الأموال تنتهي والأزمة باقية.. يمنيون محبطون عقب مؤتمر المانحين

الأموال تنتهي والأزمة باقية.. يمنيون محبطون عقب مؤتمر المانحين

اليمن مجاعة

فشلت الأمم المتحدة أول أمس الاثنين في جمع 3.85 مليارات دولار لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن، وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن “خيبة الأمل” كما حذر منسق شؤون الإغاثة بالمنظمة مارك لوكوك من عدم القدرة على منع حدوث مجاعة.

وبلغت قيمة ما تعهد به المانحون في المؤتمر الذي بدا كحدث يُنظم سنويًّا 1.7 مليار دولار، أي أقل من نصف المبلغ المطلوب.

وبقدر ما يبدو أن اليمن متعطش لأموال المانحين، فإن البلد المثخن بجراح الصراع المستمر ما يزال يتحسس خطة لوقف الحرب، وينشد المجتمع الدولي أن يمارس ضغوطًا على أطراف النزاع للتوصل إلى اتفاق سلام.

ويلخص أسامة عبد العزيز، وهو شاب يعمل في قطاع الاتصالات بالعاصمة صنعاء، لسان حال معظم مواطنيه بالقول إن على المجتمع الدولي معالجة أصل المشكلة المتمثلة في استمرار الحرب وأخذها أبعادًا مختلفة محلية وإقليمية ودولية.

ويضيف للجزيرة نت “الأموال ستنتهي والأزمة باقية إذا ما استمرت الحرب، ليوقفوا الحرب أولًا”.

الأولوية للحل السياسي

أخفقت الأمم المتحدة في وضع حد للحرب الدائرة رغم إيفادها 3 مبعوثين إلى اليمن، ولجنة رابعة لمراقبة وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة، غربي البلاد، ترأسها 3 خبراء عسكريين أمميين خلال عامين. ورعت المنظمة 3 جولات من المشاورات انتهت كلها بالفشل.

ويرى الباحث في مركز كارنيغي أحمد ناجي أن المساعدات مهمة لكنها لا تحل الأزمة، والأولوية تتمثل في التوصل إلى حل سياسي.

وقال للجزيرة نت إن على المجتمع الدولي أن يفهم أن المشكلة في اليمن عميقة ومركبة تتعلق بالحالة السياسية وتلاشي الدولة وسيطرة المليشيات، مما خلف أوضاعًا إنسانية بالغة السوء.

ويضيف “تسعى الأمم المتحدة والفاعلون المباشرون وغير المباشرين إلى حل الأزمة اليمنية من الخلف، وهذا يعود إلى جهلهم بها”.

ويعزو الباحث ذلك إلى أن المجتمع الدولي يستقي معلوماته من المنظمات الإنسانية التي تقدم سردية للحرب في اليمن من منظور إنساني، في حين تغيب الأصوات اليمنية من الداخل.

مشكلة بإدارة المساعدات

تبدو الحكومة اليمنية متعطشة لأموال المانحين، وما تلبث أن تذكّر العالم بضرورة توظيف الأموال لإنقاذ العملة المحلية. وأمس الثلاثاء، حذر رئيسها معين عبد الملك -خلال اتصاله بغوتيريش- من أن استمرار انهيار عملة بلاده ينذر بحدوث “مجاعة”.

وتطالب الحكومة بأن تمر أموال المانحين عبر البنك المركزي مما يضمن توفير عملة صعبة بالسوق المحلية، ليحفظ من قيمة الريال (العملة الوطنية).

ويقول عبد الرقيب فتح، رئيس اللجنة العليا للإغاثة، وهي الهيئة التنفيذية بالحكومة المسؤولة عن توزيع المساعدات، إن مؤتمرات المانحين قدمت لليمن 9.25 مليارات دولار، لكن الأزمة مستمرة.

ويوضح فتح للجزيرة نت أن المشكلة كانت دائمًا في إدارة التمويلات، مشددًا على ضرورة تغيير وكالات الأمم المتحدة طريقة عملها، والانتقال من مرحلة الدعم المباشر إلى مرحلة تمكين أسلوب العيش.

وأضاف “طالبنا الأمم المتحدة بضرورة تطبيق اللامركزية في توزيع المساعدات، ونقلها إلى 5 مراكز إغاثية تتمتع بصلاحيات مستقلة وشاملة، بما يحقق فاعلية أكبر من حيث دراسة حالات احتياج المجتمعات المحلية وضمان وصول المساعدات”.

وأشار فتح إلى أن هناك نحو 12 منفذًا لدخول المساعدات، لكن الأمم المتحدة تستخدم 4 فقط، وهو ما يسبب زيادة في تكلفة النقل مجددا مطالبته إياها بضرورة نقل المنظمات من العاصمة صنعاء، وقال إن الحوثيين يتدخلون في أعمالها.

لا نحتاجها

أما الحوثيون، الذين يفرضون سيطرتهم على معظم المحافظات الآهلة بالسكان بما في ذلك المناطق الأشد فقرًا، فيرون أن الأولوية تتمثل في إعادة فتح المنافذ.

وقال عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثي محمد البخيتي للجزيرة نت “اليمنيون يحتاجون أولًا رفع الحصار الذي يفرضه العدوان (يقصد التحالف السعودي الإماراتي) وهذا كفيل برفع المعاناة عن اليمنيين التي زادت بمنع دخول المشتقات النفطية”.

وأضاف “لسنا بحاجة إلى هذه المساعدات مهما كان حجمها لأنها لن تكون كافية لإعالة شعب كامل”.

وأشار إلى أن ما تعهدت به السعودية في المؤتمر “لا ترقى أن تكون أموالا دعائية لتجميل صورتها، وستذهب لخدمة مصالحها في اليمن”.

أزمة ثقة

وتُتهم وكالات الأمم المتحدة بالفشل والفساد في إدارة الأزمة، وسبق أن نظم يمنيون حملات على مواقع التواصل طالبوا فيها الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بإقرار أموال المانحين.

ويرجع الصحفي علي سالم تضاؤل حجم الموارد -التي جمعها المؤتمر هذه المرة- إلى عدم ثقة المانح بالوكالات الأممية، وقال للجزيرة نت “اطّلعت على الرقابة الخارجية للمنظمات ووجدت هناك فسادا (وهو) ما أدى إلى عدم ثقة المانحين، باعتراف المراجعين”.

وأشار إلى أن برنامج الغذاء العالمي، وهو الجهة الأكبر التي تستوعب أموال المانحين، يعتمد على سجلات صندوق الرعاية الاجتماعية (حكومي) عمرها 11 عامًا.

وأضاف “تلك السجلات أُعدت لغرض سياسي، واليوم كل شيء تغيّر تماما، بعض الفقراء صاروا أغنياء”.

وصمة سيئة

قبل سنوات كان شعار الأمم المتحدة البارز في اليمن هو “كل إنسان مهم” في حين يتصدر في هذه اللحظة تصريح غوتيريش “كل دولار مهم” وهو انعكاس لحالة معظم اليمنيين المطحونين بالحرب.

ويقول الصحفي المتخصص بالشأن الإنساني صقر الصنيدي إن أي شعب لا يسره أن يصبح له مؤتمر سنوي تُجمع فيه الأموال وتقدم له المنح، ويتحول إلى واقف على أبواب الدول الأخرى منتظرًا ما يجود به ممثلوها.

ويضيف للجزيرة نت أن هناك قطاعا كبيرا من اليمنيين يريدون أن تتوقف المنح بهذه الطريقة، وأن تتبنّى وكالات الأمم المتحدة مشاريع تضمن لليمنيين استدامة.

ويختم الصنيدي بالقول “المنتفعون يتمنون استمرار هذا الوضع لنشر قناعة لدى المجتمع الدولي أن اليمن تحول إلى دولة فاشلة، والحل يكمن في تمكينهم وأقصد بهذا الحوثيين الذين دفعوا لإيصال المجتمع إلى هذا الوضع”. – الجزيرة

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: