وسط تكرار الحالات.. الأخطاء الطبية تؤكد ضرورة “هيكلة القطاع الصحي”

وسط تكرار الحالات.. الأخطاء الطبية تؤكد ضرورة “هيكلة القطاع الصحي”

البوصلة – ليث النمرات

فتح وفاة الطفلة لين أبو حطب مجددا ملف الأخطاء الطبية الذي لا يزال يتكرر بين وقت وآخر في المستشفيات الخاصة والحكومية، فرغم وعود الحكومات المتعاقبة على إيلاء القطاع الصحي الاهتمام اللازم بما يحفظ صحة المواطن الأردني إلا أن الأخطاء التي تقع تشير إلى وجود خلل في التعامل مع الملف الصحي برمته.

وشكل وفاة الطفلة لين أبو حطب صدمة في الشارع الأردني، خصوصا وأن حالتها الصحية، من الحالات البسيطة والتي كان يجب تشخصيها من أول زيارة بحكم التعامل مع آلاف الحالات المرضية المشابهة.

هذه الأخطاء، أثارت غضبا واحتقانا واسعا في الشارع الأردني، فيما أثار مخاوف حقيقية للمواطنين بالتوجه للعلاج في المستشفيات الحكومية، التي تشهد ازدحاما كبيرا، على مدار الأسبوع.

وزراء كورونا

منذ بداية أزمة جائحة كورونا، أثيرت تساؤلات حول طبيعة تعامل القطاع الصحي مع الحالات المرضية من الفئات التي تعاني أمراضا مزمنة أو ممن هم غير مصابين بفيروس كورونا، وبدا اهتمام الحكومة ووزارة الصحة تحديدا مُنصبا لمتابعة تداعيات انتشار الفيروس والتعامل معه، الأمر الذي انعكس سلبا على المرضى بشكل عام.

الأزمة الحقيقة والتحدي الواضح كان للدولة بداية الجائحة، هو الحفاظ على القطاع الصحي متماسكا وعدم انهياره كما جرى في عدة دولة، ونجحت الدولة في ذلك، من خلال إقامة المستشفيات الميدانية وزيادة فرق التقصي الوبائي والفرق العاملة في رصد ومتابعة الحالات المصابة بفيروس كورونا.

لكن ثبات القطاع الطبي، كما يرى مراقبون سبب أرهاقا للقطاع الصحي الذي كان يسابق الزمن لكبح جماح الفيروس الذي انتشر كالنار في الهشيم ووصل في بعض الأيام إلى تسجيل أكثر من 10 آلاف إصابة، مما كان يتطلب التعامل مع مئات المرضى الذين يدخلون الى المستشفيات.

ويبقى النجاح الكامل للقطاع الصحي، في كيفية الموازنة بين تقديم الخدمات الصحية لمرضى كورونا ولغير مرضى كورونا، الذي يبدو أنه غاب في فترات معينة بزمن “الجائحة”، إذ كان يجب وضع خطة محكمة للتعامل الأمثل مع الحالة الطارئة.

مشكلة قبل الجائحة

لا تبدو مسألة الأخطاء الطبية وليدة عام أو عامين، فهي مشكلة قديمة وعادة ما كانت تثير الجدل لدى وقوع بعض الحالات، فقبل نحو عامين عقد النائب السابق منصور مراد مؤتمرا صحفيا في مجلس النواب، استعرض من خلاله عشرات الحالات التي وقع عليها أخطاء طبية، سببت لدى البعض اعاقات دائمة، والبعض الآخر فقد حياته.

ولطالما كانت وسائل الإعلام تنقل معاناة أهالي مرضى تعرضوا لأخطاء طبية قاتلة، تقع في المستشفيات الحكومية والخاصة، فيما ينتهي الأمر في “لجنة تحقيق” دون اتخاذ اجراءات عملية تمنع تكرر مثل هذه الحالات.

أزمة إدارة

يؤكد عاملون في القطاع الصحي بأن السبب الأهم في وقوع الأخطاء الطبية هو الخلل في المنظومة الإدارية، حيث يمتلك القطاع من أطباء الاختصاص وغيرهم الكثير، وتخرج الجامعات الأردنية الآلاف سنويا من كليات الطب والتمريض والصيدلة.

لكن وجود هذه الكفاءات بحاجة إلى تأهيل كامل قبل التعامل مع الحالات المرضية، إضافة إلى العمل ضمن مسار واضح ومحدد بحيث يدرك كل شخص المسؤولية الملقاة على عاتقه دون أي تجاوزات، وهو أمر تم تطبيقه في مركز الحسين للسرطان ونجح بالفعل.

أزمة مركبة

لطالما يخرج مسؤولن في القطاع الصحي بتصرحات يحملون الحكومات المتعاقبة من خلالها مسؤولية حالة الترهل التي وصل إليها القطاع، إذ يلقي المسؤول اللوم على الحكومة بعدم رفد المستشفيات بالكوادر العاملة وعدم وجود المعدات الطبية الكافية للتعامل مع الحالات المرضية.

هي إذن، عملية تبادل للإتهامات في ظل وجود حالات مرضية تموت بسبب الإهمال وسوء تقديم الرعاية الطبية.

ويطالب المواطن الأردني اليوم بضرورة توفير الرعاية الصحية التي تضمن له ولأبنائه وبناته تقديم خدمة صحية ملائمة بعيدا عن الأهواء والمزاجية في التعامل مع الحالات.

ولعل وزارة الصحة تدرك تماما أهمية إعادة تأهيل وهيكلة للقطاع الصحي لمنع وقوع حالات وفاة بسبب سوء تشخيص الزائدة الدودية والتي هي من أبجديات الطب في زمننا الحاضر، وعدم القدرة على تشخيص مثل هذه الحالات، سيدفع إلى عدم الثقة في القطاع الصحي، الذي يجب أن نحافظ عليه، باعتباره ركنا أساسية وعاملا من عوامل قوة الدولة الأردنية.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: