لاجئون يتحدون الظروف ويحققون نجاحات باهرة بـ”التوجيهي”

لاجئون يتحدون الظروف ويحققون نجاحات باهرة بـ”التوجيهي”

 “نجاحي بشهادة الدراسة الثانوية العامة (التوجيهي)، هو انتقام لكل الظروف الصعبة التي عشت بها، وحاولت منعي عن التعليم”.. هكذا تصف الأولى على مخيمات اللجوء السوري في الأردن، هبة الله الزعبي، مشاعرها تجاه نجاحها بهذا الامتحان، وحصولها على معدل 99.3 %.


هبة (19 عاما)، والتي تعيش في مخيم الزعتري للاجئين السوريين، تقول “خسرت عامًا دراسيًا كاملًا بسبب اللجوء، لكنني عدت إلى المدرسة، حيث كانت شقيقتي الأكبر مني سنًا تساعدني في الدراسة، والتي خسرت تعليمها وتزوجت بسبب الحرب واللجوء”، مضيفة “أصررت أن انتقم لها من الظروف وأن أكمل دراستي”.

كانت أزمة فيروس كورونا المستجد، الصدمة الثانية لهبة، إذ توضح “مع مجيء كورونا وكل شيء توقف، سمعت الخبر بإغلاق المدارس والدموع بعيني.. انتهى الحلم.. ولما شفت أستاذ مادة الفيزياء، أحمد شقبوعة، على شهادة التلفاز، يقوم بدوره في التعليم، أيقنت أن الأمل رجع أقوى”.

محيي الدين البدوي، من مخيم الزعتري، حصل على معدل 98.8 %


تستذكر هبة، كيف كان أستاذ مادة الرياضيات بمركز التقوية يتواصل مع طلبته حتى الثانية بعد منتصف الليل على مجموعات “واتساب”، ليراجع مع طلبته المادة التعليمية.
محي الدين البدوي، من قاطني مخيم الزعتري للاجئين السوريين في محافظة المفرق، قصة مشابة لقصة هبة، فقد حقق المرتبة الثانية بالمخيم بمعدل 98،8%.
يقول إنه اضطر إلى ترك المدرسة وهو في الصف الخامس الابتدائي، بسبب الحاجة والوضع الاقتصادي السيىء، لكنه عاد للمدرسة بتشجيع من والدته، التي كانت تقول له دومًا من “رحم المعاناة تولد الإبداعات”.
خلال “كورونا”، تابع محي الدين التعلم عن بُعد، فيما استمر بدروس التقوية عبر مجموعات “واتساب”، قائلًا “قطعت أشواطا على منصة التعلم درسك”، عازيًا ذلك إلى فضل الأساتذة، فضلًا عن دروس التقوية، فالأساتذة “لم يتركوني، وزملائي الطلبة، حتى آخر ساعة قبل الامتحان”.
يصف محي الدين شعوره تجاه نجاحه بامتحان “التوجيهي” بالقول “أنا الآن أشعر كأني طلعت على حياة جديدة”.

أما محمد (18 عامًا)، من سكان مخيم الأزرق للاجئين، فيقول “كانت المرة الأولى التي شعرت فيها ببصيص أمل في رحلة لجوئي وعائلتي عندما وصلت إلى الأردن، واكتشفت أن هناك مدارس في المخيم. بدت الحياة طبيعية مرة أخرى”.
ويتابع “فقدت الأمل مرة أخرى عندما أغلقت جائحة كورونا مدرسته”، إذ كنت قلقًا من إلغاء امتحانات الثانوية العامة.
ويضيف “لقد فقدت عامًا من الدراسة، عند مغادرتي سورية، ومكوثي في مخيم الأزرق للاجئين. وزاد همي عندما حل وباء كورونا، لينتابني شك بشأن عدم قدرتي على تحقيق أحلامي، إذ كانت ضربة جديدة”.
ويبين محمد “بعد أسبوع من حظر التجول، تم إنشاء منصة التعلم “درسك”، حيث كان مدرسونا في مركز التقوية يدعموننا من خلال “واتساب”. كانوا هناك من أجل الإجابة عن أي أسئلة. اختفت مخاوفي ببطء. على الرغم من أن البقاء في المنزل كان صعبًا لأن لدينا غرفة واحدة فقط، يتوجب علي أن أشاركها مع إخوتي وأخواتي، ولا توجد كهرباء في الليل. أبليت بلاءً حسنًا في امتحاناتي، وسأكون قادرًا على الذهاب إلى الجامعة”.

محمد (18 عاما) من سكان مخيم الأزرق للاجئين – (الغد)


وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف”، فإنه خلال العام الدراسي الحالي، تلقى أكثر من 900 طالب وطالبة بطاقات التسجيل في امتحان “التوجيهي” في مخيمات الزعتري والأزرق والإمارات، حيث سجل 494 طالبًا وطالبة لأول مرة في الامتحانات، بينما كان هناك 433 آخرون يعتزمون الإعادة. ما يعني زيادة 204 طلاب على العام الدراسي الماضي.
وبلغ عدد الطلبة النظاميين في تلك المخيمات، الذين نجحوا بالامتحان 208 طلاب، وفق “يونيسيف” التي توقعت أن يرتفع العدد بعد احتساب طلبة الدراسة الخاصة الناجحين في الامتحان.
ورغم نجاح نسبة لا بأس بها من الطلبة في مخيمات اللاجئين بامتحان “التوجيهي”، لكن فرص الطلبة السوريين في الحصول على مقاعد جامعية محدودة جدًا، إذ تعتمد بدرجة أساسية على حصولهم على منح من الجهات المانحة.
وفي هذا السياق، يقول مسؤول التعليم في مخيمات اللجوء السوري بـ”يونيسيف”، أسامة النعيمي، “يعيش الطلبة وأهاليهم من اللاجئين في المخيمات ظروفا غير طبيعية، ما يجعل من النجاح في التعليم بوابة أمل للنجاة من الظروف الصعبة”.
ويتابع “التعليم في المخيمات له تحديات كبيرة، كظروف الأسرة والاكتظاظ في الغرف الصفية، إلا أنه ورغم ذلك هناك حماس وحب للتعلم، وهو أمر تستطيع أن تلمسه بوضوح بين الطلبة في المخيم”.
ويزيد النعيمي “رغم أن الفرص متاحة للتعليم المدرسي، لكن التحدي يكون أصعب في التعليم الجامعي، فعدد المنح للتعليم الجامعي محدود جدًا”.


وأنشئت منصة “درسك” بعد بداية الحظر بقليل، وفي كل المراحل تم دمج الفئات الأكثر هشاشة في التخطيط من قبل وزارة التربية والتعليم، أما “يونيسيف” فقامت بالتعاون مع الشركاء بتوفير مراكز التقوية التي مكنت الطلبة من التواصل مع المدرسين للدعم والإجابة عن جميع الأسئلة، إضافة إلى أماكن هادئة للدراسة في ظل الاكتظاظ المكاني في بيوت المخيم، بُغية التمكن من الولوج الى منصة “درسك”.
وتواصل “يونيسيف” دعم ما يقرب من 20 ألف طفل، تتراوح أعمارهم ما بين 6 و17 عامًا، في الواجبات المنزلية عن بُعد، وذلك بتقديم دليل للوالدين يوضح كيفية توفير الدعم لأطفالهم في المنزل.

كما تعمل المنظمة على توفير وسائل النقل إلى مراكز الامتحانات وتزويد جميع الطلبة بمعدات الوقاية الشخصية في ظل الظروف الوبائية الحالية.
يُشار إلى أن الأردن اقترب من تحقيق هدفه، المتمثل في التحاق كل طفل بمرحلة التعليم الابتدائي مع 97 % من الأطفال في المدارس، وحافظ على المساواة بين الجنسين في التعليم منذ العام 1979. بالرغم من ذلك، فإن التقدم في نسبة الالتحاق بالمدارس لم يستفد منه جميع الأطفال بالتساوي، لا سيما الأطفال ذوو الإعاقة واللاجئين.

الغد

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: