الشهيد كميل.. فتى “طبّع” بدمائه وصوّب اتجاه البوصلة

الشهيد كميل.. فتى “طبّع” بدمائه وصوّب اتجاه البوصلة

البوصلة – رغم عدم تجاوزه 17 عامًا؛ إلا أنه قرر أن يكسر حلقة الصمت بعملية فدائية في باب حطة بقلب مدينة القدس المحتلة؛ ليعيد إلى الذاكرة سيرة مجموعة من شبان البلدة في نفس العمر نفذوا عمليات شبيهة في الموقع قبل سنوات.

في لحظة مفاجئة؛ اقتحم الفتى محمود كميل مساء الإثنين 21 ديسمبر/ كانون أول الجاري، منطقة باب حطة أحد أبواب المسجد الأقصى في البلدة القديمة وأطلق الرصاص تجاه الجنود والمستوطنين من سلاح آلي مصنع محليًا (كارلو)، قبل أن تلاحقه شرطة الاحتلال ويرتقي شهيدًا.

وقالت وسائل إعلام عبرية إن العملية، التي نفذها فتى قباطية شمالي الضفة الغربية المحتلة؛ أدت لإصابة جندي إسرائيلي بالرصاص.

كان لافتًا ما نشره الشهيد محمود على صفحته بفيسبوك قبل نحو شهرين، إذ كتب: “قُتل ابن عائلتي على يد ابن عائلة أخرى؛ فغضبنا وأحرقنا بيوتهم ومحلاتهم وسياراتهم، وأطلقنا آلاف الرصاصات عليهم، وتوعدنا بقتل أفضل شخص في عائلتهم، وترحيلهم وتشريدهم، والرد بأعظم من ذلك..”.

وأضاف “قُتل ابن عائلتي على يد جندي من قوات الاحتلال؛ فهتفنا بأعلى أصواتنا: بالروح بالدم نفديك ياشهيد، يا شهيد ارتاح ارتاح واحنا نواصل الكفاح، ثم عدنا إلى بيوتنا سالمين….”.

وختم الشهيد منشوره بآيات من القرآن الكريم: “أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين”، “يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم”.

ولئن كانت هذه العبارات تعبر عن غضب الشباب مما آلات إليه الأوضاع العامة؛ إلا أنها تنم عن وعي ترجمه في محاولته إعادة البوصلة لخط المقاومة بما امتلك من مقومات ذاتية متواضعة.

كان محمود طالبًا في الفرع التكنولوجي في الثانوية العامة، ويفترض أن هذه السنة ستحدد مستقبله نحو التعليم الجامعي، إذ كان طموحًا في إكمال دراسته في فرع التكنولوجيا.

والشهيد ليس بعيدًا من الناحية العملية عن هذا المجال؛ فهو يعمل منذ عامين مع والده في محله الخاص ببيع وتصليح الهواتف النقالة.

في يوم العملية، “خرج محمود كالمعتاد في العاشرة صباحًا متوجهًا إلى محل والده، وكان مبتسمًا مرحًا، ولم يكن ينقصه شيء؛ لكن هذه طريقه التي اختارها”، وفق ما تقول والدته لوكالة “صفا”.

ولساعات بعد العملية؛ ظل اسم الشهيد غير واضح؛ إلا أنه بدأ يُعرف بعد ذلك في بلدته قباطية.

وتضيف والدته “لم نعلم شيئًا. لساعات اتصلنا بمحمود لكن هاتفه لا يرد؛ فأيقنا أن شيئًا ما حدث، ومع كثرة سؤال الناس بدأ يراودنا الشك، إلى أن تلقى والده اتصالًا من الإدارة المدنية لجيش الاحتلال في معسكر سالم تطالبه بالحضور”.

أما والده فيقول لوكالة “صفا”، “استدعاني ضابط المخابرات ليخبرني أن ابني قُتل؛ فسألته لماذا قتلتموه؟، فقال: لقد أطلق النار علينا”.

ويشير والد الشهيد إلى أن ضابط المخابرات الإسرائيلي توعده بهدم بيته، مضيفًا “قلت له: لن يهمنا البيت ما دام ذهب من هو أغلى من البيت”.

ومحمود أوسط إخوته، إذ يكبره أخوان وتصغره أختان، ولكنه كان مميزًا بروحه ووعيه وذكائه وحبه لمساعدة الآخرين واعتماده على ذاته.

وكان محمود يعمل ويساند والده، وفي نفس الوقت منتظمًا في دراسته، وجادًا بها، وطموحًا لمستقبل أفضل.

ويؤكد والده أنه يحترم إرادة ابنه والطريق التي اختارها.

ويلفت إلى أن “سياسة الاحتلال في العقاب الجماعي ليست جديدة، وتنم عن عقلية انتقامية يخبرها الفلسطينيون جيدًا”.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: