التاريخ يجيب عن سؤال “متى ينتهي كورونا؟”.. هذا ما حدث مع الأوبئة

التاريخ يجيب عن سؤال “متى ينتهي كورونا؟”.. هذا ما حدث مع الأوبئة

البوصلة – في الوقت الذي كان العالم يستعد فيه للقضاء على الوباء الذي خلّف قرابة 5.5 مليون وفاة، بعد أن وصلت جرعات اللقاح المعطاة إلى أكثر من 9 مليارات جرعة، أعلنت منظمة الصحة العالمية عن نوع جديد مثير للقلقـ “أوميكرون” (omicron)، الذي يبدو أنه أسرع انتشاراً وأكثر خطورة.

ومع دخول جائحة كورونا عامها الثالث، وسيطرة متحور “أوميكرون” على العالم من جديد بعدما مُلئت المستشفيات بالمرضى وارتفعت أعداد المصابين إلى مستويات قصوى، لم تعُد الآمال في إنهاء تفشي المرض في عام 2022 مشرقة، خصوصاً أن الأخبار المتداولة تُشير إلى إمكانية عودة تطبيق سياسة الإغلاق.

السؤال الآن: هل سينتهي هذا الوباء أم ماذا؟ وما الطريقة المثلى للقضاء عليه؟ دعونا نرَ في هذا التقرير ما الذي حدث مع الأوبئة السابقة، وكيف استطعنا التغلب عليها، فهذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها البشرية وباءً يبدو أنه لا يمكن وقفه.

الإنفلونزا الإسبانية

بدأت الإنفلونزا الإسبانية بشكل غير واضح لتصبح سلالة قاتلة بشكلّ خاص من إنفلونزا (H1N1) لأول مرة في الولايات المتحدة على الأرجح، لا في إسبانيا كما يبدو من اسمها.

ويُعتقد أن ثلث سكان العالم أصيب بالإنفلونزا الإسبانية خلال ذلك الوباء، وكان معدل الوفيات فيها من 10% إلى 20% على مستوى العالم. وكان نصف الأشخاص الذين ماتوا بسبب هذه الإنفلونزا عام 1918 في العشرينيات والثلاثينيات من العمر.

ومات ما يقرب من 675 ألف شخص في أمريكا وحدها من بين 103.2 ملايين نسمة. لم تُطوَّر لقاحات الإنفلونزا حتى الثلاثينيات من القرن الماضي، ولم تصبح متاحة على نطاق واسع إلا بعد عقد آخر.

إذاً كيف تغلبنا على الإنفلونزا الإسبانية؟ لم نتغلب عليها، بل نجونا منها بعدما أصيب الجميع ولم يبقَ أشخاص جدد للتعرض للإصابة. في النهاية مرّ الفيروس بعملية تسمى التوهين أدَّت إلى ضعفه وتقليل تأثيره السيئ.

وحتى اليوم لا يزال لدينا سلالات منحدرة من الإنفلونزا الإسبانية، لكنها أصبحت مرضاً يمكن علاجه والسيطرة عليه، وليست جائحة.

شلل الأطفال

سجّل أول وباء لشلل الأطفال في الولايات المتحدة في عام 1894، فيما تفشى المرض طوال النصف الأول من القرن العشرين، ممَّا أدَّى في المقام الأول إلى قتل الأطفال وترك عديد من المصابين مشلولين.

وبينما وصل شلل الأطفال إلى مستويات وبائية عالمية بحلول أربعينيات القرن الماضي، سجلت الولايات المتحدة أكثر من 600 ألف حالة إصابة بشلل الأطفال في القرن العشرين، ونحو 60 ألف حالة وفاة، بنسبة إماتة تبلغ 9.8%.

وكان شلل الأطفال بلاءً لكل أم، فقد كان الوباء شديد العدوى، ومثله مثل كوفيد-19 يمكن أن يكون له آثار مدمرة طويلة المدى ولو نجوت من المرض. فقد كان الرئيس فرانكلين روزفلت من آلاف الأشخاص الذين عانوا من شلل دائم بسبب الإصابة بشلل الأطفال.

وفي عام 1955 حدثت المعجزة بعد أن أوجد العلماء لقاح لمكافحة الوباء، إذ أثبتت جرعة من لقاح شلل الأطفال فاعليتها بنسبة 90% تقريباً، على غرار فاعلية لقاحات كورونا الحالية. وبحلول عام 1979 قُضي على شلل الأطفال في الولايات المتحدة بفضل اللقاحات.

الجدري

لوحظ المرض في النصف الشرقي من الكرة الأرضية، ويعود تاريخه إلى عام 1157 قبل الميلاد، وقد جلبه المستعمرون الأوروبيون لأول مرة إلى السكان الأصليين في أمريكا الشمالية الذين لم يتعرضوا له من قبل في أوائل القرن السادس عشر. اقترحت دراسة أُجريَت عام 2019 أن الجدري والفيروسات الأخرى التي أدخلها المستعمرون قتلت ما يصل إلى 90% من السكان الأصليين في بعض المناطق.

على الصعيد العالمي قتل الجدري أكثر من 300 مليون شخص في القرن العشرين فقط، تبلغ نسبة إماتته نحو 30%، وذلك قبل استحداث وسيلة لإصابة الناس بنسخة ضعيفة منه، قبل وقت طويل من وجود اللقاحات، إذ يُعتقد أن رجلاً مستعبَداً يُدعى أنسيمس أدخل مفهوم التلقيح ضد الجدري إلى أمريكا الشمالية في عام 1721 عندما أخبر مالك العبيد كوتون ماذر أنه خضع له في غرب إفريقيا.

فيما اختبر إدوارد جينر لأول مرة لقاح الجدري الذي ابتكره في إنجلترا عام 1796، لينتشر عقب ذلك التطعيم في جميع أنحاء العالم، وتصبح الوفيات الناجمة عن الجدري أقلّ انتشاراً بمرور الوقت.

وفي عام 1959 أعلنت منظمة الصحة العالمية خطة للقضاء على الجدري عالمياً من خلال التطعيم، وأعلنت القضاء على المرض فعلياً عام 1980، وبات بذلك الجدري المرض الوحيد الذي نجحت البشرية في القضاء عليه تماماً.

فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز)

في عام 1981 أعلنت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) عن الحالات الأولى لما أطلق عليه لاحقاً الإيدز، إذ انتشر فيروس نقص المناعة لسنوات قبل أن يعرف العلماء على وجه اليقين كيفية انتقاله. لم تأخذ إدارة ريغان فيروس نقص المناعة البشرية على محمل الجدّ لسنوات، ومات ما يقرب من نصف الأمريكيين الذين أصيبوا بفيروس نقص المناعة البشرية في أوائل الثمانينيات بسبب حالة مرتبطة بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز في غضون عامين.

بلغت الوفيات الناجمة عن فيروس نقص المناعة البشرية ذروتها في التسعينيات، فيما توُفّي نحو 700 ألف شخص في الولايات المتحدة بسبب أمراض مرتبطة بفيروس نقص المناعة البشرية خلال الـ40 عاماً التي شهدت ظهور المرض.

اليوم، نعرف كيف نمنع انتشار فيروس نقص المناعة البشرية، وقد تطورت علاجاته إلى الحدّ الذي يمكن أن يجعل التدخل المبكّر لعلاجه أمراً ممكناً وسهلاً.

سارس

ظهر سارس لأول مرة في الصين عام 2002 قبل أن يشقّ طريقه إلى الولايات المتحدة و28 دولة أخرى، وهو فيروس يصيب الجهاز التنفسي، من عائلة فيروسات كورونا التي تضمّ كوفيد-19.

على الصعيد العالمي، أُصيبَ أكثر من 8000 شخص بفيروس سارس في أثناء تفشي المرض، وتوُفّي 916 شخصاً.

في حالة سارس، توقف المرض عن الانتشار قبل صنع لقاح أو علاج، ومن خلال الدراسات والأبحاث التي أُجريَت على عائلة كورونا تَمكَّن العلماء من وضع الأساس لتطوير لقاحات كوفيد -19 المتوافرة لدينا الآن.

إنفلونزا الخنازير

تنحدر إنفلونزا الخنازير من نفس سلالة الفيروسات التي تنحدر منها الإنفلونزا الإسبانية، لكن نسبة إماتته كانت قليلة؛ بلغت نحو 0.02%، فيما كانت 80% من وفيات إنفلونزا الخنازير بين الأشخاص الذين تقلّ سنهم عن 65 عاماً.

اكتُشف لأول مرة في كاليفورنيا في 15 أبريل/نيسان 2009، وأعلن مركز السيطرة على الأمراض وإدارة أوباما حالات طوارئ للصحة العامة قبل نهاية ذلك الشهر. وكما هو الحال مع COVID-19 ، ارتفعت زيارات المستشفيات، وأغلق مئات المدارس أبوابها مؤقتاً.

وبينما أطلقت اللقاحات الأولى للوقاية من الإنفلونزا H1N1 في أكتوبر/تشرين الأول 2009، أعلنت منظمة الصحة العالمية نهاية جائحة إنفلونزا الخنازير في أغسطس/آب 2010. ولكن مثل الإنفلونزا الإسبانية، لم تختفِ إنفلونزا الخنازير تماماً.

إيبولا

بين عامَي 2014 و2016، أصيبَ أكثر من 28 ألف شخص غربيّ إفريقيا بفيروس إيبولا، توُفّي منهم 11 ألفاً و310 أشخاص، بنسبة إماتة بلغت 39.5%.

فكيف تجنبنا الإصابة بإيبولا؟ على عكس COVID-19 لا ينتقل فيروس إيبولا في الهواء، ولا ينتشر بلا أعراض. فالفيروس ينتشر من خلال سوائل أجساد الأشخاص الذين يعانون من الأعراض بنشاط، إما مباشرةً وإما من خلال الفراش والأشياء الأخرى التي لمسوها. إذا لم تكن على بعد 3 أقدام من شخص مصاب بالإيبولا، فلا خطر للإصابة به.

وبمجرد تسليم المعدات المناسبة للمناطق المتضررة واتخاذ العاملين في مجال الرعاية الصحية وعائلات الضحايا الاحتياطات، سُيطِرَ على المرض.

انتهت جائحة إيبولا عام 2016، لكن من المحتمل جداً أن نشهد حدثاً آخر للإيبولا في المستقبل، لهذا وُوفِق على لقاح لإيبولا من إدارة الأدوية الفيدرالية عام 2019.

TRT عربي

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: