وزارة الثقافة التركية بمشاركة هيئة التليفزيون والراديو التركية (TRT) بتمثيل الجانب التركي، وعُرض الفيلم في تركيا لأول مرة في 21 سبتمبر/أيلول 2013. يعكس الفيلم سنوات الحرب المؤلمة في البوسنة والهرسك في قلب أوروبا في تسعينيات القرن الماضي، ويروي القصة الدرامية لأولئك الذين يبحثون عن أقاربهم بعد الحرب في المقابر الجماعية.

ويعرض الفيلم قصة عيش بنيامين في قرية “حسن كيف” جنوب شرق تركيا مع والده يعقوب ووالدته وأخيه الأكبر يوسف، ويظهر غيرته الشديدة في أثناء طفولته بسبب اهتمام والده وصديقته زليخة بيوسف أكثر منه. وفي أحد الأيام، بينما كانوا يلعبون، تسبب بنيامين في حادثة سقوط زليخة من جسر “مالابادي” وغرقها، ولم يستطع عقب الحادثة التخلص من الصدمة والشعور بالذنب لسنوات.

بنيامين، الذي يعيش حياة قائمة على الهرب من عائلته وعمل الخير والإحسان للناس، بعد حرب البوسنة والهرسك، ذهب إلى البوسنة طواعية للعمل مع منظمة تُعنى بالتنقيب عن الجثث في المقابر الجماعية.

وقبل أيام من عودته إلى تركيا، التقى بزرينكا التي تحاول الانتحار من فوق جسر موستار. الشابة طبيبة نفسية نصفها صربي والنصف الآخر بوسني، تعاني من صدمات نفسية ولديها ميول انتحارية بسبب فقدها جميع أقاربها وأصدقائها في أثناء الحرب، ينجح بنيامين في إعادتها إلى الحياة مجدداً، وبعد وقوعهما في الحب تبدأ زرينكا مساعدته على حل صدماته النفسية. وبعد تعافي بنيامين يعود إلى مسقط رأسه لمواجهة أخيه الأكبر يوسف ووالده. وعند انقطاع أخباره لفترة طويلة، تذهب زرينكا إلى قريته للبحث عنه، وهناك يجدون أنفسهم وسط تطورات مثيرة للاهتمام.

إلى أين تذهبين، عايدة؟

العام الجاري، نافس الفيلم البوسني الذي شاركت هيئة التليفزيون والراديو التركية (TRT) في إنتاجه ضمن أفضل 5 أفلام أجنبية في حفل توزيع جوائز الأوسكار بنسخته 93. والفيلم مقتبس عن قصة حقيقية من حياة حسن نوهانوفيتش، ومن إخراج المخرجة الشهيرة ياسميلة أوبانيتش.

ويروي الفيلم أحداث الإبادة الجماعية في سربرنيتسا التي راح ضحيتها قرابة 8 آلاف بوسني مسلم من خلال عيون مترجمة تعمل في قاعدة الأمم المتحدة في سربرنيتسا. وعليه فإن الفيلم مأخوذ عن قصة حقيقية لمسلمة بوسنية فشلت في إنقاذ أسرتها في أثناء عملها مترجمة في قاعدة الأمم المتحدة.

اختارت المخرجة رواية القصة من خلال شخصية عايدة لتكريم النساء اللواتي لم يستطعن ​​إنقاذ أزواجهن وأبنائهن بسبب ارتباك وعدم فاعلية الأمم المتحدة خلال الأحداث الوحشية والدامية. ولفتت إلى أنها استوحت أحداث الفيلم من قصة حسن نوهانوفيتش، الذي بسبب عمله مترجماً في الأمم المتحدة أُنقذت حياته ولم يسلّم للجنود الصرب في أثناء الإبادة الجماعية، لكنه فقد والديه وشقيقيه التوأمين في أثناء إبادة الصرب ضد المسلمين البوسنيين.

جرح أمي (Annemin Yarasi)

الفيلم من إخراج المخرج التركي أوزان أجيكتان، وكتب السيناريو أوزان جوفين وفوندا شيتين، وشارك في التمثيل نخبة من الممثلين الأتراك، أمثال أوزان جوفين وبلجيم بلجين ومريم أوزرلي وبورا عكاش. انتهت أعمال تصوير الفيلم في عام 2015، وعُرض عام 2016، وهو حالياً على منصة “نتفلكس”.

وكحال الأفلام الأخرى، يتناول فيلم “جرح أمي” الأحداث المؤلمة لحرب البوسنة والظلم والمعاناة التي تعرض لها المسلمون البوسنيون، والتي ما زالت تبعاتها تعيش معهم حتى يومنا الحالي.

ويروي الفيلم الذي صُوّر في صربيا والبوسنة وكرواتيا وتركيا، قصة اغتصاب قائد صربي امرأةً مسلمة خلال الحرب، ورحلة بحث البوسني صالح عن عائلته، الذي غادر دار الأيتام بعد بلوغه سنّ الثامنة عشرة، ليبدأ العمل في مزرعة في أثناء بحثه عن والده، إذ اكتشف حقائق الحرب المريرة الماضية التي شُنّت على المسلمين آنذاك.

الحقبة الأخيرة (The Last Epoch)

في عام 2016 شارك المخرج التركي فيسال أتاسيفار في إخراج فيلم روائي طويل يُدعى “الحقبة الأخيرة”، يستعرض أحداثاً من الإبادة الجماعية في سربرنيتسا، التي وقعت في العام الأخير من الحرب في البوسنة، وقُتل فيها أكثر من 8 آلاف رجل من مسلمي البوسنة.

وفي أثناء حديثه في المؤتمر الصحفي الذي عُقد في سراييفو، أشار المخرج أتاسيفار إلى أنه اتخذ قراره تصوير فيلم عن الإبادة الجماعية في سربرنيتسا قبل عامين، وذلك بعد مشاهدة الاحتفالات التي أقيمت كجزء من ذكرى الإبادة الجماعية على شاشة التليفزيون. وقال أتاسيفار: “من الواضح أنني لم أكن أعرف كثيراً عن سربرنيتسا من قبل. عندما بدأت البحث وتَعرُّف الأشخاص الذين يعيشون هناك، أدركت أن الفيلم هو في الواقع مهمة إنسانية”.

وصُوّر الفيلم في سربرنيتسا وألمانيا وهولندا، باللغتين البوسنية والإنجليزية، فيما استُلهمت قصة الفيلم من حياة هاتيدزا محمدوفيتش، رئيسة جمعية أمهات سربرنيتسا، في أثناء الأحداث التي وقعت خلال الحرب. وخلال تصوير الفيلم استخدمت الصور التي التقطها أحمد باجريك، والتي أرَّخَت لأحداث الإبادة الجماعية عام 1995.

TRT عربي

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: