فراس أبو هلال
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

مسجد آيا صوفيا والعرب.. وبائع “السميت”!!

فراس أبو هلال
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

شهد العالم العربي “معارك” لفظية طاحنة إثر قرار المحكمة الإدارية العليا التركية بإعادة اعتبار “أيا صوفيا” مسجدا تقام فيه الصلاة، بعد تحويله إلى متحف لعدة عقود، وتحول الحدث من شأن تركي إلى شأن عربي خالص، كغيره من الأحداث المهمة في تركيا.

وفي هذه السطور بعض الملاحظات عن النقاش العربي حول هذا الحدث:

لماذا يهتم العرب؟

ثمة عوامل كثيرة لهذا الاهتمام بل الصراع العربي حول قرارات وأحداث تركيا، أولها القرب الجغرافي بين العرب وتركيا وتأثر الطرفين بسياسات بعضهما الآخر، وثانيها حالة الاستقطاب الكبيرة عربيا تجاه تركيا، وثالثها وربما أهمها تحول تركيا والرئيس أردوغان تحديدا “لمثال” بالنسبة للكثيرين من العرب الذين لم يجدوا نموذجا عربيا يحقق طموحاتهم وآمالهم القومية والدينية، وهو الأمر الذي جعل تركيا تحظى باهتمام غير مسبوق عربيا، لدرجة أن أحداثها صارت تهم المتابع العربي أحيانا أكثر من شؤون بعض الدول العربية!

بين قرار تركيا وإجراءات إسبانيا واليونان

لعل نظرة متفحصة على مواقع السوشيال ميديا في العالم العربي كفيلة بإظهار التأييد الشعبي المرتفع لقرار تركيا. هذه النتيجة بالطبع ليست بحثا علميا أو دراسة إحصائية، ولكنها مجرد ملاحظة يمكن لأي متابع برأينا أن يقرأها.

وبالمقابل ظهرت بعض الأصوات المعارضة للقرار. جزء كبير منها لا يهمنا لأنه ينطق ويكتب وفق أجندة الأنظمة التي يعمل لصالحها أو يخشاها على الأقل، والتي تشهد علاقاتها توترا مع تركيا في كافة الساحات والملفات الإقليمية. ولكن من يهمنا هم أصحاب الرأي الذي ينطلق من قناعات أو تحليلات شخصية، ويرى في القرار خطأ يتعارض مع سماحة الإسلام وتعامله التاريخي مع دور العبادة في البلاد المفتوحة.

يمتلك هذا الرأي وجاهة ومعقولية في الطرح، ويستند لسوابق تاريخية مثل فتح بيت المقدس في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وبالتالي فمن حق من يؤمن بوجهة النظر هذه أن يطرحها دون اتهام أو تجريح لموقفه.

ولكن هناك مواقف أخرى تستحق الإدانة برأينا، وأهمها موقف الذين يهاجمون القرار ولكنهم بنفس الوقت لا ينبسون ببنت شفة تجاه ممارسات دول أوروبية تجاه المساجد في المدن التي شهدت صراعا تاريخيا، وخصوصا إسبانيا واليونان.

ولا نقصد هنا إدانة الحكومات الحالية في إسبانيا واليونان بسبب حدث تاريخي هم غير مسؤولين عنه كما يقول البعض، بل المقصود إدانة تعنت الدولتين في التعامل حاليا مع المساجد ومنعها تماما مثلا في اليونان (التي كانت صاحبة أكثر الأصوات المعارضة للقرار التركي)، ومظاهر التطرف في منع أي مظهر إسلامي في مدن إسبانيا التي كانت تحت حكم المسلمين إبان حقبة الأندلس.

الخلاصة في هذه النقطة: إذا كنت متسقا مع نفسك وترفض التلاعب بدور العبادة من جميع الأطراف فهذا رأيك الذي يستحق الاحترام، إما إذا كنت تنظر إلى القضية فقط من الجانب التركي، فأنت “مستشرق” بلهجة عربية!

آيا صوفيا وبائع “السميت”!

وبائع “السميت” هو ليس أردوغان الذي باعه صغيرا ليساعد أباه في تكاليف الحياة وأعلن اعتزازه بذلك أكثر من مرة، ولكنه أيّ بائع “للسميت” أو “الفلافل” أو “الآيسكريم”!

وأما علاقته بقضية آيا صوفيا فهي عبر ذلك السؤال “العبقري” عن دوافع أردوغان وحزبه السياسية من هذا القرار، والقول إنه قرار لتحقيق أهداف سياسية وانتخابية، وهي تهمة تشبه تماما اتهام بائع “السميت” بأنه يبيع “سميتا”! وكأن المفروض بالسياسي أن لا يمتلك دوافع سياسية وانتخابية لاتخاذ قراراته!

إن دور السياسي هو أن يمارس السياسة، وليس الأيدولوجيا، وإن وراء كل قرار من قراراته مصلحة سياسية لشخصه ولحزبه ولبلده، والغريب هنا ليس وجود دوافع مصلحية لأردوغان من اتخاذ مثل هذا القرار، بل الغريب هو التساؤل عن وجود أهداف سياسية وكأنه اكتشاف عبقري!

من المؤكد أن هناك دوافع أيدولوجية ودينية، ولكنها تبقى في الخلفية وراء الأهداف السياسية التي تدفع أي سياسي لاتخاذ قراراته.

شعب المحللين الاستراتيجيين!

يستغرب المحللون الاستراتيجيون – وما أكثرهم!- من الفرحة العفوية لغالبية عربية ومسلمة من قرار تركيا، ويتهمونهم بأنهم لا يأخذون بعين الاعتبار التداعيات المحتملة، والمخالفة التاريخية لسوابق إسلامية، والتناقض مع سماحة الإسلام، إلخ.. إلخ.

والحقيقة أن هذه الاعتبارات صحيحة ومهمة، ولا بد أن يحسبها السياسيون عند اتخاذهم قراراتهم، ولكن مشكلة “المحللين الاستراتيجيين” أنهم يريدون كل مواطن عربي أن يتصرف وكأنه “وزير نوايا حسنة” أو “وحدة تقدير موقف” في مركز تفكير عالمي، قبل أن يفرح!

هذا المواطن العربي المسحوق والمهان في بلده وفي العالم، والذي يبحث عن موقف يشعره بأن لديه قيادات تتحدى وتتخذ قرارات “شعبية” أو حتى “شعبوية” لن يحلل الاعتبارات الاستراتيجية قبل أن يفرح فرحا فطريا، ولن يفكر بردة الفعل الغربية حتى لو كان يفهمها أكثر من كل المحللين الاستراتيجيين قبل أن يبتهج للحظة يرى فيه بقلبه على الأقل أنها لحظة “عزة”، فارحموا بحث شعوبنا اليائسة عن لحظة انتصار!

وخلافا لما يعتقد “المحللون الاستراتيجيون”، يمكن القول أن غالبية الشعوب تعرف أن القرار فيه السياسي والديني، ونعتقد أنه لو أجري استطلاع لوجدنا أن تأييد الغالبية للقرار تنطلق من أبعاد سياسية أكثر منها دينية، لأنها وجدت دولة مسلمة تتخذ قرارا سياديا يخالف رغبة الغرب، وهذا بالضبط ما يريده الناس، يريدون من يقول لا، فقد سئموا كلمة “نعم”!

(عربي21)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts