د. رامي عياصره
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

السياسة الأمريكية الشرق أوسطية ما بعد الهزيمة في أفغانستان

د. رامي عياصره
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

تشكل الهزيمة الامريكية في افغانستان نقطة تحوّل مهمة في سلوك السياسة الامريكية في منطقة حيوية من العالم مثل منطقة الشرق الأوسط.

 وقد جرى الكثير من التحليل في محاولة لرصد ذلك التحول في السياسة الأمريكية ومدى تأثيرها على شكل المنطقة وطبيعة التحالفات فيها خاصّة وانها تشكل ميدان من ميادين التدافع بين المحور الغربي بقيادة الولايات المتحدة وبين المحور الشرقي – إن صح التعبير – الذي يتمثل في الصين وروسيا بما يعيد الى الأذهان مرحلة الحرب الباردة بين المعسكرين.

تحدث مارتن إنديك قبل ايام في مقال مهم في مجلة ” فورن أفيرز ” – تمت ترجمته الى العربية- عن التحولات الاستراتيجية في السياسة الأمريكية في التعامل مع هذه المنطقة المضطربة من العالم – منطقة الشرق الأوسط – حيث ينصح هذا السياسي العريق الذي عمل مبعوثاً لبلاده في منطقة الشرق الأوسط وسفيرا لها في ” اسرائيل ” ينصح بأن تصوغ الولايات المتحدة استراتيجية جديدة ازاء الشرق الأوسط تقوم على إقرار النظام وليس على تحقيق السلام وذلك بهدف تحقيق حالة من الاستقرار لأطول مدة ممكنة.

يقر إنديك أن ثمة جملة من المتغيرات حدثت في المنطقة منها وأهمها تراجع أهمية المنطقة بالنسبة للولايات المتحدة بسبب أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تعد تعتمد على تدفق النفط من منطقة الخليج وأصبحت مكتفية ذاتياً من موارد الطاقة، وأن الزعماء الامريكيين لا يميلون على الأرجح الى افتعال حروب مرة أخرى فهم لن يحظوا بتأييد شعبي كبير.

في ذات الوقت هناك نزاعات في المنطقة أدت الى وجود دول فاشلة مثل سوريا واليمن يُخشى أن تظل مرتعاً خصباً محتملاً للارهابيين – على حد وصفه – بمقدورهم ضرب امريكا وحلفائها في اي مكان.

أما ما يخص القضية الفلسطينية التي قال بشأنها  مبعوث السلام السابق للشرق الأوسط – إنديك –  أنه لم يكن لواشنطن رغبة كبيرة في معالجة الصراع العربي الإسرائيلي،  لكن هذا لا يعني تجاهل القضية.

فبالرغم من الطبيعة المعقّدة وهشاشة الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط فإن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تدير الظهر لهذه المنطقة من العالم التي تتمتع بأهمية جيوستراتيجية نظراً لوقوعها في مفترق الطرق بين قارتي اوروبا وآسيا .

في هذه الاثناء وقعت النهاية ” المخزية ” – على حد وصفه – للحرب الامريكية في افغانستان التي شبهها بلحظة الانسحاب الامريكي من فيتنام التي سببت التراجع من جنوب آسيا.

ضمن جملة هذه المعطيات يقترح مارتن إنديك أن تحل الدبلوماسية محل اللجوء إلى القوة في تبني استراتيجية ” كيسنجرية ” قوامها التعامل مع الصراعات الرئيسة في المنطقة بخطوات تدريجية ترتكز على إقرار النظام وليس السلام لأن السلام في الشرق الأوسط لم يكن هدفاً يمكن تحقيقه ولا حتى مرغوباً فيه، مع إدراك أن تحقيق توازن القوة ليس كافياً لتحقيق ذلك ، فمن أجل أن يكون النظام مستداماً لابدّ أن يكتسب مشروعية ، وذلك يعني أن على كل القوى الرئيسة داخل النظام الالتزام بمجموعة من القواعد المقبولة بوجه عام التي لا تقتضي بالضرورة الاستجابة لكل المظالم.

وتشكل هذه الاستراتيجية من وجهة نظر إنديك أفضل طريقة لتفادي اندلاع حرائق أخرى او انفجار أزمات غير متوقعة تبدو في حالة سبات.

وأنه يتعين على صنّاع السياسة الخارجية الامريكية توخي الحذر في جهودهم اثناء إقرار النظام وتحقيق الاستقرار من خلال ابرام صفقات إنهاء النزاعات، كما ينبغي لهم تجنب الاستهانة بهذه النزاعات لأن  ذلك قد يقوّض النظام ذاته.

وأوضح إنديك أن على واشنطن ألا تحاول إعادة صياغة المنطقة وفق تصورها هي، وانما بما ينسجم مع واقع المنطقة.

من جملة ما قدّمه سياسي مخضرم من مثل مارتن إنديك ومراقبة سلوك الادارات الامريكية من فترة رئاسة اوباما الى بايدن اليوم نعلم أن ثمة سياسة امريكية جديدة في التعامل مع مختلف ملفات وقضايا المنطقة، يظهر ذلك بوضوح من خلال الانسحابات الامريكية المتوالية من العراق ثم افغانستان وبنسبة كبيرة من سوريا وسحبها لمنظومة الباتريوت من السعودية واعادة انتشار قواتها في المنطقة بالاضافة الى حثها السعودية بانهاء الحرب في اليمن ، واعادة تأهيل النظام السوري من خلال وكلائه في المنطقة وفق تصور يقوم على التأثير على سلوك النظام واعادة انتاجه بما يحقق حالة من النظام والاستقرار الممكن في سوريا.

بالاضافة لدعم العملية السياسية في ليبيا على حساب الحلول العسكرية التي يمثل خليفة حفتر رأس الحربة فيها والدفع باتجاه اجراء انتخابات تؤسس لحالة من النظام والاستقرار .

أما ما يخص القضية الفلسطينية فان السياسة الامريكية تميل الى تلبية رغبات اطراف النزاع بما يحقق معادلة استمرار الهدوء والاستقرار وعدم ذهاب أي من طرفي المعادلة الى التصعيد العسكري سواء من طرف المقاومة في غزة او من طرف الاحتلال الإسرائيلي،  وهنا يتوجب على المقاومة رفع وتيرة المطالبة برفع الحصار بشكل كامل ونهائي عن قطاع غزة بعد إتمام صفقة تبادل الأسرى المرتقبة وإلا فما قيمة سلاح المقاومة اذا بقيت غزة محاصرة بهذا الشكل المخالف للمنطق والمعقول وللقوانين والأعراف الدولية ؟!

في ذات الوقت الذي تتحدث فيه الادارة الامريكية عن حل الدولتين فهي على قناعة أنه حل ما عاد ممكناً او مرغوباً به ” اسرائيلياً ” ولا امريكيا ، لذلك فان البديل المطروح هو تقديم حلول اقتصادية وتنموية تشكل بديلاً عن الحل السياسي للقضية الفلسطينية.

وفي النظر الى سلوك السياسة الأمريكية مع ايران نرى أن ذات السياسة هي المتبعة في التعاطي مع الملف النووي الإيراني القائم على الدبلوماسية والمفاوضات،  وما يرافقه من ضبط الادارة الامريكية للميول الاسرائيلية باتجاه ضرب المنشآت النووية الإيرانية عسكرياً مما ينذر باندلاع حرب لا تريدها ولا ترغبها الولايات المتحدة الأمريكية، وبنفس الوقت لا يمكنها الوقوف في موقف المتفرج فيما لو اندلعت، الأمر الذي يوقعها في الحرج .

بقي الحديث عن ملف الاصلاح السياسي والتحول الديمقراطي في الدول العربية مثل مصر والاردن والسودان وتونس، فان السياسة الأمريكية ليست حاسمة باتجاه حث الانظمة والحكومات العربية تجاه انتاج حالة كاملة نحو التحول الديمقراطي المطلوب ، ولكنها بكل تأكيد غير راضية عن استمرار حالة التفرد بالسلطة والاستمرار في حالة قمع الحريات العامة وتدهور حالة حقوق الانسان من مختلف الجوانب، وعليه فهي ترغب بحالة من الانفتاح السياسي بما يحقق السياسة الأمريكية الجديدة في المنطقة المتمثلة بإقرار النظام والاستقرار وتجنب اي احتمال لانفجارات اجتماعية او سياسية محتملة.

في هذا السياق باعتقادي أنه يتوجب على الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في المنطقة أن يعلموا أن ارساء حالة مستدامة من النظام والاستقرار في المنطقة ينبغي أن يقوم على تلبية متطلبات الشعوب واشواقها نحو العدالة والحرية وحقوق الإنسان وإرساء ديمقراطية حقيقية وليست شكلية او زائفة ، تلك الديمقراطية التي تقوم على المشاركة في صناعة القرار ومحاربة الفساد و وقف دعم الانظمة الفاسدة التي تفتقد لأدنى معايير الحوكمة والحكم الرشيد.

وتحقيق تنمية اقتصادية تنعكس على الوضع الاجتماعي في الدول،  وتنزع صواعق التفجير المجتمعي وتتجنب محركات ودوافع العنف والارهاب المتمثل بالفقر والبطالة واليأس وغياب العدالة وسوء توزيع السلطة والثروة والمال.

بغير حلول جذرية و واضحة فان حالة الاستقرار تبقى هشة وغير مؤكدة.

(البوصلة)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts