محمد أبو رمان
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

هل سيتنفس الإسلاميون الصعداء؟

محمد أبو رمان
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

في مقالة مهمة تعود إلى ما يقارب عقدين، أطّر الباحث الأميركي، روبرت ساتلوف (حالياً المدير التنفيذي لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى) رؤية الإدارات الأميركية لحركات الإسلام السياسي ضمن منظور المصالح الأميركية بدرجة كبيرة، بوصفها (المصالح) هي المعيار الرئيس في تحديد الموقف من الإسلاميين إيجاباً أو سلباً، في هذه الدولة أو تلك. وضمن هذا المنظور نفسه، تغلّب، غالباً، من يسمّون الصقور أو التيار المتشدّد في الأوساط الأميركية على رؤية التيار التوافقي أو المعتدل، فرجّح منظور المصالح كفّة التحالف مع الأنظمة في مواجهة القوى الإسلامية الصاعدة (بخاصة منذ الثمانينيات في القرن الماضي)، ما أثّر على الموقف من العملية الديمقراطية نفسها، فكان “البعبع الإسلامي” بمثابة الفزّاعة، لتكريس ما وصفها خبراء أميركيون بـ”الصفقة التاريخية” بين الولايات المتحدة والأنظمة الاستبدادية في المنطقة.

بدأت هذه العقيدة تتخلخل مع أحداث “11 سبتمبر” في العام 2001، عندما صعدت مراجعاتٌ نقديةٌ جديّةٌ في أوساط مراكز البحث والتفكير في واشنطن، تحمّل تلك الصفقة المسؤولية عن نمو حالة الغضب ضد الولايات المتحدة الأميركية داخل المجتمعات العربية والمسلمة، ما ولّد نظرياتٍ جديدة من بينها مبادرة كولن باول (وزير الخارجية الأميركي الأسبق) لنشر الديمقراطية في العالم العربي، وكانت ترجمة ذلك عملياً، في عهد المحافظين الجدد، من خلال احتلال العراق، بدعوى نشر الديمقراطية، وهو المشروع الذي أُزهق في مكانه، ما أدّى إلى ركودٍ كبير في هذه المدرسة الجديدة.

مع بداية الربيع العربي 2011، وهبوب رياح التغيير على المنطقة، استيقظت مرّة أخرى الدعوات التي تطالب بدعم التغيير، والتخلص من فوبيا البديل الإسلامي. وتخلت إدارة الرئيس باراك أوباما عن حلفاء عرب، وتواطأت مع قطار التغيير، مع بروز نقاشاتٍ معمّقةٍ في الأوساط الأميركية بشأن العلاقة مع الإسلاميين. وقد استضافت العاصمة واشنطن مؤتمراً غير مسبوق حينها للحركات الإسلامية في 2012، بدعوةٍ من مؤسّسة كارنيغي للسلام، وتخلّل المؤتمر حوار في الخارجية الأميركية مع قيادات إسلامية، ما كان يؤشّر إلى منعطفٍ جديدٍ في العلاقة بين الطرفين.

وقعت حادثة مقتل السفير الأميركي في ليبيا في سبتمبر/ أيلول 2012، ما شكّل صدمةً في الأوساط الأميركية، وعزّز مرة أخرى من موقف التيار المتشدد، ثم جاءت الثورة المضادّة عربياً في اليوم التالي، وتردّدت إدارة الرئيس أوباما تجاه ملفات المنطقةـ لتجمّد الانفتاح، وتثير الشكوك مرّة أخرى في أجندة التيار الإسلامي، وبمآل التغيير الذي يحدث على المصالح الأميركية.

مع مجيء إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب (2016)، تعرّضت المدرسة التوافقية في الأوساط الأميركية لانتكاسة كبيرة، وأعاد الرئيس ترامب تجديد العلاقة مع الأنظمة العربية، بل ومضى خطواتٍ أبعد نحو شيطنة الإسلام السياسي وإقصائه، وتحالف مع المدرسة المتشدّدة التي تعتبر الإسلاميين عموماً راديكاليين، وجسراً إلى الإرهاب، يتوافقون في الأهداف، وإن اختلفوا في الأساليب، لا فرق بين سعد الدين العثماني (رئيس الوزراء المغربي الحالي وقيادي حزب العدالة والتنمية الإسلامي) وأبي بكر البغدادي زعيم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

أعوام كبيسة مرّت على التيارات الإسلامية، وانعكست أيضاً على المسار الديمقراطي الذي تعطّل في العالم العربي، باستعادة الفزّاعة التقليدية نفسها: البديل الإسلامي. الآن، ومع عودة الديمقراطيين إلى البيت الأبيض، وفترة الرئيس المنتخب الجديد، جوزيف بايدن، سيعود السؤال إلى أن يطرح عن العلاقة مع الإسلاميين، بخاصة السياسيين الذين ينخرطون في اللعبة السياسية، فيما إذا كانت معادلة ترامب ستبقى قائمة، أم هنالك مقاربة جديدة ستخفف من الضغوط الإقليمية والمحلية التي يتعرّض لها الإسلاميون السياسيون؟

لا توجد نظرية جاهزة لدى الإدارة الأميركية، لكن أغلب الظن أنّ هنالك محدّدات جديدة مختلفة ستتصاعد مع الإدارة الجديدة، ستتوقف معها الأجندة الأميركية المندفعة ضد التيار الإسلامي عموماً، وضد الموقف الحادّ منه، لكن الأجندة الإقليمية والمحلية في دولٍ كثيرة ستبقى قائمة، ما يولّد تساؤلاً آخر: إلى أي مدىً ستذهب الإدارة الأميركية الجديدة للحدّ من هذه الأجندة الإقليمية وفرملتها، وهي التي كان الرئيس ترامب يسايرها، وكان يتجه نحو وضع جماعة الإخوان المسلمين في العالم على قائمة الإرهاب؟

صحيحٌ أن تغييراً جذرياً لا يتوقع أن يحدث على الموقف الأميركي، لكن القبضة الحديدية التي أحاطت بالإسلاميين في الأعوام الماضية ستتراجع، وسيجدون مجالاً لالتقاط الأنفاس والتفكير في التعامل مع البيئة السياسية الدولية الجديدة.

(العربي الجديد)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts