كيف أضر غزو أفغانستان الاقتصاد الأميركي؟

كيف أضر غزو أفغانستان الاقتصاد الأميركي؟

انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان

تضمن خطاب الرئيس الأميركي جو بايدن للشعب الذي برر فيه انسحاب قوات بلاده من أفغانستان بعد 20 عاما (7300 يوم) من الاحتلال؛ إشارات واضحة للبعد الاقتصادي، وما تركته التكلفة المادية للحرب من عبء كبير على الخزانة الأميركية.

وكشف بايدن عن أن بلاده أنفقت أكثر من تريليوني دولار في أفغانستان، وقال إنه “بعد إنفاق أكثر من تريليوني دولار في أفغانستان يتعين على الشعب الأميركي أن يسمع هذا. لقد كنا ننفق 300 مليون دولار في اليوم على مدى عقدين من الزمان. يمكنك أن تأخذ تقديرا محافظا جدا ونقول تريليون دولار فقط كما يقول كثيرون، وهذا يعني 150 مليون دولار في اليوم لمدة عقدين من الزمن، ولكم أن تتخيلوا ما خسرناه من فرص بديلة نتيجة لذلك؟”.

صعوبة تقدير التأثير الاقتصادي

تشير البيانات الحكومية عشية غزو أفغانستان قبل 20 عاما إلى بلوغ حجم الدين الأميركي العام ما يقرب من 5.7 تريليونات دولار، أو ما نسبته 36% من إجمالي الناتج القومي الأميركي، ومع استكمال الانسحاب الأميركي من أفغانستان قبل أسبوع بلغ حجم الدين العام الأميركي ما يقرب من 26 تريليون دولار، أو ما نسبته 127% من إجمالي الناتج القومي لعام 2021.

ومثل بقية الحكومات حول العالم، تلجأ واشنطن للاقتراض لتغطية الفارق بين مصروفاتها وإيراداتها، لتحقيق التوازن في ميزانيتها الفدرالية السنوية.

لكن من الصعوبة بمكان تحديد مبلغ معين من الدين الفدرالي نتيجة الحرب في أفغانستان. وفي حديث مع الجزيرة نت، عبر السيد شريف عثمان الخبير الاقتصادي بمؤسسة واشنطن آناليتيكا، والمقيم بواشنطن؛ عن “صعوبة رصد التأثيرات المباشرة للحرب في أفغانستان على الاقتصادي الأميركي، أو للانسحاب الأميركي منها لعدة أسباب: أولها وأهمها صِغر حجم الاقتصاد الأفغاني أمام حجم الاقتصاد الأميركي الضخم، وعدم وجود علاقات اقتصادية ذات قيمة بين الدولتين، وعدم امتلاك أفغانستان موارد طبيعية مثل الغاز أو البترول أو أي من المعادن المهمة التي بسببها يمكن للحرب أن تربك الاقتصاد العالمي أو الأميركي”.

ويرى عثمان أن الحرب ربما أسهمت -بطرق غير مباشرة- في رفع الدين العام الأميركي، “إذ يبقى السؤال متعلقا بمصدر 300 مليون دولار التي أنفقتها واشنطن يوميا على الحرب في أفغانستان. من المؤكد أن هناك نسبة من الدين العام تعود لحروب أميركا، ومنها أفغانستان”.

ويعتقد عثمان أن الحكومة الأميركية “لجأت لطبع مليارات الدولارات لتمويل حروبها والنتائج الاقتصادية السلبية منذ انتشار فيروس كوفيد-19، مما يؤدي بالضرورة إلى ارتفاع نسب التضخم”.

من ناحية أخرى، أشارت دراسة لمعهد الاقتصاد والسلام بواشنطن إلى أن حرب أفغانستان هي “المرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة التي يتم فيها خفض الضرائب خلال حرب أسفرت بعد ذلك عن تمويل كامل من خلال الإنفاق على العجز (الدين)”.

تشير البيانات الحكومية عشية غزو أفغانستان قبل 20 عاما إلى بلوغ حجم الدين الأميركي العام ما يقرب من 5.7 تريليونات دولار، أو ما نسبته 36% من إجمالي الناتج القومي الأميركي، ومع استكمال الانسحاب الأميركي من أفغانستان قبل أسبوع، بلغ حجم الدين العام الأميركي ما يقرب من 26 تريليون دولار أو ما نسبته 127% من إجمالي الناتج القومي لعام 2021

تكلفة مالية غير واضحة

يصدر “مشروع تكاليف الحرب” (Cost of War) في جامعة براون تحديثا دوريا لدراسة حول تكلفة الحرب في أفغانستان، ويظهر التحديث الأخير أن الحرب كلفت الخزانة الأميركية حتى الآن ما لا يقل عن 2.261 تريليون دولار، أي ما يقرب من 16 ألف دولار لكل دافع ضرائب فدرالي.

لكن التقرير يشير إلى أن هذه التكاليف أقل من الواقع، لأن الأرقام لا تشمل الأموال التي تتعلق بتكاليف الرعاية الصحية المستقبلية لقدامى المحاربين في أفغانستان، ولا مدفوعات الفائدة المستقبلية على الأموال التي تم اقتراضها لتمويل بقاء القوات الأميركية هناك لما يقرب من 20 عاما.

ولا تتفق الجهات الأميركية الحكومية المختلفة على وجود تكلفة واضحة ومحددة للحرب الأميركية في أفغانستان، التي أصبحت أطول حرب في التاريخ الأميركي. ومع اطلاع الجزيرة نت على عدد من هذه التقديرات، كان من الواضح أن هناك بنودا تتم إضافتها في بعض الحالات، وبنودا أخرى يتم تجاهلها.

فرص بديلة أضاعتها حرب أفغانستان

نتج عن الإنفاق المرتفع عن الحرب في أفغانستان ضياع فرص بديلة للاقتصاد الأميركي، ولم يستفد اقتصاد الولايات المتحدة في الهياكل الأساسية العامة غير الصناعات العسكرية، مثل الطرق والمدارس ومشروعات البنية التحتية.

جدير بالذكر أن خطط الرئيس بايدن الطموحة لإنعاش وصيانة وتطوير البنية التحتية الأميركية وافق عليها الكونغرس، وبلغت قيمتها 1.3 تريليون دولار، أي أقل من تكلفة الحرب في أفغانستان.

وأشار بايدن إلى أن خطة البنية التحتية بتزويد أكثر من 400 ألف مدرسة وحضانة أطفال بمياه شرب صحية خالية من الرصاص، وستوفر أيضا الإنترنت فائق السرعة “للجميع وبأقل تكلفة”، كما أنها ستدعم الاستثمار في السيارات الكهربائية وتغيير طرق التنقل في البلاد، وتقليل معدلات التلوث في الطرق، وتحديث السكك الحديدية وتسريع التنقل بها.

كما أشار بايدن إلى أن خطط البنية التحتية “ستوفر آلاف فرص العمل لغير الحاصلين على الشهادة الجامعية، متوقعا توفير مليوني وظيفة إضافية سنويا”.

لكن من ناحية أخرى، وفي ظهور تلفزيوني، أشار أحد أعضاء الكونغرس في تبرير رفضه قرار بايدن سحب القوات الأميركية من أفغانستان إلى أن “كل دولار ننفقه في أفغانستان يرجع منها 80 سنتا (80%) للاقتصاد الأميركي”.

وعلى مدار 20 عاما الأخيرة، استعانت الحكومة الأميركية بآلاف المتعاقدين طبقا للتقرير الأخير الصادر في يونيو/حزيران الماضي من مكتب المفتش الخاص لشؤون أفغانستان بالبنتاغون، الذي أفاد بوجود 22 ألفا و500 من المتعاقدين الأميركيين الممولين من ميزانية البنتاغون في أفغانستان.- الجزيرة

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: