مصر و”حماس”.. دواعي التقارب ومآلاته

مصر و”حماس”.. دواعي التقارب ومآلاته

– المحلل طلال عوكل: ثمة تطور في العلاقات بين حركة “حماس” ومصر
– الأكاديمي بلال الشوبكي: التحرك “مدفوع” بأهداف مصرية وأخرى إقليمية وتحفيز دولي
– المحلل السياسي عصمت منصور: هناك تقاطع مصالح لكافة الأطراف
– الصحفي والمراقب، محمد دراغمة: الجهود لاحتواء الصراع وليس “حماس”

منذ وضعت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أوزارها، تنشط القاهرة لإنجاز عدة ملفات، أبرزها تثبيت وقف إطلاق النار، والوصول إلى هدنة طويلة الأمد بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة.

وبدا الاهتمام المصري واضحًا من خلال الوساطة المبكرة لوقف إطلاق النار، وإعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي، الشهر الماضي، عن منحة قدرها 500 مليون دولار لإعادة إعمار غزة؛ وإيفاده مدير المخابرات العامة عباس كامل إلى القطاع وإسرائيل ورام الله.

وفي 13 أبريل/ نيسان الماضي، تفجرت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية؛ جراء اعتداءات “وحشية” إسرائيلية بالمسجد الأقصى وحي “الشيخ جراح” بمدينة القدس المحتلة في محاولة لإخلاء 12 منزلا فلسطينيا وتسليمها لمستوطنين.

ولاحقا، امتد التصعيد إلى الضفة الغربية المحتلة، وتحول إلى مواجهة عسكرية في قطاع غزة استمرت 11 يومًا وانتهت بوقف لإطلاق النار بوساطة مصرية، بدأ فجر 21 مايو/أيار المنصرم، بين إسرائيل وفصائل المقاومة في غزة.

وإجمالا، أسفر العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية عن 289 شهيدا، بينهم 69 طفلا و40 سيدة و17 مسنا، بجانب أكثر من 8900 مصاب، بينهم 90 إصابتهم “شديدة الخطورة”.

وفي المقابل قتل 13 إسرائيليا وأصيب مئات آخرون؛ جراء رد الفصائل في غزة على العدوان بإطلاق صواريخ على المستوطنات والمدن والبلدات الإسرائيلية.

ومنذ وقف إطلاق النار تشهد المنطقة حراكا سياسيا نشطا، ضمن مساعي الولايات المتحدة الأمريكية ووسطاء إقليميين لتثبيت وقف لإطلاق النار.

ويذهب متابعون وخبراء – تحدثوا لوكالة الأناضول – إلى أن المطلوب حاليًا احتواء حركة “حماس” وأن القاهرة تقوم بهذا الدور، ويرى آخرون أن مصر بوساطتها هذه تحاول العودة إلى المشهد الإقليمي، ويعتقد فريق ثالث أن الحراك المصري يعكس تقدما كبيرا في العلاقة مع حركة “حماس”.

** تقدم علاقة “حماس” بالقاهرة

ولا يستبعد الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني طلال عوكل، محاولة الإدارة الأمريكية احتواء وتطويع حركة “حماس”، لكنه يستبعد أن تنجح في ذلك.

ويقول بهذا الخصوص: “سياسة الاحتواء واردة، لكن من غير المضمون أن تصل إلى المستوى الذي تريده الولايات المتحدة”.

ويضيف: “حماس وافقت مبدئيا على دولة فلسطينية ضمن حدود الأراضي المحتلة عام 1967، لكنها لم ولن تقبل بشروط اللجنة الرباعية (تضم واشنطن وموسكو والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة)”.

ويتساءل مستنكرًا: “حتى لو قبلت حماس بتلك الشروط ورفعت يدها (استسلمت)، ماذا أبقت إسرائيل من حل الدولتين؟ لن تسمح إسرائيل بقيام دولة فلسطينية”.

وتشترط اللجنة الرباعية على حماس “نبذ العنف، والاعتراف بدولة إسرائيل، وقبول الاتفاقات السابقة”، مقابل رفع اسمها من قوائم الإرهاب والقبول بها في النظام السياسي الفلسطيني.

ويشير عوكل إلى أن خلاصة ما يجري هو “تعاون واحتواء أزمة”، مضيفا أن “الولايات المتحدة لن تفرض على إسرائيل تطبيق حل الدولتين، والأخيرة لن تُحدث تحولا في سياساتها”.

ويرى عوكل، أن زيارة الوفود المصرية إلى قطاع غزة، تعكس تقدما كبيرا في العلاقة مع حركة “حماس”، واعتبر أن العلاقة جيدة “إلى حد كبير، وفيها قدر من الاستقرار والدعم من مصر للقطاع”.

** تحجيم “حماس”

من جانبه، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل، بلال الشوبكي، أن التحرك المصري في قطاع غزة “مدفوع” بأهداف مصرية وأخرى إقليمية وتحفيز دولي.

ويقول: “هذا التحرك يهدف لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وإسعاف إسرائيل التي منيت بهزيمة خلال الحرب الأخيرة”، مستبعدا قدرة الإدارة الأمريكية ومصر على احتواء حركة “حماس”.

ويضيف: “دوما سعت الولايات المتحدة لتحجيم حركة حماس، والدور المصري في طياته تحجيم للحركة عبر ربط ملف الإعمار بالحكومة الفلسطينية (في رام الله)، لكن من غير الممكن تطويعها واحتوائها”.

ويرى المحاضر الفلسطيني أن “الزيارات المكوكية لشخصيات سياسية إلى رام الله ليست لتعزيز مسار التسوية، بل للتأكيد أن السلطة الفلسطينية والحكومة هما الجهة المسؤولة عن ملف إعادة الإعمار، وأن التعاون والتعاطي مع حركة حماس هو أمر طارئ ومع تثبيت التهدئة ينتهي”.

ويقول: “مصر شعرت أنها انتقلت (في السنوات الأخيرة) من دولة ذات نفوذ سياسي، إلى دولة هامشية في المنطقة لصالح أبو ظبي، والرياض”.

وعليه يضيف: “الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يدرك أنه بحاجة إلى قوة إسناد إقليمية، فاستثمر العدوان الإسرائيلي للعب دور مهم في أهم القضايا العربية”، وفق تعبيره.

** احتواء الصراع وليس “حماس”

أما الصحفي والمراقب الفلسطيني، محمد دراغمة، فيقول إن ثمة جهود للولايات المتحدة عبر مصر في قطاع غزة “تهدف لاحتواء الصراع وعدم انفجاره”، بعد العدوان الإسرائيلي الأخير.

ويقول إن “الولايات المتحدة غير قادرة على إنهاء الصراع، لذلك تلعب دورا في احتوائه، لا احتواء حركة حماس”.

وترفض الولايات المتحدة فتح أي قنوات حوار مباشرة مع حركة “حماس”، الأمر الذي يدفعها لاستثمار الدور المصري، بحسب “دراغمة”.

ويضيف: “الإدارة الأمريكية تضع شروطا لاحتواء حماس، ترفضها الأخيرة، تتمثل بالاعتراف بشروط اللجنة الرباعية الدولية”.

** تقاطع مصالح

أما المحلل السياسي، عصمت منصور، فيرى أن التحرك المصري الواسع والسريع بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة “مدفوع أمريكيا”.

ويشير منصور إلى الاتصالات التي أجرتها الإدارة الأمريكية مع النظام المصري خلال العدوان الإسرائيلي.

ويقول: “هناك تقاطع مصالح للعديد من الأطراف في التحرك المصري في قطاع غزة، أولها: مصلحة مصرية وذلك بلعب دور كبير ومهم في أهم القضايا العربية، وإعادة دورها المحوري كوسيط بين الطرفين”.

أما ثانيا، يضيف منصور: “هناك مصلحة لحركة حماس في تحسين الأوضاع المعيشية في قطاع غزة، وفتح معبر رفح، وتخفيف الحصار المفروض على قطاع غزة، وإعادة الإعمار”.

ويتابع: “إسرائيل وعبر الولايات المتحدة ومصر وحتى عبر السلطة الفلسطينية، تسعى لاحتواء حماس، وتسكين الأزمة، وحتى الوصول إلى صفقة تبادل أسرى”.

ويضيف: “من الواضح أن المواجهة فرضت الملف الفلسطيني بقوة على الأجندة الدولية، وخاصة على طاولة الإدارة الأمريكية، وما يجري هو احتواء للأزمة”.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: