معاناة جديدة للمعتقلين بسجون مصر مع اشتداد حرارة الصيف

معاناة جديدة للمعتقلين بسجون مصر مع اشتداد حرارة الصيف

مع ارتفاع درجات الحرارة في مصر إلى مستويات مرتفعة؛ تضيق الأجساد بما عليها في محاولة للتخلص من تأثيرها إما بتشغيل المراوح أو مبردات الهواء أو الانطلاق نحو ضفاف النيل أو شواطئ البحرين الأحمر والمتوسط.

إلا أن الأمر ليس كذلك بالنسبة إلى آلاف المعتقلين المكدسين في عشرات السجون وذويهم، بعضها في مناطق صحراوية نائية أو مكشوفة لأشعة الشمس ولهيب حرارتها دون مراعاة المعايير الدنيا في توفير وسائل تهوية وتبريد بما يكفي، لترتفع معاناة هؤلاء إلى أقصى درجة تصل للاختناق.

وكشفت هيئة الأرصاد الجوية المصرية أن هذا الصيف هو الأسخن منذ خمس سنوات الأخيرة، وفق التقارير الصادرة عن الهيئة وأيضا المنظمة العالمية للأرصاد؛ إذ سجلت درجات الحرارة ما بين ثلاث وأربع درجات مئوية، أعلى من المعدلات الطبيعية.

جاءت هذه التقديرات بناء على الدراسة المناخية الناتجة عن قاعدة البيانات المسجلة من المحطات التابعة للهيئة العامة للأرصاد الجوية في مختلف محافظات جمهورية مصر العربية خلال النصف الأول من فصل الصيف مع توقعات بزيادة الرطوبة والإحساس المضاعف بالحرارة.

واشتكى والد معتقلين اثنين في السجون المصرية الحاج صلاح مدني من صعوبة الاتصال بهما ووجودهما في سجون بعيدة (تغريب)، وقال: “لا توجد وسيلة اتصال بمحمد، والزيارات مشددة ومعقدة، وأوضاع المعتقلين لا تغيب عن أحد، لكن مع ارتفاع درجات الحرارة فإن المعاناة مضاعفة”.

وأكد أن “ما يجري أكثر بكثير مما يطاق، هم يموتون كل يوم، تموت أحلامهم في الزواج، وفي التعليم وفي العمل وفي رعاية أسرهم، إلى جانب حرمانهم من أبسط حقوقهم داخل السجون”.

ووصف مدني ما يتعرض له البعض داخل السجون بأنه “غير محتمل”، قائلا: “رغم أحكام السجن القاسية، وأوضاع السجون المزرية، ودرجات الحرارة المرتفعة، والزنازين الضيقة، وعدم وجود أدوات أو وسائل للتخفيف من قسوة الحرارة، قامت السلطات بتغريبهم (إبعادهم)”.

معاناة أهالي المعتقلين

وينضم إلى معاناة المعتقلين ذويهم من النساء والأطفال وكبار السن إذ تتحول رحلة زيارة بعضهم إلى قطعة من قطع العذاب في هذا المناخ الشديد الحرارة؛ بسبب بعد المسافة ومشقة السفر وتشديد الإجراءات سواء قبل أو أثناء الزيارة أو حتى بعدها، بحسب زوج المعتقل (م. ص).

وكشفت زوجة المعتقل أن زوجها “تم تغريبه إلى سجن الوادي الجديد، وتستغرق الرحلة من محافظة الإسكندرية إلى هناك على البحر الأحمر ما بين 12- 14 ساعة ذهابا ومثلها إيابا، وفي آخر مرة قمت بها بتلك الرحلة المضنية لم يسمح لي بلقاء زوجي وتركوني في قهري ودموعي”.

وأكدت أن “حجم المعاناة داخل الزنازين كبير وفظيع خاصة في أيام الحر الشديد في فصل الصيف وأيام البرد القاسي في الشتاء، لا يسمحون لنا بالحديث وسط الضجيج والأسوار والأسلاك، ولا بتسليم جميع المتعلقات التي بحوزتنا”.

تجارب شخصية من حرارة السجون

وبشأن تجربته داخل السجون المصرية، قال الناشط الحقوقي والسياسي، عبد الرحمن عاطف، إن “موجات الحر البسيطة قد تكون قاتلة أحيانا في سجون النظام لعدة أسباب مررت بها سواء في أقسام الشرطة أو في السجون”.

وعدد تلك الأسباب بالقول: “العدد- تواجد أعداد كبيرة داخل مقر الاحتجاز بما يفوق أضعاف العدد المسموح به. التهوية- عدم وجود منافذ للتهوية مقر الاحتجاز بما يخالف قانون حقوق الإنسان، ولوائح السجون ذاتها. التبريد- عدم وجود أجهزة تساعد على التخفيف من درجة الحرارة. نقص المياه- لا توجد مياه باردة للتخفيف من شدة الحر”.

واستدرك: “شهدت حالات إغماء وتعب بقسم شرطة البدرشين عام 2015 تكدس المعتقلين السياسيين في غرفة احتجاز سعتها 10 أفراد يتم وضع 40- 50 فردا فيها ما يؤدي إلى حالات اختناق وضيق تنفس وتعرق شديد، وفي بعض الحالات تكون سببا رئيسيا لوقوع أمراض مسببة للوفاة”.

أزمة تهوية واختناق وهواء ملوث

مركز بلادي للحقوق والحريات كان قد رصد في تقرير له تحت عنوان “الهواء العطن: أزمة التكدس والتهوية في أماكن الاحتجاز في مصر”، ذكر فيه أن المساجين في مصر يعانون من أزمة تهوية شديدة في أماكن الاحتجاز؛ حيث تسبب اكتظاظ السجون بحرمانهم من الموارد والاحتياجات الأساسية وسبل التهوية السليمة، ما أنتج صعوبات تنفس وأمراض مزمنة لأغلبية النزلاء.

وتابع: “تعد أماكن الاحتجاز الأولية، مثل أقسام الشرطة وإيراد السجن ومباني أمن الدولة، هي الأسوأ من حيث حدة التكدس وانعدام التهوية. حيث لم تصمم تلك الأماكن إقامات مطوّلة ولا تحتوي على قنوات للتنفس أو مساحات مفتوحة للتريض الدوري”.

واتجهت الدولة المصرية، بحسب التقرير، لبناء السجون من الخرسانة المسلحة بداية من التسعينيات. كلها بمنافذ ضيقة، وبعضها بلا نوافذ على الإطلاق. وقامت بحفر بعض الزنازين تحت الأرض، كمقابر بشرية معزولة بالكامل.

وأشار إلى أن النزلاء في هذه السجون يحرمون من استنشاق هواء خال من آثار الرطوبة ورائحة الصرف الصحي، وتكون أماكن الاحتجاز فيها مليئة بالحشرات وبلا أي فرص لتجدد الهواء، مثل سجون العقرب وأبو زعبل ودمو والكيلو عشرة ونص.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: