وائل قنديل
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

أن يجرحك السيسي فتصلي للدكتور بشار

وائل قنديل
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

“ومن هذا المنطلق، نود لفت نظركم إلى بعض الإساءات والافتراءات الموثّقة التي وردت على عدد من وسائل الإعلام الروسية في الآونة الأخيرة، وسبّبت امتعاضا وتجييشا في الشارع السوري خصوصا والعربي المقاوم عموما، باستهداف شخص السيد الرئيس بشار الأسد والإساءة إليه”..

تلك فقرة من بيان نداء طويل عريض، رفعته مجموعة أطلقت على نفسها “الإعلاميين والمثقفين السوريين والعرب” إلى وزير الخارجية الروسي ولجان مجلس الدوما، تستنكر فيه استضافة قناة روسيا اليوم الناطقة بالعربية شخصياتٍ تهاجم الزعيم بشار الأسد وتسخر منه، وهو الأمر الذي يتعارض، كما يرى الموقعون، مع وحدة الدم والمصير بين روسيا وسورية، وبنص كلمات البيان “إننا نقدّر الدور الروسي في الحرب على الإرهاب، ونثمّن عالياً تضحيات القوات الروسية على أراضي سورية، حيث امتزجت دماء الأبطال الروس والسوريين في ردع وهزيمة شراذم الإرهابيين التكفيريين”.

لا شيء يفاجئ في بيان بهذا الشكل يحمل توقيعات عدد كبير من نجوم مسرح القومية العربية الدائمين منذ أكثر من ربع قرن، الذين لم يلفت نظرهم أن أكثر من ثلاثة عشر مليونًا من أبناء الشعب السوري يعيشون لاجئين، أو طالبي لجوء في مختلف دول العالم، وأن نحو نصف مليون إنسان سوري دفعوا حياتهم ثمنا لـ”تضحيات القوات الروسية على أراضي سورية”، وأن تقديرات عديدة تذهب إلى نحو 60% من تعداد الشعب السوري، قبل هذه التضحيات، يعيشون شتاتًا ونزوحًا في الخارج والداخل الآن.

ذلك كله لم يستفز مجموعة المثقفين من ذوي المشاعر المرهفة الذين تألموا للغاية من التعرّض لشخص الزعيم الإنسان الحساس الدكتور بشار الأسد في حوار على شاشة القناة السورية. غير أن ذلك كله ليس فيه ما يدعو إلى الاستغراب، أو يسترعي النظر، وإنما ما يثير الدهشة هنا هو بعض من الأسماء المصرية والعربية، التي تتحدّث كثيرًا عن انتمائها لثورات الربيع العربي، وتردّد، طوال الوقت، أنها ضد الاستبداد والطغيان، أينما وجد، ومع ذلك لم يهتز لها جفن أو تشعر بأدنى تناقض، وهي تضع توقيعها، أو تسكت على وضع توقيعها الشريف على بيان “بالروح بالدم نفديك يا بشار”، الموجه إلى موسكو.

من هذه الشخصيات يبرز اسم حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، الذي أنهي للتو فترة تأديب وعقاب على الخروج عن النص، محبوسًا احتياطيًا في زنازين عبدالفتاح السيسي، ولم يخرج إلا بقرار إخلاء سبيل مع انتشار فيروس كورونا.

تبدو المفارقة مدهشة هنا: أن يجرحك استبداد الجنرال السيسي فتسارع إلى التطوع دفاعًا عن استبداد الدكتور جزار بشار الأسد، وكأنهما نقيضان، أو أن الأخير لم يرتكب عددًا من المذابح أكثر وأبشع مما نفذه السيسي من مذابح أشهرها في ميداني رابعة العدوية والنهضة.

ما الفرق بين بشار والسيسي في نظر هؤلاء؟ هذا سؤال مطروح على الموقعين ممن يجمعون في موقف واحد بين إعلان الانحياز لمشروع ثورات التغيير العربية والدفاع عن واحد من أكلة لحم الثورة السورية.

إن أي درجة من الوعي البسيط تدرك أن المنطقة العربية يتنازعها مشروعان، الأول انطلق في العام2011  بثورات شعبية على كل أشكال الطغيان والفساد والفشل، امتد من تونس إلى مصر ثم اليمن وسورية وليبيا، والمشروع الثاني هو مشروع نظم الاستبداد العربي الذي يتحرّك على ساقين: المال النفطي المعادي للديمقراطية، والإسناد السياسي والمعلوماتي الصهيوني، الذي أدرك مبكرًا أن في الربيع العربي إحياء للقضية الفلسطينية بوصفها قضية المواطن العربي الذي ثار على أنظمته المستبدّة.

بهذا المنظور، يأتي عبدالفتاح السيسي على رأس المشروع الثاني الذي يجمع بشار الأسد في سورية وخليفة حفتر في ليبيا، فما الذي وجده أساتذة العلوم السياسية من نوعية حسن نافعة من اختلافاتٍ بين مكونات المشروع الواحد حتى يصبح الجمع بين معارضة السيسي وتأييد بشار ممكنًا؟

في أحد أيام الأسبوع الثاني من أبريل/ نيسان 2016 ، كان عبد الفتاح السيسي يقيم حفلًا غنائيًا على شرف الراعي الرسمي لانقلابه، عاهل السعودية سلمان بن عبد العزيز، في قصر عابدين، وفي اليوم نفسه كان بشار الأسد ينفذ واحدة من أبشع مذابحه في حلب، للمرة الثانية، وهل هناك توقيت أفضل من ذلك للذبح؟

رعاة الثورات والمضادة في القاهرة، التي صوتت، قبل ذلك بعام، في مجلس الأمن لصالح التدخل العسكري الروسي لسحق الشعب السوري، فلماذا يفوت الفرصة، وهو يعلم، كما قلت سابقًا، إن الرعاة يعلمون، في قرارة أنفسهم، أنه والسيسي في سلة واحدة، وأن كل دعم يحصل عليه نظام عبدالفتاح السيسي في مصر، ينعش نظامه في سورية، وهي المعادلة التي أثبتت صحتها وقائع الأيام.

على ضوء هذه المعادلة، أزعم أن كل كلمة غزل موجهة إلى بشار الأسد، تشمل عبد الفتاح السيسي أيضًا، ذلك أنها تبقى مسألة صعبة الفهم أن تكون ضد الاستبداد هنا، أو هكذا يبدو، ومعه هناك.

(العربي الجديد)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts