أكاديمي مغربي: التعليم بجامعة “القرويين” مستمر منذ قرون

أكاديمي مغربي: التعليم بجامعة “القرويين” مستمر منذ قرون


إدريس الفاسي الفهري، نائب رئيس جامعة “القرويين” المغربية، للأناضول:

– “القرويين” هي أقدم جامعة بالعالم تمنح الشهادات التعليمية، وفق موسوعة “غينيس” و”اليونيسكو”.
– فاطمة ومريم الفهرية بنتا جامعي القرويين والأندلس بمدينة فاس (شمال) من مالهما الخاص.
– الرخاء المادي والأمان في فاس شجع على توافد العلماء إلى المدينة.
– يجب عدم الاستغراب أن امرأة كانت وراء بناء أقدم جامعة في العالم لأن ذلك يوجد في حضارتنا.

قال إدريس الفاسي الفهري، نائب رئيس جامعة “القرويين”، شمالي المغرب، والتي تعد الأقدم بالعالم، إنها لم تتوقف منذ تأسيسها أول مرة عن تقديم التعليم ومنح الشهادات.

وأضاف الفهري، في مقابلة مع الأناضول، أن القرويين هي الجامعة الأقدم التي تمنح الشهادات التعليمية بشكل متواصل، بحسب موسوعة “غينيس” للأرقام القياسية، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو).

واعتبر أن “تاريخ جامع القرويين (جامع وجامعة بنفس الوقت) مرتبط بتاريخ مدينة فاس (شمال)، ولو أنه لم يتأسس (تأسس عام 859 م) في نفس وقت تأسيس المدينة (789م على يد الأدارسة)”.

وأضاف: “كان بمدينة فاس حيان كبيران، يسمى كل واحد عدوة، عدوة القرويين وعدوة الأندلس، وتأسيس عدوة الأندلس كان سابقا للقرويين”.

وأردف: “كان في العدوتين جامع، وسرعان ما ضاق الجامعان بأهل المدينة، بسبب توافد سكان جدد وازدهار العمران، فقامت الأختان فاطمة ومريم الفهري بتشييد جامعين”.

وتابع: “فاطمة بنت جامع القرويين في عدوة القرويين، ومريم بنت جامع الأندلس بعدوة الأندلس، وذلك من مال خالص ورثتاه، فهذا المال لا يتعلق به حرام، وهو مال موروث ومؤكد حليته، سخرتاه في بناء هذه المعلمتين”.

وشيدت فاطمة الفهرية، الملقبة بـ”أم البنين”، جامعة وجامع القرويين في فاس، سنة 245 هجرية، الموافق لـ859 ميلادية.

ومنذ تأسيسهما لعب الجامع والجامعة أدوارا كبيرة في تكوين عدد من العلماء والمفكين الكبار .

ومن بين الشخصيات البارزة التي تلقت العلم بالقرويين، المؤرخ والمؤسس الذي وضع اللبنات الأولى لعلم الاجتماع، ابن خلدون، وابن البناء المشتهر بمعرفته العميقة في الرياضيات، إضافةً إلى مجموعة من العلماء مثل ابن بطوطة وابن رشد .

** فاس.. ملجأ العلماء في أوقات الفتن

وأوضح الأكاديمي المغربي، أنه “من وظائف المسجد في الإسلام الوظيفة التعليمية، حيث كان من أدوار مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم (بالمدينة المنورة)، الدور التعليمي منذ تأسيسه”.

وأفاد بأن “جامع القرويين ابتدأت فيه الدروس كغيره من الجوامع والحواضر الإسلامية عموما، ولكن سرعان ما تطور الأمر بهذا الجامع على الخصوص، إلى أن أصبحت فاس تستقطب العلماء من مختلف المناطق، لما شهدته من رخاء وأمان”.

واستدرك: “لأن فاس هي المدينة التي لم يدخلها جيش غازي عنوة، حتى عندما عرفت الدول تغييرات، وأحداث تاريخية، ظل الغزاة عندما يدخلون لفاس يدخلون بصلح واتفاق مع أصحابها”.

ولفت أن “الرخاء المادي للعلماء والأمان والاطمئنان شجعهم في كل زمان ومكان على الهجرة إلى فاس”.

وأبرز أن “تأسيس المكتبة في أول عهد (الأدارسة) بجامع القرويين ساهم في تطوير العلم”.

وأوضح أن “عددا من ملوك الأدارسة كانوا مولعين بجمع الكتب وجعلها وقفا على المكتبة”.

وأردف: “مكتبة القرويين (الأقدم بالعالم) تم تأسيسها في عهد المرينيين، حيث توجد علامة لا تزال منقوشة منذ عام 770 ه، وتتعلق بقانون إعارة الكتب، والتي لا تزال (العلامة المنقوشة) موجودة لحد الآن”.

وولدت مؤسسة “القرويين” فاطمة الفهرية عام 800 م، حيث هاجرت مع والدها محمد بن عبد الله الفهري، من القيروان إلى فاس.

وترك الفهري بعد وفاته، مالا وفيرا لفاطمة، حيث خصصته لبناء جامع وجامعة القرويين بسبب حاجة الناس لجامع آنذاك، فيما شيدت أختها مريم الفهري جامع “الأندلس” بنفس المدينة.

واستمر بناء الجامع 18 عاما، حيث ساهمت فاطمة في هندسته ومعماره، قبل وفاتها في العام 880.

** بناء النساء للمساجد والمدارس

وذكر أن “وجود الأساتذة من مختلف المناطق، إضافةً إلى احتواء المكتبة على مختلف المراجع والوثائق، ساهم في اعتماد النظام الدراسي المتبع، واكتساب مجموعة من التقاليد ترسخت شيئا فشيئا عبر التاريخ”.

وأضاف: “في العصر الحديث ومنذ بداية نشوء الجامعات في العالم والمغرب، بدأت جامعة القرويين تتخلى عن بعض الأدوار التي تقوم بها وبعض التخصصات وتنازلت عن ذلك لفائدة جامعات أخرى”.

واستطرد: “الذي بقي لحدود الآن في جامعة القرويين هي العلوم الشرعية واللغوية”.

وعن السر وراء استمرار جامعة القرويين، قال: ” أي واحد يعمل أي عمل أو يؤسس أي مؤسسة، فهو يقوم بتأسيس الجدران ولكن الأهم هو العمارة والبعد الإنساني في الموضوع، فكم من بناية هجرت ولم تذكر وكم من بناية عمرت ولم تخرب قط، فهدا تيسير وفتح من الله عز وجل”.

واستدرك: “كون فاطمة الفهرية أو مريم الفهرية اللتان قامتا بتأسيس الجامعين، وتحول جامع القرويين إلى هذه الجامعة ذات هذا الصيت، هذا توفيق وفتح من الله”.

وتابع: “بعض الناس يستغربون أن امرأة كانت وراء بناء أقدم جامعة في العالم، ولا يعرف الكثير من الناس أن (كثير من) الأوقاف والمساجد والمدارس في تاريخنا أسستها النساء، هذه الظاهرة معروفة وموجودة لغاية اليوم”.

وأوضح أنه “يوجد مسجد قرب القرويين اسمه (لغزيل) بنته سيدة من غزلها للصوف، فضلا عن كُتاب (مدرسة لتدريس القرآن الكريم) يوجد بالمسجد”.​​​​​​​

ولا تزال جامعة القرويين، إلى يومنا هذا، تحافظ على التراث الإسلامي واللغة العربية، حيث تحرص في مقرراتها على تعليم طلابها العربية الفصحى وإتقانها، فضلا عن اللغات الحية مثل الانجليزية والفرنسية.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: