أزمة كورونا.. كيف يستغلها الاحتلال لتشديد إجراءاته في الأقصى؟

أزمة كورونا.. كيف يستغلها الاحتلال لتشديد إجراءاته في الأقصى؟

البوصلة – سيرا على الأقدام، يواظب المسن المقدسي عبد اللطيف سيّد على التوجه إلى المسجد الأقصى المبارك يوميا من منزله بحي رأس العامود في القدس، غير آبه بالقرارات الرسمية بإغلاق المساجد كإجراء وقائي خوفا من تفشي فيروس كورونا.

ومتسلحا بالآية القرآنية “قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون”، وبإيمانه العميق بضرورة إعمار مصليات الأقصى وساحاته، يمضي عبد اللطيف إلى المكان الذي ألف وجوده به منذ أربعة عقود. وحول ذلك قال للجزيرة نت إنه يجب عدم التخلي عن الأقصى وإخلائه من المسلمين، لأن ذلك قد يكون سببا في اقتحام المتطرفين له والعبث بقداسته في ظل غياب المصلين.

وعن خطوة شرطة الاحتلال التي أقدمت عليها الأحد بإغلاق بعض أبواب الأقصى أمام المصلين، قال “لو بقي باب واحد لدخول المصلين فعليهم التوجه إليه لأداء الصلاة داخل المسجد، ومن يذهب إلى هذا المكان بنية الصلاة فيه لا يُعجزه محاولة الدخول من كل الأبواب”.

كما أشاد المسن المقدسي بالوعي العالي لدى المصلين الذين أخذوا احتياطاتهم مؤخرا بجلب سجادات الصلاة من منازلهم والمعقمات، مشيرا إلى اللفتات التطوعية التي برزت في المسجد أيضا من توزيع للقفازات وتعقيم أيدي المصلين في المصليات والساحات، بالإضافة إلى دور دائرة الأوقاف الإسلامية في تعقيم المصليات المسقوفة.


شد الرحال للأقصى فقط
“صلّوا في رحالكم” عبارة صدحت بها مآذن المساجد في كافة محافظات الضفة الغربية بُعيد صدور قرار من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية بإغلاق المساجد لاحتواء انتشار فيروس كورونا. ورغم صدور القرار ذاته عن وزارة الأوقاف الأردنية التي يتبع المسجد الأقصى لسيادتها، فقد قررت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس إبقاءه مفتوحا أمام المصلين لأداء الصلوات في الساحات، بعد إغلاقها للمصليات المسقوفة صباح الأحد.

وأعلنت الدائرة أنه سيتم الاكتفاء بالصلاة خلف الإمام في صفوف متفرقة ومتباعدة داخل الساحات تماشيا مع قرار إغلاق المساجد في فلسطين والأردن، ومراعاة لإدامة الصلاة في الأقصى، وحفاظا على صحة المصلين.

وقال ناجح بكيرات نائب المدير العام لأوقاف القدس إن خطوة إغلاق المصليات المسقوفة جاءت حفاظا على سلامة المصلين، مضيفا أن مساحة الأقصى تبلغ 144 دونما يجب إعمارها والصلاة، في الساحات لا تقل قداسة عن الصلاة في المصليات المغلقة.

وفي تعليقه على إغلاق شرطة الاحتلال بعض أبواب الأقصى، قال بكيرات إنها تحاول استغلال موضوع الفيروس من أجل تشديد إجراءاتها على الأقصى والمصلين.

وأضاف “الأجدر بها أن تترك الأبواب مفتوحة للمسلمين الذي يتخذون أقصى درجات الحيطة والحذر للحفاظ على مسجدهم وأنفسهم من انتشار الوباء، وإغلاق باب المغاربة في وجه المتطرفين والسياح للحفاظ على المكان.. نحن طالبنا كأوقاف بذلك، لكن الشرطة لا تلتفت إلى مطالبنا”.

المطالب بإغلاق باب المغاربة في وجه السياح والمتطرفين لم تقتصر على الأوقاف، وامتدت لتشمل دعوات المصلين لإغلاق الباب وللاستمرار في شد الرحال إلى المسجد الأقصى، وفي رحلة الفجر العظيم في رحابه، وعدم الدخول في دائرة الهلع بسبب الفيروس الجديد.

استغلال أزمة الوباء
ومنذ بدء أزمة انتشار وباء كورونا في فلسطين، تحاول إسرائيل استخدامها بأشكال متعددة ضد الأقصى، ففي منتصف فبراير/شباط الماضي دعت جماعات الهيكل إلى حظر صلاة الفجر العظيم باعتبارها سببا في انتشار الوباء. ومع إعلان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو منع التجمهر لأكثر من 100 شخص، كانت هناك دعوات لتطبيق القرار على صلوات المسلمين في الأقصى.

كما دعا وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد أردان مجلس الأمن القومي إلى منع فلسطينيي الضفة الغربية من دخول الأقصى حتى لا ينقلوا الفيروس، بعد اكتشاف الحالات الأولى في بيت لحم.

وحاولت الشرطة الإسرائيلية منذ ساعات الفجر استغلال إعلان الحكومة لإجراءات إضافية لمكافحة الوباء، وإعلان الحكومة الأردنية إغلاق دور العبادة في الأردن لمنع تفشيه، لتترجم تلك الإجراءات على الأرض بمحاولة إغلاق سبعة من أبواب الأقصى وإبقاء ثلاثة فقط مفتوحة.

جاء ذلك بعد ساعات من دعوات لجماعات الهيكل إلى أداء صلوات تلمودية في المسجد لمحاربة فيروس كورونا.

حراس الأقصى كانوا متيقظين مسبقا لمحاولة إغلاق الأبواب، حسب الباحث في شؤون القدس زياد ابحيص، فتوجهوا إلى الأبواب المغلقة واعتصموا مطالبين بفتحها فورا. وأمام هذا التجمع وخشية الاحتلال الدائمة من أي نواة تؤسس لحراك شعبي في الأقصى، استجابت الشرطة لشروط الحراس وأعادت فتح جميع الأبواب.

وقال ابحيص “هذا يعيدنا إلى الحقيقة المركزية المستجدة أن تهويد المسجد الأقصى المبارك وتقسيمه بات في قلب أهداف حكومة الاحتلال منذ وصول جماعات الهيكل إلى مستوى النفوذ الحكومي عام 2013 برعاية ودعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو”.

وشدد على ضرورة عدم التعامل مع المسجد الأقصى كأي مسجد في عاصمة عربية يمكن إصدار الفتوى والقرار فيه والعين على منع تفشي الوباء فقط، لأن في الأقصى صراعا آخر أطول وأكثر أهمية مع احتلال إحلالي يتطلع إلى أي سانحة لتهويده وتقسيمه، ولا يمكن أمام ذلك إخلاء الأقصى لحماية المصلين بينما يجول فيه المقتحمون والسياح الأجانب تحت إشراف شرطة الاحتلال.

وختم ابحيص بالقول “إننا أمام تحد كبير لا يمكن فيه السماح بأن يتحول الأقصى إلى بؤرة عدوى، ولا يمكن في الوقت ذاته السماح بأن يترك الأقصى لتستفرد به الشرطة والمقتحمون.. والوعي والإرادة قادران على مغالبة التحديين معا، وهذا ما حققه المقدسيون في أكثر من محطة سابقا”.الجزيرة نت

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: