البكاء خلف أبواب الدعوة المؤصدة

البكاء خلف أبواب الدعوة المؤصدة

نشرة ” فَاعتبِرُوا ” 89

د. عبدالحميد القضاة

         البكاء خلف أبواب الدعوة المؤصدة

      شيخٌ كبير من قرغيزستان متضلعٌ بالعلوم الشرعية واللغة العربية؛ يروي قصتهم يوم كانوا تحت الحكم الشيوعي، الذي كان يقتل من ينطق العربية ويتسمى باسم إسلامي، قال : كنّا تحت حكمهم لكنّا لم نستسلم لهم، كنّا أقوى منهم بإيماننا وإصرارنا على التكيّف.

      كان آباؤنا يحفرون أنفاقاً تحت الأرض على عمق بعيد، تُفضي إلى أقبيةٍ وإلى فصولٍ  ومدارسَ تستوعبُ عشرات الأطفال، وكان الوالدان إذا بلغ طفلهما الخامسة من عمره، تسلّلوا به في جُنح الظلام، خلف مُرشد المدرسةِ حتى يبلغ الطفلُ فوهة النفق، وعادةً ما تكون في حجرة من بيت مهدوم، وهنا تستلمهُ المدرسة لينضم إلى رفاقه تحت طباق الأرض، ليغيبَ سنتين، ليخرجُ بعدها وقد حفظ القران الكريم ومن الحديث ما قُدِّر عليه.

      كانت الشيوعيةُ جاثمةً بكل جبروتها حتى ظنت أنها قطعت صلتهم بالإسلام؛ لكنّ جيلا كان يترعرعُ تحت الأرض يتشرّبُ الإسلام، كان تحت الأرض دعاةٌ ومصلحون، حيث لا شمس ولا هواء، وإنما عملٌ شاقٌ وخطير، ثمنه حياة أحدهم ومن معه لو اُفتضح أمره .

      كانوا يبنون جيلاً في أقسى ظرف، فلم يخضعوا لواقعهم المتوحش، فلمّا سقطت الشيوعية، خرجت هذه الطلائعُ إلى الشمس، لتُعيد البلاد إلى هويتها، فما هي إلاّ سنواتٍ حتى كانت تلك الولايات الشيوعية تضج بالأذان والصلاة، بدُعاتها الذين نبتوا فِي أعماق الأرض.

      هذا الدينُ مكينٌ راسخٌ، أنزله الله ليبقى، ولن تطمسه أيةُ قوةٍ، لكن قد يُبتلى الدعاة بأيام شداد، ليمتحن اللهُ صدقهم وصبرهم، فإذا ألقى الدعاةُ السلاحَ وسلموا الثغورَ تحججا بالظروف القاسية، إذا جلسوا  يبكون على أبواب الدعوة التي أُقفلت، وتركوا خلفهم ألف بابٍ مفتوحٍ، وألف وسيلةٍ متاحةٍ؛ فاعلم أنهم  وقعوا في حبائل اليأس، وأنهم لم يمتثلوا أمر ربهم بالتحرّف للدعوة، والانحياز إلى الممكن من برامجها، وإنما استكانوا للعُذر المصنوع، والحُجة المزيفة، وخسروا شرف الصمود وأجر الصبر، فيوشك اللهُ أن يستبدلهم . 

بطل سقط من التاريخ بفعل فاعل

      شيخ الأزهر جاد الحق علي جاد الحق أعلن بفتواه الشهيرة أنّ من يذهب إلى القدس من المسلمين آثم آثم، وعندما جاء رئيس الكيان الصهيوني عيزرا وايزمان فى زيارة إلى لقاهرة رتبت له الرئاسة لقاء مع شيخ الأزهر دون علمه، فما كان من أسد الأزهر إلاّ أن رفض مقابلته رفضا قاطعا، وقال لن ألوث يدي بمصافحة قتلة أطفالنا ومغتصبي أرضنا ، وأصر على موقفه رغم الحرج البالغ الذي سببه للحكومة والرئاسة والرئيس مبارك في حينها.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: