لماذا أيدت كافة الأحزاب التركية قرار “آيا صوفيا” رغم معارضة بعضها الضمنية لهذه الخطوة؟

لماذا أيدت كافة الأحزاب التركية قرار “آيا صوفيا” رغم معارضة بعضها الضمنية لهذه الخطوة؟

آيا صوفيا

أبدت الأغلبية المطلقة من الأحزاب السياسية التركية بتوجهاتها السياسية والأيديولوجية المختلفة قرار القضاء التركي بإبطال قرار مجلس الوزراء عام 1934 بتحويل آيا صوفيا من مسجد إلى متحف، وقرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإعادة فتحه كمسجد للعبادة.

وعلى الرغم من الخلافات السياسية الحادة بين أردوغان وكافة أحزاب المعارضة، إلا أن أغلبها أعلن تأييده للقرار بشكل علني واعتبره خطوة تاريخية مهمة وقرارا سياديا تركيا، ومنها أحزاب معروفة بمواقفها السابقة المعارضة لهذه الخطوة، ويعرف عن زعمائها أنهم معارضون بشدة لهكذا قرار.

وفسر امتناع الأحزاب المعارضة أصلاً لهذه الخطوة عن انتقادها بأنه محاولة لعدم خسارة ناخبيهم من شريحة المحافظين والقوميين، ومحاولة بأن لا يكون أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم هو الكاسب الوحيد والأكبر من هذه الخطوة التي حملت في طياتها رسائل انتخابية قوية.

وتشير تقديرات المعارضة، إلى أن أردوغان لجأ إلى هذه الخطوة رغم معارضته لها منذ سنوات طويلة وتصريحه قبيل أقل من عام عن معارضته الشديدة لنداءات تحويل آيا صوفيا إلى مسجد، وذلك في محاولة لتعزيز شعبيته في الشارع التركي وكسب المزيد من أصوات الناخبين المحافظين والقوميين.

وانطلقت جميع الأحزاب التركية في موافقها من اعتبار هذه الخطوة “وطنية وتعبر عن السيادة التركية” وأنها محل إجماع في الشارع التركي، وترى في ذلك خطوة تساعد في اعتبار الخطوة محل إجماع وطني، وليست ورقة في يد أردوغان تمكنه من كسب أصوات المحافظين والقومين وهي الشريحة الأوسع القادرة على حسم أي انتخابات تشهدها البلاد.

وإلى جانب حزب العدالة والتنمية الحاكم صاحب هذه الخطوة، أيّد حليفه حزب الحركة القومية ذلك بشكل قطعي، حيث يعتبر الحزب من أبرز الداعمين لهذه الخطوة، حتى اعتبر بعض المحللين الأتراك أن أردوغان أقدم على هذه الخطوة بضغط من حليفه حزب الحركة القومية.

وقال دولت بهتشيلي زعيم حزب الحركة القومية: “بحمد الله، تحققت آمال المسلمين والأتراك المشروعة، من الآن فصاعداً، ستظل أبواب أيا صوفيا مفتوحة لاستقبال جباه الساجدين الطاهرة”، مشدداً على أن ذلك “مسؤولية تاريخية يجب الالتزام بها”، منتقداً التصريحات الخارجية المناهضة للقرار.

وكون القرار يحمل طابعا قوميا ويؤثر بالدرجة الأولى على أصوات الناخبين القوميين، أعلنت زعيمة حزب الجيد القومي تأييدها المطلق للقرار، وكتبت زعيمة الحزب ميرال أكشنار تغريدة باركت فيها للشعب التركي هذه الخطوة، وقالت: “مبارك لكم مسجد آيا صوفيا”.

أما فيما يتعلق بالأحزاب والسياسيين الذين خرجوا من رحم حزب العدالة والتنمية، فكانوا الأكثر حرصاً على إبداء دعمهم لهذا القرار، وذلك للحفاظ على أصوات الناخبين المتوقعين من المحافظين والقوميين، وهي الشريحة الأساسية التي يسعون لكسب أصواتها خلال المرحلة المقبلة، إلى جانب أن خلفياتهم المحافظة تمنعهم من الوقوف في وجه القرار رغم أن موقفهم الرسمي غير المعلن يشير إلى اعتبارهم أن أردوغان قام بهذه الخطوة لأهداف انتخابية، وبعضهم يعارض ذلك لكنه لا يستطيع اتخاذه كموقف معلن.

وكتب الرئيس التركي السابق عبد الله غُل: “هذا القرار التاريخي أسعد شعبنا العزيز، وأهنئ كل من ساهم فيه”، اعتبر أحمد داود أوغلو زعيم حزب المستقبل أن “فتح أيا صوفيا للعبادة، هو تحول الشوق الذي دام عشرات الأعوام إلى حقيقة”، وأضاف: “الموقف المسؤول الذي أبدته الحكومة والمعارضة جدير بالتقدير. أطيب التمنيات لرمز الفتح وأمانة الفاتح جامع آيا صوفيا الذي يحوي تراكم حضارة إسطنبول بأسرها”، كما أيد علي باباجان رئيس حزب الديمقراطية والتقدم الجديد القرار.

في السياق ذاته، اعتبر محرم إنجي، أحد أبرز مسؤولي حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة والمرشح السابق للرئاسة التركية أن “آيا صوفيا داخل حدود تركيا، وفتحه للعبادة قرار سيادي لتركيا.. هذا أمر لا يحق لروسيا والولايات المتحدة واليونان أو أي دولة أو مؤسسة أخرى أن تقرر بشأنه”.

لكن موقف إنجي هذا، لم يكن تعبيراً عن الموقف الرسمي الجمعي للحزب، الذي أسسه مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الجمهورية التركية، وصاحب قرار تحويل آيا صوفيا من مسجد إلى متحف، حيث واجه الحزب صعوبة كبيرة في تحديد موقف رسمي علني من هذه الخطوة.

ورغم هذا الجدل والمواقف العامة لزعماء كافة الأحزاب، التزم كمال كليتشدار أوغلو، زعيم المعارضة الصمت حيال القرار ولم يبدِ أي موقف أو تصريح حتى الآن، في مشهد يصف صعوبة الموقف الذي يعاني منه الحزب رسمياً. فعملياً ليس سراً أن الحزب يعارض هذه الخطوة وبقوة؛ لأسباب مختلفة منها خلفيته العلمانية وكون القرار يتعارض مع قرار آخر لأتاتورك، بالإضافة إلى اعتبار الحزب أنها خطوة بأهداف انتخابية تخدم أردوغان وتؤثر على علاقات تركيا مع الغرب.

لكن في الوقت نفسه، لم يلجأ زعيم الحزب لإعلان معارضة علنية لهذا القرار خشية من أن يستغل أردوغان ذلك في اعتباره “دليلاً” على اتهاماته المعتادة للحزب بالارتهان للغرب والابتعاد عن المواقف الوطنية، وضريبة ذلك في الانتخابات، لا سيما وأن حزب الشعب الجمهوري تمكن من رفع أصواته وحظوظه الانتخابية في السنوات الأخيرة، عندما خفف مواقفه العلمانية المتشددة، واقترب أكثر من الناخبين المحافظين والقوميين، وظهر ذلك واضحاً عندما قدم منصور يافاش مرشحاً لرئاسة بلدية أنقرة وهو الشخصية القومية المعروفة، وأكرم إمام أوغلو لبلدية إسطنبول وهو شخصية أبدت مواقف محافظة وظهر وهو يؤدي الصلاة ويقرأ القرآن. (القدس العربي)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: