أمر حكومي بمصر لكشف أسماء الإخوان بالجامعات تمهيدا لفصلهم

أمر حكومي بمصر لكشف أسماء الإخوان بالجامعات تمهيدا لفصلهم

مع إعلان وزارة التعليم العالي المصرية موعد بدء العام الدراسي الجديد، كلّف المجلس الأعلى للجامعات، الثلاثاء، رؤساء الجامعات (48 جامعة) بإعداد قوائم بأسماء العاملين والأساتذة المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين لفصلهم.


التكليف الحكومي لرؤساء الجامعات الحكومية والخاصة وجامعة الأزهر، يأتي بعد تمرير مجلس النواب المصري في تموز/ يوليو الجاري مشروع قانون، عرف إعلاميا بقانون فصل الإخوان من الجهاز الإداري للدولة، بغير الطريق التأديبي.


مراقبون ومتابعون أكدوا أن تنفيذ قانون فصل عناصر الإخوان والمقربين منهم والمؤيدين لهم من الجامعات، بداية لتجريفها من القامات العلمية والأكاديمية لحساب المنتمين للأمن والنظام العسكري الحاكم.


وقالوا أيضا؛ إن التكليف الذي صدر من المجتمعين بجامعة الأزهر يفتح الباب أمام استشراء الفساد والظلم بالمؤسسات العلمية والتعليمية، والأخذ بالبلاغات الكيدية، وتحول الأساتذة من دورهم كمعلمين إلى مهمة مهينة كمخبرين.


ويأتي القرار وفق توجهين للنظام، أولهما التخلص من تيار الإسلام السياسي بالمؤسسات والمصالح الحكومية، وثانيهما تخفيض عدد العاملين بقطاع الحكومة من 7 مليون إلى نصف هذا الرقم، في سياستين يدعمها النظام بما شاء من قوانين.


من المعروف في الأوساط العلمية والأكاديمية أن شباب جماعة الإخوان في مصر دائما ما كانوا من المتفوقين دراسيا، ونال منهم الكثيرين درجات علمية وأكاديمية في معظم التخصصات بالكليات والمعاهد الحكومية والأزهرية.


بيان المجلس الأعلى للجامعات قال: “كلّف المجلس رؤساء الجامعات الحكومية والخاصة باتخاذ ما يلزم لإعداد قوائم بأسماء العاملين المنتمين إلى قوائم الإرهابيين، أو الذين ينتمون إلى جماعات أو تنظيمات إرهابية، مثل الإخوان المسلمين”.


وأضاف: “ويسعون بشتى الطرق لإعاقة الجامعات عن تقديم رسالتها التعليمية، وذلك بهدف التخلص منهم عن طريق فصلهم بغير الطريق التأديبي”.


ونص القانون في مادته الثانية على حالات فصل الموظف إذا أخلّ بواجباته الوظيفية بما من شأنه الإضرار الجسيم بمرفق عام بالدولة أو بمصالحها الاقتصادية، أو قيام بشأنه قرائن جدية على ما يمس الأمن القومي، وإدراجه على قائمة الإرهابيين.


“ظلم متوقع”


أكاديميان مصريان في تخصصين علميين في جامعة إقليمية وبأحد أفرع جامعة الأزهر تحدثا إلى “عربي21” شريطة عدم ذكر اسميهما، مؤكدين مخاوفهما من أن يطال الأمر الحكومي الكثير من الأساتذة، وهما من بينهما.


يقول الأول: “أمتلك أوراقا خطيرة تثبت تورط مسؤول كبير في كليتي في أعمال تزوير وغش وفساد إداري ومالي على مدار سنوات، واجهته بتلك الجرائم، فكان عقابي هو الحل أمامه مع حرماني من الكثير من الامتيازات حتى أصمت”.


ويضيف لـ”عربي21″، “تعرضت لضغوط كبيرة حتى ينتهي الملف، والآن أتوقع وبكل صفاقة أن يتم اتهامي بمعاداة النظام أو الانتماء للإخوان أو وضع اسمي فيما يقولون عنها إنها كشوف أعداء البلد”.


ويؤكد أنه “لم يعد لي حيلة ولا أعرف كيف أتصرف حيال ما يمكن أن يطالنا من ظلم”.

“سيف النظام”


ويقول الثاني: “تعرضت لوشاية حقيرة من بعض الزملاء المنافسين لي في التخصص نفسه، الذين أفشوا للأمن بأني على اتصال بجماعة الإخوان المسلمين، وأنني ضد النظام الحالي”.


ويضيف لـ”عربي21″: “فوجئت بقوات غفيرة تقتحم بيتي في إحدى المحافظات فجرا، وجرى اقتيادي لمقر الأمن الوطني وتوجيه تلك الاتهامات لي، مع إهانتي بألفاظ لا تليق بأستاذ جامعي وتجويعي عدة أيام، وإخفائي قسريا لأكثر من أسبوع”.


ويتابع: “قضيت أسوأ أيام حياتي وشاء الله أن يخلي سبيلي، واليوم لم لا يعمد أولئك المدلسون مجددا للوشاية بي، والإيقاع باسمي في تلك الكشوف التي تتنافى مع كل أعراف علمية وقوانين جامعية”.


ويرى أن “تلك الخطوة ستكون سيفا مسلطا على رقاب كل أستاذ كتب يوما ما كلمة واحدة بحق النظام الحالي أو أبدى رأيا أمام طلابه أو زملائه في قضية وطنية، وسيكون السائد من اليوم لا أرى ولا أسمع ولا أتكلم”.


“يُفقد الجامعات دورها”


وفي رؤيته لخطورة تطبيق قانون فصل الإخوان في الجامعات المصرية، يقول رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام “تكامل مصر”، الباحث مصطفى خضري: ” لا تكمن خطورة هذا القانون في عنوانه”.


ويضيف لـ”عربي21″، أن “الغالبية العظمى من أساتذة الجامعات المنتمين لجماعة الإخوان ما بين سجين ومهاجر، وما بقي منهم ليسوا من الكوادر التنظيمية؛ إنما هم منتمون لعائلات إخوانية أو محسوبون على الإخوان لتعاطفهم معهم”.


الخبير في التحليل المعلوماتي وقياس الرأي، يؤكد أن “الخطورة الحقيقية في السابقة التي ستؤسس لما بعدها، فكل نظام حكم سيأتي مستقبلا سيقتدي بتلك السابقة، ويفصل أساتذة الجامعات المنتمين فكريا لنظام الحكم السابق له”.


ويعتقد أن هذا “سيخرج الجامعات المصرية عن أهدافها الحقيقية من التعليم والتثقيف والتأهيل، وتحويلها لمنطقة صراع سياسي، وهو ما ستدفع ثمنه الأجيال القادمة”.


“تجريف متعمد”


خضري، يلمح إلى أزمة تجريف الجامعات من الخبرات العلمية والأكاديمية، ويقول إن تطبيق هذا القانون “إحدى حلقات التخريب المتعمد الذي يمارسه نظام السيسي منذ 2013”.


ويوضح أن “القانون وإن كان تحت مسمى فصل الإخوان؛ إلا أنه سيستخدم لفصل كل الكوادر الجامعية المتميزة، وتفريغ الجامعات من العلماء لصالح حلفاء النظام وداعميه أبناء زايد بالإمارات والكيان الصهيوني تحديدا”.


وبشأن ما يثار عن تحويل الأساتذة والعمداء لمخبرين يمارسون الوشاية بزملائهم ويستغلون التنافس لتصفية الحسابات، يقول رئيس “تكامل مصر”: “دأب المخططون لنظام السيسي؛ على توريط أطراف كثيرة بجرائمه في حق مصر والمصريين”.


ويؤكد أنه “بذلك يوسع دائرة الخصومة، ويتفرق الدم بين الأطراف، وجعل نظام السيسي وكل من تم توريطه معه في مركب واحد، يدافعون عن هذا المركب، ويؤخرون سقوط النظام، وهذا ما يحدث تحديدا في هذا القانون”.


ويوضح أن الدرجات الوظيفية الجامعية محدودة بقوانين صارمة، وفصل الكوادر الجامعية بهذا القانون سيعقبه تعيين مستفيدين جدد سيدينون للنظام بالولاء، وسيدافعون عن بقائهم بمناصرة السيسي في ضربة مزدوجة لصالح النظام وليس الوطن”.


وبشأن تأثير كل ذلك على مستقبل التعليم الجامعي المتدني في السنوات الأخيرة من الأساس، يوضح خضري، أنه “بالرغم من تدني مستوى التعليم الجامعي في مصر؛ إلا أنه يظل الأعلى إقليميا”.


ويضيف: “بعيدا عن التقييمات الدولية التي يتم شراؤها في بعض الدول الخليجية؛ يمثل العلماء المصريون أعلى الكوادر الجامعية في الشرق الأوسط”.


ويجزم بأن “قانون الفصل العنصري الذي سيطبقه السيسي على أساتذة الجامعات المصرية؛ سيعمل على تهجير العقول العلمية وتفريغ الجامعات من الكوادر الواعدة لصالح بيزنس الجامعات الدولية في المنطقة”.


ويؤكد أنه “سيحرم مصر والمصريين من فرص التقدم العلمي، وسيسهل من تحقيق أهداف النظام بإسقاط مصر تحت سيطرة الكيان الصهيوني وحلفائه”.


“عصر المخبرين”


الإعلامي مصطفى عاشور، قال عبر “تويتر”؛ إن “قرار فصل المنتمين للإخوان، سيفتح الباب أمام الفساد والظلم والأخذ بالظن والبلاغات الكيدية”.


وأضاف: “أساسا من سيمنع أن يقوم رئيس قسم أو عميد كلية بكتابة تقارير في من ينافسه أنه منتم للإخوان، طالما أنه مسلم يصلي أو مسلم زوجته محجبة”.


وخاطب النظام المصري: “أنتم تدمرون المجتمع وتنشرون الفاشية”، قائلا: “أهلا بكم في عصر المخبرين”.

حساب “الملاك الحزين”، قال: “مصر كلها تبقى مخبرين وخباصين، بسبب قانون فصل الموظفين والأساتذة في الجامعات وقطاع الحكومة”.


وأضاف: كل موظف أو مسؤول قرفان من موظف، ينافسه على ترقية أو درجة وظيفية يبلغ عنه؛ والتهمة جاهزة؛ أنه إخوان.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: