Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

الأزمة الدستورية في الحضارة الإسلامية: النصح للحاكم (18)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

إعداد وعرض: جميل أبوبكر

قيم الأداء السياسي                              

10- النصح من الحاكم والمحكوم:

يترتب على التوصيف الأخلاقي والقانوني للمنصب العام بانه أمانة وجوب التعامل مع كل ما يتعلق بهذا المنصب بنصح واجتهاد من طرف الحكام والمحكومين على السواء, وتجنب الغش والخيانة في ذلك .ففي الحديث: “ما من وال يلي رعية من المسلمين, فيموت وهو غاش لهم, إلا حرم الله عليه الجنة”. وفال معقل بن يسار وهو في سرير موته لاحد الجبابرة :”سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد استرعاه الله رعية, فلم يحطها بنصيحة, إلا لم يجد رائحة الجنة”.

لكن مبدا النصح في القيم السياسية الإسلامية مبدأ مشترك بين الحاكم والمحكوم. فكما يجب على الحاكم ان يبذل غاية جهده وان ينصح لرعيته قولا وفعلا فيما استودعوه من أمانة المنصب العام ,يجب على افراد الرعية النصح لحاكمهم الشرعي قولا وفعلا, فيما يسنده الى كل منهم من جزيئات تلك الامانة , سواء كان منصبا دائما, او مهام ظرفية محدودة بحدود انجازها. ففي الحديث عن تميم الداري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:”الدين النصيحة – قالها ثلاثا – قلنا لمن يارسول الله؟ قال: لله, ولكتابه, ولرسوله, ولائمة المسلمين, وعامتهم .”

ولتحقيق واجب النصح لائمة الله المسلمين,حذر النبي صلى الله عليه وسلم من تصديق الامراء في كذبهم واعانتهم على ظلمهم, فقال:”ستكون بعدي امراء من صدقهم  بكذبهم  واعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه, وليس بوارد علي الحوض. ومن لم يصدقهم  بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وانا منه , وهو وارد علي الحوض.”

ومن اهم مظاهر النصح للحكام ان لايجاملهم الناس , ولا يتملقوهم بمدح او تصويب لاخطائهم وخطاياهم وتقصيرهم فيما ائتمنوا عليه من امانة. لذلك نبه النبي صلى الله عليه وسلم على اهمية البطانة الصالحة الدالة على الخير, وحذر من بطانة السوء الدالة على الشر.

وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما من اشد الناس انكارا لتملق الحكام والتعامل معهم بوجهين ,وكان يعتبر ذلك نفاقا,نظرا الى ما فيه من مناقضة مبدأ النصح لائمة المسلمين وعامتهم .

11- رفق الراعي بالرعية :

من امهات القيم السياسية الاسلامية رفق الراعي بالرعية. فكان النبي صلى الله عليه وسلم  يوصي امراءه بالتيسير والرفق , كما في وصيته لمعاذ بن جبل وابي موس الاشعري حينما ولى كلا منهما على اقليم من اقاليم اليمن :” يسرا ولا تعسرا , وبشرا ولا تنفرا”.

ومن مظاهر الرفق ان جعل الشرع الاسلامي طاعة السلطة الشرعية مقيدة بالاستطاعة:”من بايع اماما فاعطاه صفقة يده وثمرة قلبه,فليطعه ان استطاع.”فليس لحاكم – حتى ولو كان تام الشرعية – ان يكلف رعيته من طاعته ما لا يطيقون, او يجعل امرهم عليهم رهقا, فهذا من التعسف وسوء استخدام السلطة الممنوع في شرعة الاسلام. وقد كان النبي صلى الله وسلم ارفق الحكام برعيته والينهم جانبا في معاملتهم,رحمة من الله وتفضلا.قال تعالى:” فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك.”

ولم يكتف النبي صلى الله عليه وسلم بجعل الاستطاعة شرطا في الطاعة,بل انه صلى الله عليه وسلم كان يلقن رعيته ان لا يلتزموا من الطاعة الا بما يستطيعون, على خلاف حكام الجور الذين يريدون من رعيتهم طاعة مطلقة .فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما,قال : “كنا اذا بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة,يقول لنا : فيما استطعتم”.

وقد اصر عدد من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على تذكير امراء الجور الذين عاصروهم في بداية العهد الاموي بمعاني الرفق بالرعية, وبتشديد الشرع على من شق على رعيته او تعسف في قيادتها .

وقد استلهم فقهاء السياسة الشرعية هذه المعاني النبوية فكتبوا يحضون الولاةعلى الرفق برعيتهم مسلمها وغير مسلمها . وبين الماوردي المعاني الشرعية والحكم العملية وراء ذلك , فحض الامير على ان”  يحسن الى رعيته احسان من يؤدي حق الله فيهم, ويملك به خالصة قلوبهم . فانه ان قدر على ملكة اجسادهم بسلطانه, فليس يقدر على ملكة قلوبهم الا باحسانه.”

ولاحظ ابن خلدون بنفاذ بصيرة اثار التعسف السياسي في افساد اخلاق الشعوب , وقال:” ويعود حسن الملكة الى الرفق. فان الملك اذا كان قاهرا, باطشا بالعقوبات , منقبا عن عورات الناس وتعديد ذنوبهم,شملهم الخوف والذل ولاذوا بالكذب والمكر والخديعة,فتخلقوا بهاو وفسدت بصائرهم واخلاقهم . وربما خذلوه في مواطن الحروب والمدافعات,…….الخ”.

12 – منع الاحتجاب عن الرعية :

وقد ترترتب على توصيف النص الاسلامي لموقع الحاكم باعتباره اجيرا للامة, انه لا يحل له ان يحتجب عن حاجات الناس, ولا يضع عراقيل بينه وبينهم ,تمنعهم من اسماع اصواتهم له,وايصال مطالبهم اليه,ومحاسبته على اداء الامانة التي ائتمنوه عليها. وفي حديث الرسول صلى الله وسلم:” من ولاه الله شيئا من امر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم احتجب الله عنه دون حاجته وخلته وفقره”. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة الامراء في القرب من الرعية واجتناب اقامة اي حواجزبينه وبينهم. واستلهاما لهذا الهدي النبوي نجد ان” عمر كره للوالي الاحتجاب عن رعيته”.

وحذر فقهاء السياسه الشرعية من الاحتجاب عن الرعية,فقد دعا ابن عبد الهادي الامراء الى التاسي برسول الله صلى الله عليه وسلم . واعتبربعض فقهاء السياسة الاحتجاب عن الرعية مؤذنا بخراب الدول. قال الخيربيتي:” ان الاحتجاب وقت حوائج الخلائق اعظم افة لزوال دولة الملوك, واعظم سبب لخراب المملكة “. وهذا راي سديد,لان الاحتجاب عن الرعية تفكيك للارادة الجمعية للامة, وقطيعة للرابطة الاخلاقية بين الحاكم والمحكوم .          

يتبع…

(البوصلة)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts