“الضمان الاجتماعي”… سحب مليار دينار إضافية من اقتصاد السوق منذ زيادة نسبة الاقتطاع

“الضمان الاجتماعي”… سحب مليار دينار إضافية من اقتصاد السوق منذ زيادة نسبة الاقتطاع

في حين انتهى العمل بقرار كان رئيس الوزراء عمر الرزاز أصدره استنادا لقانون الدفاع يتعلق بتأجيل دفع المؤسسات والعمال لنسبة تغطية الشيخوخة، للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، للأشهر آذار (مارس) ونيسان (ابريل) وأيار (مايو) الماضية وتقسيطها دون فوائد، على أن تعود الاقتطاعات مع نهاية حزيران (يونيو) الحالي الى ما كانت عليه قبل إصدار القرار، يؤكد خبراء عماليون ضرورة التفكير بخفض قيمة الاقتطاعات، كونها “مرتفعة للغاية وان العمل على تأجيل دفعها سيؤجل المشكلة فقط، ولن يلغيها”.


ويرى هؤلاء الخبراء ان ارتفاع اشتراكات الضمان “يعد سببا رئيسيا لاتساع قطاع العمالة غير المنظمة، ويقلل من استحداث فرص عمل جديدة في القطاع المنظم نتيجة ارتفاع كلفة استخدام العمالة، ويدفع المؤسسات إلى العمل بالحد الأدنى من العمالة، وهو ما يساهم في زيادة معدلات البطالة”.


إلى ذلك، يؤكد مدير بيت العمال حمادة أبو نجمة ان “الآثار الاقتصادية السلبية لفيروس كورونا ستمتد لفترة طويلة حتى وإن انحسر المرض”، موضحا ان الأردن “سيبدأ قريبا بتملس هذه الآثار خاصة أصحاب الشركات والمؤسسات الخاصة”.


ويرى ان “على الحكومة تعديل قانون الضمان الاجتماعي بحيث يتم تخفيض قيمة الاقتطاعات التي يتم تقاضيها من الشركات”.
كما يؤكد أبو نجمة أن الزيادة على نسبة الاقتطاعات في تعديل القانون العام 2014 لتصل إلى 21.75 % على صاحب العمل والعامل، “ساهمت بزيادة معدلات التهرب، وعدم تسديد الاشتراكات، فضلا عن أنها أثقلت كاهل المشمولين، وتؤثر سلبا على أوضاع المنشآت الاقتصادية، وقدرتها على المنافسة، والاستمرار بتأدية أعمالها، خاصة في ظل الأعباء الأخرى المترتبة عليها، ومنها كلف الطاقة والضرائب والرسوم”، لافتا إلى توصية البنك الدولي للحكومة بتخفيض الاقتطاعات لانعاش الاقتصاد وزيادة النمو.

ويوضح أن الزيادة على اقتطاعات الضمان منذ العام 2014 “يزيد حجمها كسيولة مسحوبة من الشركات والأفراد على مليار دينار حتى الآن، وهو ما يعادل 5.8 % من حجم الاقتصاد، علماً بأن دراسة للبنك المركزي الأوروبي للعام 2007 أكدت أن زيادة 1 % من العبء الضريبي أو عبء التأمينات الاجتماعية، تتسبب بخفض النمو الاقتصادي بنسبة تتراوح ما بين نصف و1 %”.


ويقول أبو نجمة، إن تقسيط الاقتطاعات، يمثل أحد الحلول لتشجيع المؤسسات والأفراد على الالتزام، “لكنه حل آني وجزئي لن يعالج أسباب المشكلة من جذورها، والمتمثلة بالتوجه جديا إلى تخفيض نسبة الاقتطاعات”، وفي الوقت نفسه تكثيف الجهود الرقابية للمؤسسة على المنشآت، لضمان توفير تأميناتها الاجتماعية للعاملين وفق نص القانون، وبقيمة الأجر الحقيقي للعامل.


بدوره، يقترح الخبير الاقتصادي جواد عباسي أن يعطى المشترك بالضمان الاجتماعي الخيار (بدون أي اكراه) بـ”استرداد ما اقتطع منه للضمان مقابل تأجيل حقه بالتقاعد المبكر عاما بعام”. أي يكون الخيار لأي مشترك بالضمان “توقيع اتفاقية ملزمة مدتها سنة قابلة للتجديد برضى الطرفين يلتزم فيها الضمان الاجتماعي بإعادة 7.5 % المقتطعة شهريا من راتب المشترك طيلة السنة مقابل ان يستغني الموظف عن حقه بالتقاعد المبكر لمدة سنة”. ويوضح أن الموظف يحصل فعليا بهذه الطريقة على 7.5 % من راتبه (الزيادة المحسوسة الفعلية تكون بنسبة 8.1 % على الأقل) مقابل ان يؤجل حقه بالضمان المبكر لسنة”.


ويقول عباسي “إذا كان العامل يستحق التقاعد المبكر على سن الخمسين يؤجل هذا الحق الى سن الواحد والخمسين. وبهذا المقترح يعالج الضمان مشكلة مؤرقة بتأخير التقاعد المبكر اختياريا لمن يرغب وبهذا يحسن فرص ديمومة صندوق الضمان للأجيال القادمة، وبذات الوقت يحصل من يرغب بتأجيل حقه في التقاعد المبكر على زيادة جيدة على راتبه الفعلي بنسبة تتجاوز 8 % تصرف في الاقتصاد كاستهلاك أو استثمارات صغيرة جديدة”.

ويؤكد ضرورة تقليل نسبة اقتطاع الضمان من 21.75 % الحالية الى “أقل من 12 % بموازاة رفع سن التقاعد المبكر الى 58 عاما والتقاعد العادي الى 62، وايجاد حوافز للتقاعد على سن 65 أو 67 ومساواة سن التقاعد للنساء والرجال”.
وشدد عباسي على إيجاد حوافز ضريبية لأصحاب العمل والموظفين من ضريبة الدخل أو استحداث رديات ضريبة مبيعات لكل من يرغب في التوفير لتقاعده الخاص بنظام يشبه تجارب الدول الأخرى مع وضع قيود على السحب من حساب التقاعد الخاص قبل سن الستين مثلا.


وكان مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض قال في تصريحات صحفية سابقة، إن “اقتطاعات الضمان المعمول بها حاليا مرتفعة، مقارنة مع الحمايات الاجتماعية التي تقدمها منظومة الضمان، حيث تبلغ 21.75 % من مجمل الأجر الشهري للعامل”، شاملة تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة، وتأمين إصابات العمل والأمومة والتعطل عن العمل، يتحمل العامل منها 7.5 %، فيما يتحمل صاحب العمل 14.5 %”.


ويرى أن “هذه النسب المرتفعة أرهقت الاقتصاد، وزادت من الضغوط التي يعاني منها في هذه الأوقات الحرجة” خاصة وأننا نعاني من حالة تباطؤ اقتصادي مستمر منذ عدة أعوام، كما “ساهمت بزيادة معدلات البطالة، لأن العديد من منشآت القطاع الخاص تحجم عن توظيف المزيد من العاملين، بسبب ارتفاع اقتطاعات الضمان التي تعتبر بمنزلة (ضريبة اجتماعية) إلى جانب الضرائب الأخرى”.

ويؤكد أن المعدلات المرتفعة لاقتطاعات الضمان “ساهمت أيضا بزيادة مستويات التهرب التأميني بمختلف أشكاله”، لافتا الى “أن آلاف المنشآت في القطاع الخاص، تمتنع عن تسجيل كل أو جزء من عامليها في الضمان، أو أنها تسجل العاملين بأجور تقل عن أجورهم الحقيقية، ما أدى ويؤدي لإضعاف منظومة الحماية الاجتماعية”.

الغد

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: